قائد جمعية قدماء الكشافة الإسلامية ل "أخبار اليوم": "نسعى لإعادة الكشافة إلى مكانتها بعيدا عن التحزّب" "دورنا يتمثّل في زرع الأمل والثقة في الشباب" هو خرّيج مدرسة حبّ الوطن ومن الأسرة الكشفية الأصيلة، تقلّد عدّة مسؤوليات في جمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية، من مواليد الفاتح من شهر أفريل 1965، أب لأربعة أطفال، عاصر وصاحب عمالقة التكشيف الجزائري من أمثال المرحوم إلياس دريش عضو مجموعة ال 22، مسعود توابتي، الشريف صنصال، محفوظ قداش ومحمد درويش، كان ولا يزال يرى أن التمسّك بالأصالة الكشفية والانفتاح على العصرنة وإعطاء الفرصة للشباب هو السبيل الوحيد للنهوض بالعمل الكشفي وتنمية حسّ المواطنة لدى أبنائنا.. إنه مصطفى سعدون القائد العام لجمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية الذي التقته (أخبار اليوم) فكان هذا الحوار.. يعرف الجزائريون منظمة الكشافة وتتبادر إلى أذهانهم صورة التنظيم (الشبّاني)، كيف يمكنك أن تقدّم لنا وللقرّاء جمعية قدماء الكشافة؟ وما هي شروط ومقاييس الانضمام؟ وكم يقدّر عدد المنتسبين إليها؟ ** هي جمعية تأسّست في 1989، كان فيها فرع واحد فقط وهو فرع العمداء، وجمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية هي تنظيم كشفي تربوي نفعي تطوّعي متواجد على المستوى الوطني مفتوح على جميع الفئات والأعمار، سعى إلى تكوين مواطن صالح نافع لمجتمعه وفق مبادئ وطريقة الحركة الكشفية العالمية وتماشيا مع ثوابت أمّتنا من خلال برامج هادفة وأنشطة ميدانية تتماشى مع حاجيات وتطلّعات الأطفال والشباب. تضمّ الجمعية فرعا جديدا يسمّى بالنّاشطين تأسّس في 1999 جرّاء الخلافات التي كانت داخل الجمعية في 1990، وفرع النّاشطين هذا متكوّن من أشبال، كشّاف وجوّال. والالتحاق بجمعية قدماء الكشافة لا يستوجب أيّ شروط أو سنّ محدّد، بل على العكس يمكن لمختلف الفئات والأعمار الالتحاق بنا متى رغبوا في ذلك، سواء كانوا قد مارسوا النشاط الكشفي من قبل أم لا، فإنه لا يشكّل عائقا، ونحن نفتخر بأننا جمعية تضمّ الكلّ وتكمن قوتها في تواصل أجيالها. أمّا عن عدد المنتسبين إلى الجمعية فهم حوالي 20 ألف منخرط من الجنسين (ذكر وأنثى) وعلى اختلاف الفئات العمرية، لكن التحاق البنات يقدّر بنسبة ضئيلة مقارنة بالذكور، حيث تتراوح أعمارهم بين 8 و20 سنة، ومن هنا نرى أن اسم قدماء الكشافة موجود في النّظام الكشفي الأصيل وليس في المنخرطين. * لديكم فروع في 38 ولاية فقط، هل هناك مخطط لتعميم تواجدكم على تراب 48 ولاية؟ ** أجل نحن متواجدون على مستوى 38 ولاية وآخرها تمنراست، ونعمل جاهدين من أجل تعميم هذا نشاط جمعية قدماء الكشافة عبر كامل التراب الوطني، لكن نرغب في تأسيس فروع على أسس متينة، حيث يتوفّر في الشخص المسؤول تكوين يخوّله لتسيير فرع الجمعية على أكمل وجه، والاعتماد هنا لا يشكّل أيّ عائق، بل على العكس نريد تعميم فروع جمعية القدماء عبر كامل التراب الوطني، لكن بصفة جدّ قوية. * هل لديكم تنسيقا ونشاطات مشتركة مع تنظيم بن براهم؟ ** ليس لدينا عمل تنشيطي على مستوى القمّة، أمّا على مستوى الأفواج لا يوجد مشكل ولا ضير في ذلك، بل على العكس قمنا بإرسال تعليمة إلى جميع الفروع تسمح بالتعامل مع جمعية بن براهم إن وجد هناك نشاط كشفي. * قمتم بالعديد من النشاطات والتظاهرات ذات الطابع التحسيسي التوعوي في الآونة الأخيرة، هل لكم أن تعطونا صورة عامّة عن أبرز هذه النشاطات؟ ** لقد قمنا بمناسبة خمسينية الاستقلال بإطلاق شعار (ترقية المواطنة بالممارسة لدى الشباب)، وهذه التظاهرات التي نقوم بها نحاول من خلالها أن نجعل الشابّ هو المحور فيها، ونحاول كذلك أن نخلق جوّا من المغامرة للشابّ باعتبار أن من طبيعته حبّ المغامرة والحدث الموجود في الطبيعة والواقع المعاش والميدان، وهذا من أجل أن ننمّي في الشابّ حبّ الوطن والثقة بالنّفس وحبّ الخير للغير، إلى جانب قيامنا بنشاط ميداني آخر تحسيسي ضد آفة المخدّرات، والتي أطلقنا عليها اسم (معا من أجل الجزائر)، وهناك عدّة نشاطات أخرى في مجال البيئة منها مشروع (نحب بلادي نظيفة) الذي هو عبارة عن عمل ميداني يتجسّد في نظافة المحيط وغرس الأشجار، وكذا مشروع آخر تحسيسي توعوي للأطفال وهو توزيع على السائقين ومستعملي الطريق مطويات تحسيسية تمنع رمي النفايات في الطريق ويقوم الأطفال كذلك بتوزيع أكياس خاصّة بالنفايات توضع في السيّارات للمساهمة في نظافة المحيط وترويض النفس على النظافة عند كلّ أفراد العائلة. وقمنا كذلك بالعديد من النشاطات التحسيسية والتطوّعية في شهر رمضان الفضيل كتوزيع قفّة رمضان لإعطاء قوّة والتفاتة كبيرة للعمل الجواري، بالإضافة إلى السماح للشابّ الكشفي بمشاركة المجتمع في الأحزان والأفراح، وبالتالي يحدث انصهار الشابّ في مجتمعه من خلال هذه المبادرات. * ما هي ثمار مبادرة جمعية قدماء الكشافة فيما يخص محاربة ظاهرة الإدمان على المخدّرات في الأحياء الشعبية الذائعة الصيت بهذه الظواهر والانحرافات؟ وهل هناك برامج جديدة بمناسبة الدخول الاجتماعي القادم؟ ** ظاهرة المخدّرات هي آفة اجتماعية تمسّ فئة الشباب بصفة كبيرة جدّا، ونريد نجاح المبادرة من خلال احتكاك الشابّ الكشفي مع أقرانه من الشباب المنحرف لمساعدته في العدول عمّا يقوم به لأنه مشروع شابّ بشابّ، أي أنه عندما نريد أن نصل إلى شابّ مدمن على المخدّرات لابد من شابّ في مثل سنّه لمساعدته تجنّبا للإحراج. أسسنا خلايا جوارية في الأحياء وبدأنا المشروع بالتنسيق مع مديرية الأمن الوطني ووزارة الشباب والرياضة كشركاء وسمّي المشروع ب (الوسيط الاجتماعي)، وأحضرنا حوالي 97 شابّا من مختلف ولايات الوطن عمرهم ما بين 17 و23 سنة خضعوا في مارس 2012 لدورات تكوينية حول مهام الوسيط الاجتماعي وتعريف المخدّرات وكلّ ما يخص المخدّرات وانطلقت هذه المبادرة عقب انتهاء التكوين في مارس 2013. ولقد قرّرنا هذه السنة القيام بمبادرة أخرى تتمثّل في قافلة تحسيسية وطنية لمكافحة المخدّرات تمّ تقسيمها إلى 6 أقسام بمشاركة 300 شابّ تمّ إطلاق عليها أسماء مجاهدين كشفيين معروفين كالشهيد محمد بوراس وأحمد زبانة ومراد ديدوش وغيرهم من الشهداء، والغرض منها القيام بمعرض تحسيسي في كلّ منطقة وولاية تحلّ بها القافلة، وفي نفس الوقت هي مبادرة سياحية، حيث يتسنّى للشابّ تنمية الثقافة السياحية لديه. أمّا في هذه الصائفة فقد قمنا بنشاط آخر يتمثّل في إطلاق (القافلة الزرقاء) التي من شأنها أن تقوم بعمل تحسيسي توعوي لفئة الشباب في المخيّمات الصيفية. وكانت قد انطلقت هذه المخيّمات عقب شهر رمضان مباشرة وستنتهي في نهاية الموسم الصيفي لهذه السنة، أمّا عن القافلة التي من المقرّر أن تنطلق في فصل الخريف المقبل فهي (قافلة الصحراء الكبرى) في إطار عمليات التحسيس والتوعية من آفات المخدّرات لشباب الصحراء الجزائرية، ففي الصحراء يوجد شباب يتعاطون المخدّرات أكثر من شباب العاصمة، خاصّة من هم بقرب الشريط الحدودي مثل برج باجي مختار. القافلة ستستمرّ في عمليات التحسيس والتوعية على مستوى المدارس والأحياء الشعبية هذه العام مثلما قمنا به في العام الماضي. * لا حظنا في بعض حملاتكم السابقة تركيزا على فئة تلاميذ المدارس، ما هي خلفيات هذا التركيز؟ وما هي نتائج هذه الحملات النوعية؟ ** ليس تركيزا مخصّصا، لكن طبيعة نشاطاتنا الميدانية مع أطفال وشباب المدارس والجامعات على وجه الخصوص لأن هذه الفئة أغلبها متمدرسة، ونركّز عليها باعتبارها إطار منظّم تربوي يساعد على نجاح مبادرتنا. أمّا بالنّسبة للنتائج المتحصّل عليها من هذه المبادرة فهي إعطاء الثقة في النّفس بالنّسبة للطفل والشابّ لأن هناك أناسا يرغبون في زرع اليأس في نفوسهم بدل الأمل، كقولهم (اللّي قرا قرا بكري)، (البلاد راحت ما بقى فيها ما يصلح) وغيرها من المصطلحات المحبطة لنفسية الشابّ. ومن شأن هذه المبادرة أن تخلق في نفسية الشابّ حبّ العمل والسعي إلى خدمة البلاد وتأطيرها، ما ذكرته خاص بالكشفي، أمّا بالنّسبة للمجتمع فالنتائج هي أننا بلغنا فئات مهمّة، حيث أن هناك عدّة أناس اتّصلوا بالجمعية وأبدوا رغبتهم في التخلّي عن تعاطي المخدّرات، أين قامت جمعية قدماء الكشافة بتوجيههم إلى مراكز مكافحة الإدمان ومدّهم بيد العون. وإلى جانب هذا لاحظنا أن هناك تجاوبا كبيرا من قِبل الشباب الذين يقودون هذه الحملات التحسيسية عبر مختلف ولايات الوطن، ونحن نرغب في مواصلة هذه المبادرة من أجل تحصيل نتائج أحسن. مع العلم أننا تعاملنا مع مليون مستفيد غير مباشر من هذه المبادرة بينما قدّر عدد المستفيدين المباشرين 300000 مواطن، والهدف من المشروع هو التعارف بين أبناء الجزائر وتحسيس الشباب بمخاطر المخدّرات، وكذا إنشاء خلايا حوارية ولائية تحسيسية وتحميل الشابّ المسؤولية اتجاه وطنه وجعله أكثر فعالية، إلى جانب تدريبهم على آليات التحسيس وكيفية التحاور والتأثير على الشابّ المدمن والقدرة على الإقناع وتوعية الأصحّاء ليبقوا أصحّاء وترقية الحسّ السياحي لدى الشباب. * هل عمليات التحسيس والتوعية وحدها تكفي لوقف الشباب المنحرف عن الإدمان؟ ** طبعا لا تكفي وحدها لأن هذه العملية نجسّ بها نبض النّاس البعيدين عن هذه الآفة، لابد للجميع شدّ أزر بعضهم البعض من أجل مكافحة هذا الجرثوم الذي ينخر المجتمع الجزائري وشبابه، من مؤسسات وتنظيمات حكومية وغير حكومية، ومن واجبنا تحسيس وتوعية الشباب الذي ما يزال بعيدا عن هذا المرض. نحن لا نريد مواطنا (ناس ملاح) وغير فعّال في المجتمع، بل على العكس لأنه عندما يصبح الشابّ فعّالا في المجتمع يمكننا مكافحة هذه الآفة لتسجيل انخفاض ولِم لا انعدام، نريد مواطنا إيجابيا وليس سلبيا لأن السلبية تؤدّي إلى اليأس. * ماذا عن العمل التضامني الذي قمتم به في شهر رمضان الكريم؟ ** قمنا في شهر رمضان الكريم بعمل كبير وضخم، أين فتحنا مطاعم السبيل وقدّمنا وجبات ساخنة في الطريق السريع، والتي لاقت استحسانا كبيرا من قِبل المواطنين والمسؤولين على حدّ السواء، وقد شارك في هذه المبادرة أناس متطوّعون لعمل الخير من خارج الجمعية. * ما هو توقّعكم لمدى نجاح مبادرة (حفظ نعمة الكتاب)؟ وما هي أهداف هذه المبادرة؟ ** لا يمكننا الجزم في الوقت الرّاهن بما مدى نجاح المبادرة، لكننا قمنا بها من أجل عدّة أهداف ألا وهي ترويض النّفس وتعويدها على عدم رمي الكتاب، أي أننا نريد تعليم أولادنا الحفاظ على الكتب من أجل معرفة قيمته لأن الكتاب لمّا يرمى يعتبر خسارة مادية تضرّ باقتصاد البلاد من جهة وبالميزانية العائلية للأسر المحتاجة من جهة أخرى. ومن شأن هذه المبادرة أن تمدّ يد العون للعائلات ذوات الدخل الضعيف ومساعدة أولادهم على مزاولة الدراسة في أحسن الأحوال، والهدف منها كما قلنا آنفا هو تعويد وترويض النّفس على حبّ الخير وعدم إفساد الكتاب ما دام من هو بحاجة إليه. * تقول بعض المصادر إن هناك تراجعا في نسبة إقبال العائلات الجزائرية على تسجيل أبنائها في صفوف الكشّافة كما كان الحال في العقود السابقة، ما تفسيركم لتراجع الإقبال؟ ** ليس هناك تراجع بصفة كبيرة، لكن تراجع العامل الكشفي مربوط بسياسة البلاد عموما من جهة ونقص الوسائل من جهة أخرى. (المقرّات، الإطارات)، كلّها عوامل ساهمت بطريقة أو بأخرى في تراجع الإقبال على التنظيم الكشفي لأننا مثلا نحن جمعية قدماء الكشافة لا يمكننا فتح فرع للجمعية دون توفّر إطارات أو مقرّ لهذا الفرع لأن النّاس يرسلون لنا فلذات أكبادهم ولابد لنا من صيانة الأمانة على أكمل وجه. نحن لا نريد أن نقوم بنشاط (تكشيف) الجماهير كما كان إبّان الثورة، بل لابد من تأطير فرع كشفي ذي نوعية، مع العلم أن نسبة السكان في الجزائر العاصمة تزايدت بصفة كبيرة مقارنة بسنوات السبعينيات والثمانينات. ونحن نسعى لإعادة الكشافة لمكانتها بعيدا عن (التحزّب)، وجمعيتنا تبادر لإعادة العامل الكشفي الأصيل كما كان الحال عليه في عهد المجاهدين وعمداء الكشّافة، بعيدا عن الميولات الحزبية لأننا مربوطون بالمجتمع المدني وليست لدينا أيّ علاقة بالسياسية والأحزاب السياسية. * ما هو دور الكشافة في تربية النشء؟ وما هي النصيحة التي تقدّمونها للعائلات التي تناست دور الكشافة في الآونة الأخيرة؟ ** لابد من ملء الفراغ بالنّسبة للطفل والشباب، وذلك بإرسال أبنائنا للانخراط في نوادي رياضية أو ثقافية أو كشفية أو ترفيهية، المهمّ أن يملأ الطفل وقت فراغه بأشياء مفيدة ولا يلجأ إلى الشارع من أجل سدّ هذا الفراغ ليكون طفلا متوازنا في المستقبل. وتعمل هذه الجمعيات على أن تعلّم للطفل طريقة الاحتكاك بالنّاس النّافعين والتعلّم منهم لأنه يتربّى على تنظيم معيّن، لكن للأسف العديد من العائلات في غفلة عنها. * ما رأيكم فيما يحدث في مصر من فتنة دموية؟ وهل لجمعيتكم مبادرات لمساندة الأشقّاء المصريين؟ ** نحن في جمعية قدماء الكشافة نعوّد الطفل على الاهتمام بشؤون الأطفال أقرانه، سواء داخل الوطن أو في العالم وبالأخص الدول المسلمة. للأسف ليس لدينا أيّ مبادرة من شأنها مساعدة أشقّائنا في مصر لأننا جمعية كشفية وليست خيرية، لكن المعروف عن أطفال الجزائر أنهم سبّاقون لإظهار تآزرهم مع أطفال الدول الشقيقة في مثل هذه المواقف بطريقة عفوية وتلقائية، كما سبق وأن كتبوا قصائد على فلسطين وقاموا بتلحينها وأدائها رفقة أصدقائهم وإرسال رسائل مؤثّرة وغيرها من المبادرات المعنوية المعروفة عند الجزائريين ككل، بيْد أن لهم تعاطف كبير مع الدول العربية الإسلامية الجريحة. * كلمة أخيرة... ** أقول في الأخير لابد أن نعترف بأن واجب جمعية قدماء الكشافة هو زرع الأمل والثقة في نفوس الطفل والشابّ الجزائري بعيدا عن الأشواك التي تعيق ذلك، إلى جانب العلم وضرورة نيل أحسن الشهادات لأن العلم أساس كلّ شيء.