المتغيرات الاجتماعية تلغي الأعراف الحميدة تغيرت المفاهيم في الوقت الحالي وصارت خطوة الزواج خطوة جد صعبة على الرجل والمرأة على حد سواء وصارت تلحقها شروط وقيود يمليها الطرفان معا، ومع جملة العراقيل التي لحقت مشروع الحياة في الآونة الأخيرة صارت المصلحة تُسبّق في تلك العلاقات أو الروابط الأبدية مما أثر عليها بالسلب وقلل الفرص خصوصا وأن العديد من الرجال صاروا يلهثون وراء مصالح متنوعة على غرار عمل المرأة وحيازتها على سكن فردي وغيرها من المطامع الأخرى التي صار يشترطها الرجال، بحيث انقلبت الموازين رأسا على عقب وصار الرجل هو من يضع شروطه في تلك العلاقة بدلا عن المرأة كما كان في السابق. نسيمة خباجة أدت المؤثرات الخارجية التي تدور في المجتمع إلى تحويل مختلف المفاهيم من بطالة وانعدام فرص العمل وأزمات السكن كونها الأسباب التي أدت إلى تأخر سن الزواج في الجزائر بسبب العراقيل المشتركة بين طرفي العلاقة والتي يشكو منها الرجل والمرأة على حد سواء. ولعل أن المتمعن في عروض الزواج التي تطلقها مواقع الأنترنت وحتى الجرائد المختصة في تقريب طرفي العلاقة الزوجية من خلال بعض العروض يظهر له منذ أول وهلة الشروط الغريبة التي بات يفرضها بعض الرجال ويشترطونها في شريكة العمر على غرار المنصب الراقي والراتب الجيد وحتى مطمع السكن الخاص صار حلم بعض الرجال في زوجة المستقبل على غير العادة. العمل والسكن مطمعان أوليان الظروف الاجتماعية الراهنة أبعدت الكثيرين على خطوة الزواج كمشروع يتطلب توفر العديد من الإمكانيات لتحقيق العيش الهنيء مما أدى إلى فساد الطباع وتحوّل الكثيرون نحو هدف المصلحة بدل بناء بيت سعيد، تلك الآفات أخرت الزواج عن الكثيرين بسبب صفات الطمع التي صارت تميز بعض الرجال بحيث راح بعضهم إلى اشتراط المرأة العاملة وحتى اشتراط الراتب الجيد، فيكون أول سؤال وقبل بدء العلاقة حول الراتب الشهري الذي تقبضه الفتاة وهناك من راح إلى أبعد من ذلك باشتراط توفير السكن وإلقاء تلك المهمة الصعبة في الوقت الحالي على كاهل المرأة، وكأن المرأة هي ملزمة بتوفير كل الضروريات لأجل ربط علاقة الزواج مع الرجل مما يؤكد أن الزواج صار مبني على مطامع، وحلت تلك الأخيرة محل بعض الصفات الحميدة التي وجب أن يتميز بها طرفا العلاقة الزوجية من أجل بناء بيت سعيد وطغت الماديات على الأخلاقيات في علاقة الزواج كعلاقة أبدية، بحيث صارت المرأة تنكح وفق حالتها المادية ليبقى شبح العنوسة يطارد العاطلات عن العمل. اقتربنا من بعض المنتميات للجنس اللطيف من أجل رصد آرائهن حول ما يدور حولهن فقلن الكثير بسبب تجاربهن الحية اللائي عشناها مع رجال ملأ بطونهم الطمع وهدفوا إلى بناء علاقة مقدسة على مصالح متنوعة أولوها الأهمية عن صفات أهم تجمع طرفي العلاقة الزوجية. الآنسة عايدة قالت إنها في العقد الثالث ولا تستعجل تلك الخطوة خصوصا مع بعض الرجال الانتهازيين، وأضافت أنها عايشت المشكل وتقدم أحدهم لخطبتها وكانت أولى أسئلته المطروحة تدور حول العمل وعن الراتب الذي تقبضه بكل جرأة، واستغربت كثيرا وما كان عليها إلا رفض الزواج به كونها تيقنت من طمعه وسوء نيته، فالرجل الحقيقي لا يسأل المرأة عن عملها أو أجرها حتى ولو كان متوسط الحال من الناحية المادية. أما أخرى فقالت إنها عايشت التجربة بعد أن أبان أحدهم نيته في استغلال راتبها متعذرا بانعدام السكن، وقال لها إن أجرتها ستوجه إلى كراء السكن منذ أول وهلة ولكي لا تتولد مشاكل بينهما بعد ربط العلاقة، إلا أنها رفضت وقالت إنه من العار وضع تلك الشروط في الأول وإلقائها على المرأة، وتبقى مساعدة الرجل على أعباء الحياة تبعا لإرادة المرأة دون أي إجبار من الطرف الآخر ولم تتوان على رفضه. وصارت حتى الفتيات الخاضعات لعقود مؤقتة أو اللواتي يعملن في إطار عقود مؤقتة غير مرغوبات للارتباط بهن من طرف بعض الرجال بسبب احتمال زوال أجورهن، بحيث ما إن يسمع الخاطب بالعمل المؤقت حتى يفر مع العلم أن فئات كثيرة من الفتيات يعملن في ذلك الإطار وهو ما سردته فتاة موظفة في إطار عقود ما قبل التشغيل، إذ قالت إن العمل الذي تعمله فوت عنها فرص الزواج إلا أنها لم تندم أبدا على صد العديد من الخاطبين الذين بينوا تلك النية السيئة، ورأت أن الشخص الذي يشترط عمل الفتاة هو شخص انتهازي وغير مؤهل لبناء علاقة متينة. نية الاستحواذ على الراتب الشهري العديد من مشاكل الطلاق كانت بسبب لهث بعض الرجال نحو الماديات واستعبادهم لزوجاتهم، فالكثير من النسوة تشتكي استحواذ أزواجهن على الراتب الشهري وحتى سحبه من مراكز البريد، بحيث تشقى المرأة لشهر كامل لكي لا تنال ثمار تعبها في آخر الشهر وهو ما كشفه الواقع في الكثير من المرات، بحيث تتهرب النسوة من شرط العمل قبل الزواج بسبب إفرازاته السلبية على العلاقة ككل فيما بعد، ومن الحالات من كانت نتيجتها الطلاق بعد أن بنيت العلاقة على مطامع في الأول. حتى أن بعض الرجال لا يبينون نواياهم السيئة في الأول إلا أنهم ينقلبون ويتغيرون بعد الزواج مثلما وقفنا عليه في بعض التجارب التي تعيشها بعض الأسر. (ف) سيدة تشغل منصبا راقيا وأجرها جيد، تعرفت على أحدهم وتزوجت به ولم يبد في الأول أي نية في الطمع وإنما بعد فترة من الزواج تغيرت طباعه وانتهز هدوءها ورصانتها من أجل التسلط عليها، وقالت إن حتى الأجر ليس لها الحق في لمسه أو رؤيته بل هو من يسحبه ويمنحها جزءا قليلا منه ليستحوذ على الباقي ويعلل ذلك بالمصاريف المتزايدة على البيت والأولاد. زمن رفض الرجل لعمل المرأة ولىّ بالأمس وفي فترة الزمن الجميل كان مكان المرأة المناسب بالبيت لاسيما في الفترة الاستعمارية أين كانت ترفض العديد من العائلات عمل الفتيات وحتى دراستهن، إلا أنه في الوقت الحاضر بعد أن خرجت الملايين من الفتيات إلى سوق العمل والدراسة وعكفن على مزاحمة الرجال تغيرت المفاهيم إلى حد اشتراط الرجل في المرأة بعض الشروط التي كانت ملقاة عليه قبل عقد مشروع الزواج على غرار توفير السكن وشرط العمل لضمان قوت الأسرة والأبناء، وأضحت تلقى تلك الأعباء على كاهل المرأة وذلك ما يظهر من التجارب الحية وكذا من عروض الزواج التي تتصدر مواقع الأنترنت وكذا صفحات الجرائد بحيث صار بعض الرجال يشترطون المرأة المتعلمة والمالكة للسكن وللعمل الجيد لحاجة في نفس يعقوب، ومن أجل استبدال أدوار الحياة وإلقاء أغلب المهام الأسرية على كاهل المرأة. أثرنا النقاش على الجنس الآخر لمعرفة منظوره للوضع الراهن واختلاط المفاهيم فكانت الآراء متباينة، الشاب حكيم 35 سنة قال إن عمل المرأة شرط لا يهمه بل بالعكس يجد الراحة مع زوجة لا تعمل ويكون لها الوقت الكافي لتربية الأبناء والقيام بواجباتها في المنزل، وأرجع مشاكل الطلاق التي تحدث إلى عمل المرأة وطمع بعض الرجال مما يؤدي إلى نشوب مشاكل تنعكس بالسلب على هدوء الأسرة وتهددها بالتفكك. أما فارس فقال إنه يشترط في شريكته العمل لمجابهة أعباء الحياة التي أضحت باهظة وصعبة جدا، لكن يبتعد عن لهجة الإجبار في اقتسام الأعباء، وقال إن المرأة ذات النية الحسنة لا تستعمل لغة الحساب مع زوجها أو أبنائها وتصرف على البيت بمحض إرادتها بعيدا عن أي إكراه ولم ينف النوايا السيئة لبعض الأزواج.