طالما أن الرئيس بوتفليقة لم يحل مشكلة الأفلان، فان إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية من عدمه، لازال يحتاج الى وقت، وظاهريا يبدو أن الرئيس صار لا تهمه ازمة الخصوم في الحزب العتيد، لسبب واحد يكمن في أن الأزمة عمرت طويلا ولم يتدخل رئيس الحزب ولو كانت علاقته به»شرفية». أي دور لحزب جبهة التحرير الوطني المنقسمة الى جناحين، في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 17 افريل؟ بعد ان وصل النزاع بين جماعة عبد الرحمن بلعياط وجماعة الامين العام عمار سعداني عنق الزجاجة ؟و بالامس فقط، قدم طرفا النزاع في الحزب العتيد، تصريحين ناريين متباينين، كل واحد فيهما يقول «الافلان هو نحن». التصريح الاول هو للمنسق العام للحركة التقويمية، عبد الكريم عبادة، الذي اكد انه وجماعة بلعياط المتحالفين معها ضد قيادة الحزب سيودعون الترخيص بعقد دورة اللجنة المركزية الطارئة لانتخاب امين عام جديد للحزب، لدى وزارة الداخلية، بينما يشدد في نفس اليوم، الامين العام، عمار سعداني انه الشرعي على راس الحزب وقد اعلن عن ترشيح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، في لقاءات جهوية توجت بلقاء القاعة البيضاوية ، ليسال معارضيه» اين كنتم حينما كما ندافع عن ترشيح الرئيس؟». المشكلة لم تعد تختزل في صراع عادي بين متخاصمين داخل»الجهاز» ولكن تتعداها الى اعمق من ذلك، إلى موقف الرئيس بوتفليقة مما يجري في الحزب الذي يراسه ولو شرفيا، ثم وما موقفه من سعداني» الانتحارية» الذي وضع نفسه موضع الرئيس نفسه لما اقسم يمينا ان الرئيس بوتفليقة سيترشح لعهدة رابعة، وهو دون سواه، درج على تكرارها بشكل يوحي بانه اقرب، من غيره، من مراكز القرار في السلطة. يبدو ان سعداني يعي ما يقول، وهو وحده، الذي حمل على عاتقه عبئا، قد يكلفه مصيره السياسي، في وقت انسحب «العمارين الاخرين» غول وبن يونس، من سباق ترشيح بوتفليقة وهما اللذان بدا السابق حتى قبل ان يتولى سعداني مهام الامين العام وفقا لدورة لجنة مركزية تمت في اوت الماضي بالاوراسي وقيل عنها الكثير عن شرعيته على راس الحزب. لكن دخول معطى ثالث في نزاعات الافلانيين، او « الاخوة الاعداء»، قد بعثر اوراق التلاقي على طاولة واحدة، واضاف للمشهد الرئاسي، غموضا آخر، بقول عبد الكريم عبادة ان الامين العام الاسبق للافلان، عبد العزيز بلخادم، قد التحق بصف بلعياط وسيحضر دورة اللجنة المركزية الطارئة التي يعتزم المعارضون عقها للإطاحة بسعداني. بلخادم الذي حضر تجمع القاعة البيضاوية قبل اسبوعين مع سعداني، بات رجلا غير مفهوم، ويوزع مواقفه من هنا وهناك، في ظل رغبته في العودة الى الامانة العامة للحزب وذهبت قراءات الى حد قولها ان بلخادم هو مرشح النظام في الرئاسيات المقبلة، فما مدى صحة ذلك وماموقع بلخادم في صراع فرقاء الحزب العتيد حاليا؟ ذروة الصراع، ظهرت بجلاء، ورغم مطالب بخروج الرئيس بوتفليقة عن صمته، الا انه لازال صامتا، حتى وان بدا العد التنازلي للانتخابات الرئاسية، كما ان قراءات حول الحاصل في المشهد السياسي، تقول ان ازمة قد نشبت بخصوص هوية المترشح الأوفر حظا بالظفر بقصر المرادية، على غرار ما تراه الامينة العامة لحزب العمال التي دخلت «زفاف الرئاسيات» بترشحها لموعد 17 افريل انطلاقا من قاعة»سيرا ماريسترا» بوسط العاصمة، وهي التي ارسلت اشارات الى الرئيس بوتفليقة بضرورة ان يتقدم للرئاسيات، ليكون فارسا الى جانبها، حتى وان لم تصرح بذلك، لكن قولها في اخر ندوة صحفية عقدتها اول امس، بان»حق الترشح مكفول لكل جزائري» فهذا معناها انها ترغب في ان تخوض معترك السباق الى جانب الرئيس كما فعلت في المرتين الاخيرتين، فهل تنجح في ذلك.