كشف مراقبون متابعون للشأن الأمني بمنطقة الساحل أن الجماعات المسلحة بالمنطقة باتت تتحرك على مساحة شاسعة، وفي مجال غير مأهول مترامي الأطراف يتجاوز مساحته نصف مساحة أوروبا، وتفوق مساحة ولاية تيكساس الأمريكية بمرتين· وأضاف المراقبون أن هذه المساحة الشاسعة التي تتحرك بها الجماعات المسلحة بالمنطقة تتوزع على عدة بلدان المنطقة، مُشيرين إلى أن الجزء الأكبر من هذا المجال يقع في شمال مالي، وجزء مهم آخر في موريتانيا والنيجر وتشاد، وأضاف المراقبون أن الجامعات المسلحة كانت تتواجد في البداية في الصحراء الجزائرية إلا أن قوة الجيش الجزائري والضربات الموجعة التي تلقتها، دفعتها إلى البحث عن أماكن آمنة في المنطقة تتحصن فيها، وقد وجدت الملاذ الآمن في الصحراء المالية، التي تتميز بالشساعة والتضاريس الوعرة، إضافة إلى ضعف قدرات جيوش هاته البلدان على دحر هذه الظاهرة، مما وجدت فيها بيئة خصبة لممارسة عملياتها الإرهابية المتمثلة في الخطف والاعتداءات المسلحة· ويضيف مراقبون أن تمدد الجماعات المسلحة نحو الساحل والصحراء راجع لسببين الأول تمثل باستفادة الجماعات من ضعف الحكومات الأفريقية وقواتها المسلحة وخاصة في دول مثل مالي وتشاد، لاختطاف رهائن وضرب أهداف غربية، أما الثاني فتمثل بالتحالف بين الجماعات المسلحة وشبكات الجريمة المنظمة، وخاصة تجار المخدرات، والقبائل المتنقلة في الصحراء، ما أتاح لها كسب كثير من العناصر الجديدة من النيجر ومالي وموريتانيا أساسا· وتستغل الجماعات المسلحة الأموال التي تتلقاها من الدول الغربية مقابل تحرير رهائنها في شراء الأسلحة والذخيرة لتقوية قدراتها ووسائلها، كما تستعمل أيضا في تقديم إغراءات مالية لشباب المنطقة من أجل تجنيدهم في صفوفها، وفي هذا الشأن يقول محمد سالم ولد هيبه، وهو عسكري موريتاني خاض حرب الصحراء في السبعينات في مقابلة مع وكالة الأخبار الموريتانيّة إنّ زعماء الجماعات الخاطفة باتوا يستهدفون الشباب في المحاضر الموريتانية وفي الأحياء الفقيرة وحتى في بعض القرى والأرياف التي يعاني سكانها من الفقر المدقع، ليغرروا بهم ويشحنوهم بأفكار جهنمية قصد تجنيدهم وتفجيرهم· ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد الإرهابيين الناشطين بمنطقة الساحل، لكن بعض المصادر تقدر عددهم بما بين200 و300 عنصر على الأكثر، يتوزعون على جنسيات مختلفة، من الجزائر وموريتانيا وليبيا والمغرب وتونس ومالي ونيجيريا، وقد قدرت بعض الجهات عدد المجموعات الصغيرة المنتسبة للتنظيم بنحو 70 خلية· وتنشط بعض الخلايا في استثمار أموال الفدية والإتاوات المفروضة على مهربين، في تجارة السيارات المسروقة وتهريب السجائر والمخدرات ونقل المهاجرين السّريين· وكانت مصادر إعلامية قد ذكرت أنّ الجزائر البلد الريادي في محاربة هذه الآفة في المنطقة قد أرسلت بعثة من المحققين المتخصّصين في عمليات غسيل الأموال إلى حكومات مالي والنيجر وبوركينافاسو، وتحاول مصالح الأمن التنسيق مع بعض دول الساحل في إطار الاتفاقات الأمنية للكشف عن استثمارات مالية للإرهابيين في الدول الثلاث المذكورة·