عادت من جديد وزارة الصحة للاهتمام بعمليات زرع الأعضاء، وأسست وكالة وطنية لهذا الغرض، تتولى التوعية والتعبئة والتحسيس بمنافع عمليات التبرّع والزرع في إنقاذ آلاف الأشخاص من الموت المحتوم، وعينت على رأسها السيدة مليكة رحال، وسيكون مقرها العاصمة، وعلى أن تُعزز الوكالة بلجان علمية وبيو أخلاقية طبية، تسهر على التنسيق بين مختلف المؤسسات الاستشفائية الجامعية، ستتوفر هذه الوكالة حسب جمال ولد عباس على بنك للمعطيات، وبنك للأعضاء لضبط التسيير وذلك قبل إعداد بطاقة لزرع الأعضاء لكل مانح يوقعها وهو حي وفي حال الوفاة الدماغية سيتم استعمال أعضاء الشخص المتوفي لإنقاذ مريض، كما يمكن اللجوء إلى موافقة العائلة في حالة الوفاة المفاجئة. ونبّه البروفيسور محمد بن عباجي رئيس مصلحة طب الكلى بالمركز الاستشفائي الجامعي لحساني إيسعد ببني مسوس إلى أن عملية زرع الأعضاء في الجزائر مازالت محدودة جدا، وأن نزع أعضاء الأشخاص المُتوفين لا يمثل سوى سبع عمليات من مجموع ألف عملية، ودعا إلى الاقتداء بإسبانيا التي كانت تحتل المرتبة الأخيرة في أوروبا، وأصبحت حاليا تحتل المرتبة الأولى بفضل العمل التحسيسي للأطباء النفسانيين. وحسب ما أدلى به الدكتور محمد الشريف قاهر، عضو المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر فإن الإسلام لا يشكل عائقا للعلم، إن كان يخدم المصلحة العامة للمجتمع، وأن الإسلام لا يمانع في أن يستفيد الأشخاص الأحياء من أعضاء متبرع بها من شخص متوفي، شريطة أن يكون هذا الأخير قد أعطى ترخيصا مُسبقا للعملية. وفي سياق مُتصل قال البروفيسور مولود عتيق جراح مختص بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة في مكافحة السرطان بيار ماري كيري أن عمليات زرع الأعضاء في الجزائر تتطلب أول ما يتطلب إنشاء وكالة وطنية للبيوطبي، تتكفل بتنظيم هذه العمليات، قبل أن نتحدث عن تطوير زرع الأعضاء ، والسعي لتغيير الذهنيات، من أجل نزع الأعضاء من الجثث. وأوضح البروفيسور بن منصور أن التبرع بالأعضاء يعتبر علاجا ناجعا، ويشكل الفرصة الوحيدة في البقاء على قيد الحياة لعدد متزايد من المرضى باختلاف أعمارهم، وأكد أطباء مختصون آخرون الأهمية القصوى لدور وسائل الإعلام في عملية التحسيس بأهمية التبرع بالأعضاء، وأهمية إشراك المواطن في تجسيد أنظمة الصحة، باعتبار أن عملية زرع الأعضاء تتطلب ثقافة اتصالية مفتوحة، وقادرة على التأثير إيجابيا في المعايير الاجتماعية والممارسات الفردية. أوضحت هذه المصادر الطبية أن العجز الكلوي لوحده يسجل سنويا ما بين 80 إلى 100 حالة عجز كلوي جديدة عن كل مليون ساكن، ولأن عدد سكان الجزائر هو الآن حوالي 57 مليون نسمة، فإن مجموع المصابين الجدد سنويا هو ما بين 2960 و3700 مصابا، وسيرتفع هذا العدد إلى 20 ألف مصاب خلال السنوات القليلة المقبلة، وتبلغ تكلفة زرع الكلية الواحدة 1.5 مليون دينار، وبلغ مجموع عمليات زرع الأعضاء التي تمّت خلال السداسي الأول من سنة 2012 مجموع 82 عملية زرع للكلى، و197 عملية زرع للقرنية