يبدو أن جميع العلماء والشهداء والمجاهدين والأبطال والشخصيات العلمية والتاريخية والأدبية وتطول بنا الأسطر والكلمات ونحن نعددها، التي تزخر بها الجزائر، لم تعد تثير الإعجاب والرغبة في جعل الأجيال الجديدة من التلاميذ والصغار يقبلون على معرفتها واكتشاف مختلف جوانب شخصياتها، والاستفادة من تجاربها في الحياة ومن طريقة حياتها، ولا حتى معرفة ما قدمته للجزائر من تضحيات وخبرات واكتشافات، وسمعة طيبة لا زالت تلهج بها الألسن في مختلف دول العالم، وتقام لأجلها الملتقيات الدولية، سنويا، للبحث في تاريخها وارثها، يبدو أن كل ذلك لم يعد من المهم أن نتعلمه لأبنائنا، ونربيهم على اكتشاف هؤلاء العظماء، وتبجيلهم واحترام ما قدموه، والوقوف بإجلال واحترام وتفان أمام ذكراهم، كيف لا وقد صار بعض الأستاذة للأسف، يديرون ظهورهم لكل هؤلاء العظماء، فلا يجعلونهم موادا للبحث ولا للفروض المدرسية التي يكلفون بها تلامذتهم، سيما من الاطوار الابتدائية والمتوسطة، ويوجهونهم بدلا من ذلك إلى البحث عن شخصيات أجنبية أخرى، وياليتها كانت شخصيات لها قدرها ووزنها العلمي والأدبي، من المكتشفين والمخترعين والأدباء الكبار الذين لا زال صيتهم قائما إلى اليوم، بل إلى بعض ممن ليس لهم ذكر إلا في مجال الغناء والرقص، ونشر الثقافة الانحلال والضياع الأخلاقي في أوساط المراهقين والأطفال، بل وماذا يبقى عندما نستغني عن الأمير عبد القادر وعن جميلة بوحيرد، وعن ابن باديس، وحتى عن باستور واينشتاين وشكسبير وغيرهم وغيرهم الكثير، كمواد للبحث، ونكلف أبنائنا بالبحث عن "هانا مونتانا"، عن جوانب شخصياتها وصفاتها ومميزاتها، وللتذكير فان هانا مونتانا هو اسم بطلة سلسلة أمريكية شهيرة، نالت شهرة واسعة وسط المراهقين والأطفال في أميركا وعدد من الدول الغربية والعربية، وهو الفرض المدرسي الذي كلف به تلامذة القسم الثالث متوسط بإحدى المتوسطات بعين النعجة، ولم نصدق أذاننا عندما دخلت مجموعة من التلميذات إلى مقهى الانترنت يطلبن من صاحبه انجاز بحث عن هانا مونتانا يتناول مختلف جوانب شخصيتها وما قدمته ولم تقدم طبعا غير المياعة والرقص والغناء والثقافة الأمريكية الاستهلاكية بالانجليزية، ولم نصدق أذاننا أيضا عندما أبلغتنا التلميذات أن المعلمة كلفتهم بذلك، ربما رغبة منها في التماشي مع رغبات وتوجهات الجيل الجديد، وأيا كانت رغبة المعلمة وهي طبعا حرة في تقديم ما تشاء من الدروس بالكيفية التي تشاء، وتكليف تلامذتها بما تراه مناسبا لهم، للنهوض بمستواهم، ومساعدتهم على استيعاب الدروس المقدمة لهم، خاصة بالنسبة للغة أجنبية مهمة للغاية كالانجليزية، فعلى الأقل كان عليها أن تختار شخصيات أكثر أهمية وجدية، يمكن أن يكتسب التلاميذ من خلال البحث عنها وعن جوانب وملامح شخصياتها الكثير من المفردات والكلمات المهمة التي من شانها أن تعزز رصيدهم اللغوي في هذه المادة والجزائر والعالم كله يزخر بالآلاف من هذه الشخصيات في مختلف المجالات. تجدر الإشارة إلى أن "هانا" وهو مسلسل تدور قصته حول فتاة مراهقة تمتلك شخصيتين واحده فتاة عادية والأخرى مغنية شهيرة تدعى "هانا مونتانا" ولكن لا أحد يعرف أن لديها شخصيتين، قد تلقت بطلته"مايلي ستيوارت" مؤخرا، في بلدها أمريكا، الكثير من الانتقادات اللاذعة بسبب تصرفاتها الطائشة باعتبار أنها تؤثر سلبا في المراهقين المعجبين بها والذين يحاولون تقليدها، فما بالنا بمن ندفعهم للبحث عن حياتها وتاريخها وصفاتها؟