خوفي أن تكون اللعبة موجهة لتكريس انقسام بين العرب والمسلمين على أساس سنة وشيعة ما يحدث في سوريا رهان استراتيجي لتغيير موازين القوى وضرب إيران وحزب الله إذا اتحد الموقف الغربي تتقلص مساحة لعب الجامعة العربية قال المحلل السياسي سليم قلالة في حوار خص به »صوت الأحرار«، إن قرار تمديد عمل المراقبين العرب في سوريا كان مرده معارضة الصين وروسيا تدويل الملف، وأكد أن الجامعة العربية تلعب في المساحة المسموحة فقط رغم مساعيها التي اعتبرها محاولة للعب دور لم يوكل لها سابقا، مضيفا أن دور الجامعة سيتلاشى إذا اتحد الموقف الغربي حول الملف السوري، كما أوضح أن الدور القطري مستمد من فهمه لهذه المعادلة وسعيه للاستفادة منها، وأعرب عن تخوفه ممّا قد تحدثه الأزمة السورية من تكريس للانقسام بين العرب والمسلمين على أساس سنة وشيعة، كما شرح الأزمة السورية بالتفصيل في هذا الحوار. قررت الجامعة العربية خلال اجتماعها الأخير، مواصلة عمل المراقبين وزيادة عددهم بالتنسيق مع خبراء دوليين رغم تلويحها سابقا بالانسحاب من المهمة وإحالتها على الأممالمتحدة، كيف ترون ذلك؟. ليس في استطاعة الجامعة العربية إحالة القضية إلى مجلس الأمن إذا ما كان هذا المجلس منقسما على نفسه بخصوص الشأن السوري، فرفض الصين خاصة ثم روسيا تدويل القضية يعتبر غلقا للأبواب أمام القوى الكبرى، فما بالك بالنسبة للجامعة العربية، أما مسألة المراقبين العرب أو حتى توسعة ذلك إلى مراقبين دوليين فذلك يعتبر آخر ما تبقى من بدائل أمام القوى الدولية بخصوص الملف السوري، وهذا يعني في تقديري أن الدور الذي تلعبه الجامعة العربية ليس مستمدا من قوة داخلية لها كمنظمة إقليمية، إنما هو محاولة للاستفادة من انقسام الموقف بين الدول الكبرى، »الحركة في المساحة المسموح بها...« وفي أية لحظة يتحد فيها الموقف الغربي تتقلص مساحة اللعب أمام الجامعة وتعود إلى حجمها السابق وربما لن يبقى لها أي دور. هناك تقارير أكدت استمرار دمشق في استعمال العنف، وإبقاء الجيش في المدن، ما يعد خرقا للبروتوكول الموقع مع الجامعة العربية، ألا تعتبرون أن تمديد عمل المراقبين قد يزيد الشكوك حول مهام الجامعة العربية في سوريا، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية القطري الذي أكد أن الجامعة لن تمدد عمل المراقبين لمجرد تضييع الوقت؟. تدويل القضية لا تقرره قطر أو أية دولة صغرى، التدويل يأتي بعد اتفاق الخمسة الكبار مالكي حق الفيتو، دعنا لا نخدع أنفسنا كثيرا، فالدور القطري مستمد من فهمه لهذه المعادلة والسعي للاستفادة منها، أما الجامعة العربية فهي تسعى للعب دور لم تلعبه أبدا من قبل، في السابق كان المبدأ هو ألا تتدخل الجامعة في الشأن الداخلي لأية دولة، اليوم أصبحت بقدرة قادر تستطيع..فما الذي قامت به؟ أعطت الشرعية للتدخل الخارجي في ليبيا لأن القوى الكبرى اتفقت على ذلك، ونحن نعرف النتيجة بعد موافقتها على التدويل، فقد انتهى دور الجامعة في ليبيا، والخوف أن يحدث نفس الشيء في سوريا، وأقول هنا إن القيام بدور وهمي ينتهي بتحقيق مكاسب للآخرين وليس للجامعة أو للشعوب العربية. تم الاحتفاظ بمحمد أحمد الدابي رئيسا لبعثة المراقبين العرب رغم الأصوات المشككة في مصداقيته، والتي أكدت بأنه سيكون آخر من يعترف بجرائم النظام السوري كونه فريقا سابقا في الجيش السوداني، ما تعليقكم؟. لا أملك معلومات كافية عن شخصية رئيس البعثة لكي أحكم له أو ضده، ولكني أقول إن اللعبة في سوريا اليوم أكبر من البعثة ومن الجامعة، وهي رهان استراتيجي لتغيير موازين القوى في المنطقة وضرب الحليفين القويين لسوريا، إيران وحزب الله. وأنا أخاف أن تكون كل اللعبة موجهة لتكريس انقسام بين العرب والمسلمين على أساس سنة وشيعة بحيث أن النظام السوري سيزداد ارتباطا بإيران خلال هذه الأزمة، وإذا أضفنا إلى ذلك التأييد العراقي له ستنكشف لنا عناصر سيناريو غير مرئي يتمثل في إحداث شرخ كبير بين السنة والشيعة في العالم العربي والإسلامي وهو من الأهداف الإستراتيجية للقوى الغربية خاصة بعد التعاطف السني الكبير مع حزب الله بعد صده العدوان الإسرائيلي وتعاطفه المتوقع في حال شنِّ الغرب عدوانا على إيران، لذا فإني لا أظن أن المسألة تتوقف عند حد التعاطف مع النظام السوري أو عدم التعاطف معه من قبل رئيس البعثة أو غيره. صرح الدابي أن دمشق تعاونت بشكل كاف مع المراقبين العرب، ما يتناقض مع تصريحات رئيس الجامعة العربية نبيل العربي الذي أكد أن تعاون دمشق كان جزئيا، ما اعتبره البعض تقاسما للأدوار في محاولة لامتصاص غضب المعارضة، ما هي قراءتكم في هذا الشأن؟. كما أسلفت، الوضع بسوريا أكبر من الجامعة، وما الانقسامات أو التردد إلا نتيجة ذلك، فالمعادلة السورية تتحكم فيها ثلاثة أطراف، الشعب السوري، النظام السوري وحلفاؤه، والقوى الكبرى، أما الأطراف الأخرى بما في ذلك الدوحة والجامعة العربية فهي أطراف ثانوية تقرأ نتيجة الحراك بين الأطراف الثلاثة وتتحرك، وفي أحيان تفهم الحقائق وفي أحيان أخرى لا، لذا فإني أقول إنه إذا كان هناك دور مهم للبعثة فهي أن تكون أمينة وتنقل حقيقة الوضع الداخلي إن استطاعت ذلك، وعلى الأقل تساعدها على أن لا تسير في طريق خاطئ كما فعلت في ليبيا. هل ترى أن تمسك الجزائر بالمبادرة العربية كخيار وحيد لحل الأزمة في سوريا، سيحول دون التدخل الأجنبي؟ ينبغي أن نفهم أن التدويل ليس قرارا عربيا، وموقف الجزائر لن يؤخر في الأمر شيئا أو يقدمه كما هو شأن باقي الدول العربية التي لم تصل بعد إلى أن تصبح قوى إقليمية، فحتى تركيا اليوم لم تعد تستطيع التأثير في القرار كما كانت مع بداية الأزمة، ناهيك عن مصر المنهمكة بشأنها الداخلي أو السعودية التي لم تتمكن من السيطرة على الملفين اليمني والبحريني، الوضع الآن في العالم العربي أشبه بالفسيفساء السياسية، ليست هناك دولة يمكنها أن تلعب دورا إقليميا لنقول أنها قد تحول دون تدويل الملف السوري أو لا تحول. كيف ترون الدور الإيراني في المشهد السوري، وهل دعم طهران لنظام الأسد من بين عوامل إطالة الأزمة؟. في ظل هذا الوضع إيران هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط اليوم التي لديها دور إقليمي، سواء من خلال التأثير في العراق أو من خلال تحالفها الاستراتيجي مع سوريا وحزب الله، لذا فإن وجود قوة إقليمية إلى جانب النظام السوري من شأنه بالفعل أن يجعل الإطاحة به أمرا صعبا، لذلك فإنه ما لم يحدث انحياز واضح للجيش السوري مع الشعب، وتعزز ذلك بانحياز واضح للطبقة السياسية التقليدية في سوريا معه، وما لم تتحد قوى المعارضة، فإن الأزمة قد تطول أكثر مما هو متوقع.