منذ بداية كأس العالم سنة 1930 في الأوروغواي، والمنتخبات تتجارى لوضع بصمتها بين ثنايا المنتخبات العالمية، فهناك من استطاع أن يصل مآبه هذا وهناك من وصل إلى أبعد من ذلك ليعانق الذهب ويرفع الكأس الغالية. لكن في الحقيقة بين الصنفين هذين يا ترى ما هو الفارق؟ أول شيء يتبادر إلى الذهن هو كلمة (الحصان الأسود)، فكثيرة هي المنتخبات التي حققت نجاحات لم تكن تحلم بها، مثل منتخب الدانمارك الذي تحصل على كأس أمم أوروبا سنة 1992 وهو لم يتأهل إليها أصلا، حيث كان ضمه إلى هذه الكأس، بعد إقصاء يوغوسلافيا بسبب الحرب الأهلية والإبداعات الجماعية، قد حدث أياما قليلة فقط قبل بداية كأس أوروبا للأمم، فحقق رفقاء الحارس بيتر شمايمل أسطورة مانشستر يونايتد المفاجأة الكبيرة بتحقيق الكأس، لكن هذا المنتخب قد انطفأ بعد ذلك بشكل نسبي مثله مثل منتخب اليونان الذي حقق كاس أوروبا سنة 2004 فوق الأراضي البرتغالية وأمام أصحاب الأرض، لكن هذا المنتخب كسابقه قد انطفأ أيضا، فهل هي تقاليد كرة القدم التي ترسخ ثقافة المواصلة أم هي أمور غير ذلك؟ في النوادي، فإن الأمثلة لا تعد ولا تحصى، من النجم الأحمر لبلغراد أمام برشلونة، ليدز يونايتد وموناكو في كأس رابطة أبطال أوروبا، وكذلك محليا، على سبيل الذكر لا الحصر، شباب بني ثور في نهائي كأس الجزائر سنة 2000 أمام وداد تلمسان،،،،، لكن أغلب هذه الفرق يأفل نجمها بعد إحداث المفاجأة. مصب الموضوع وهدفه هو ما (يُحكى) حاليا فيما (سُميت) لنا بلعبة القط والفأر التي تقمصها المنتخب الوطني من جهة، بعض الصحفيين، الجماهير واللاعبين القدامى إضافة إلى بعض حاشية (الشياتين) من جهة أخرى، إن لم تكن لهذه الكلمة ضرر ولا ضرار. الكل له أسبابه ودوافعه لتقديم فكرته، فيمن يقول أنه ليس لدينا الإمكانيات الفنية لتقمص دور الحصان الأسود ، ومن يقول أننا في مجموعة متوازنة وأن مقاس الحصان الأسود هو في هذه الكأس، بشكل أكيد، على مقاسنا المناسب، ولم لا تكرار إنجاز تركيا في كأس العالم سنة 2002 أو حتى مرافقتها كوريا الجنوبية في نفس السنة. بين الحلم والطموح الطموح نهر شاسع، الحلم هو بداية قصة قد تكون جميلة كما قد تكون سيئة رديئة، الحلم لا قيد له، نُطلق له العنان بدون أي لجام. الطموح عادة ما يكون متزنا مبنيا على أسس صحيحة سليمة تكون فيه نسبة تخطي الهدف لا تتعدى العشر المئوي، لكنه يبقى قائما حتى يثبت العكس. كرة القدم هي ليست بعلوم دقيقة، وبالتالي الطموح هو المقترن بها وهو ما يصنع ملامح الحصان الأسود، أما الأحلام فغالبا ما تشكل صورة خيالية للواقع، تُسقط صحابها، بقوة إلى قاع البئر، في حال أي فشل. المنتخبات، المذكورة آنافا، التي حقتت تلك النجاحات، انطلقت بطموح لا بحلم، أبرزتها برغبة شديدة. العقلانية هي التي تصنع الفارق بين المصطلحين وفي كلتا الحالتين نجد أن كرة القدم ليست بعلوم دقيقة، فمنتخبنا الوطني كاد يُقصي الكامرون في كأس إفريقيا سنة 2000 بعدما جانبت رأسية موسى صايب القائم الأعلى وتحكمت بالطول والعرض على تلك المباراة أمام الكامرون التي حققت كأس تلك العام، منتخب إسبانيا كذلك كان يمكنه أن يمر إلى نصف نهائي كأس العالم 2002 بعد عدم احتساب الحكم المصري جمال الغندور لهدف موريانتس... والقائمة طويلة فيمن جانبهم النجاح بسنتيميترات قليلة. الأجدر بنا في هذه الوضعيات هو تسطير أهداف معقولة بالتأهل للدور الثاني وفقط مع بثقة في النفس دون الدخول في متاهات، فالنجاح قد نتخطاه بسنتيمتر كما يمكن أن نبتعد عنه بسنتيمتر مثله، والله الموفق.