تناول الأمين العام لحزب جبهة الحرير الوطني، في حوار أجراه مع الموقع الإلكتروني »كل شيء عن الجزائر«، أول أمس عديد القضايا ذات الصلة بالحياة السياسية الوطنية، وقد ارتأينا نشره مترجما، وفيما يلي النص الكامل للحوار: نقلت وكالة رويترز تصريحات نسبتها إليكم حول دور مديرية الاستعلامات والأمن والجيش. هل فعلا صرحتم بذلك أو كذبتم تلك التصريحات؟ لقد كذّبت أولئك، الذين داخل أو خارج حزب جبهة التحرير الوطني، حاولوا تكذيب تصريحاتي التي أدليت بها إلى وكالة رويترز، ولهؤلاء أقول، من فضلكم، لا تقولوني ما لم أقل. لا تكذبوا نيابة عني، قلتها وأرددها، ولا يحق لأي مصلحة أن تفرض نفسها في الحياة السياسية، العدالة والصحافة. يجب الانتهاء من السلطة الموازية. عندما قام صحفي وكالة رويترز بطرح السؤال علي حول دور مديرية الاستعلامات والأمن، أجبته: إن كل ما قلته هو أن هذه المديرية لا يجب أن يكون لها أي تأثير أو سلطة على الصحافة، العدالة والسياسة. الأمور واضحة ولم أكف عن ترديد ذلك منذ سنة .2006 وأنا أردد أنه لا يجب أن يبقى أي وجود للسلطة الموازية ويجب تنصيب جمهورية تعمل فيها المؤسسات في إطار يحدده الدستور وليس خارج هذه الدائرة. لماذا الانتظار حتى عشية الانتخابات الرئاسية لإجراء مثل هذه التعديلات على مستوى مديرية الاستعلامات والأمن؟ منذ انتخابه سنة ,1999 التزم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ببناء دولة مدنية، تحظى فيها الحقوق بكل الاحترام ويتم تدعيم الواجبات فيها، الرئيس بوتفليقة باشر هذا المسار بإرساء إصلاحات في قطاعات عديدة، وبعد رفع حالة الطوارئ، قدر أن كل مديرية ومؤسسة يجب أن تعود إلى مكانها الطبيعي. في هذا السياق تمت التغييرات التي تم الإعلان عنها في قلب مديرية الاستعلامات والأمن. اليوم من الضروري أن نحرر الفعل السياسي، الإعلامي والعدالة، بالفعل ذكرت هذه العناصر الثلاث، لأنه في العالم كله تقوم الدولة المدنية على ثلاثة ركائز هي عدالة حرة، صحافة قوية وطبقة سياسية مستقلة. أنا لا أفهم، لماذا يريد البعض الاحتفاظ بقبضة مديرية الاستعلامات والأمن على هذه القطاعات المذكورة. تسيير الصحافة، العدالة والطبقة السياسية ليس من صلاحيات هذه المديرية. البعض يدافع عن مديرية الاستعلامات والأمن وكأننا في حزب جبهة التحرير الوطني قد اتهمناها بشئ ما، لا يجب أن ننسى أن مديرية الاستعلامات ليست إلا مصلحة تابعة لوزارة الدفاع الوطني، وأنها ليست مؤسسة من مؤسسات الدولة. وعليه فإن السماح لها بالنشاط خارج هذا الإطار هو دفع لها للخروج بعيدا عن الإطار الذي حدده لها الدستور. أنا شخصيا لا أفهم لماذا يوجد عسكريون على مستوى البلديات، وفي الإدارات المختلفة وغيرها، لماذا مديرية الاستعلامات تقوم بتحقيقات كفاءة للإطارات، في حين هذا الدور من صلاحيات العدالة. هل من الطبيعي أن يتم استجواب مواطن جزائري داخل ثكنة عسكرية، كيف تفسر الضغوطات الممارسة على الصحافة عن طريق الإشهار، وهذه الوكالة الممارسة على الطبقة السياسية؟ وبالمقابل، هناك عناصر أخرى سرعت هذه التغييرات التي طالت مديرية الاستعلامات، أذكر هنا على سبيل المثال، الهجوم الذي استهدف تيقنتورين وكون أن عهدة رئيس الجمهورية تشرف على نهايتها وأنه يريد تحقيق مشروعه، وهو بناء دولة مدنية، هو الوحيد المخول بقيادة هذا المشروع والدفاع عنه. تم اتهامكم كذلك بشن حملة ضد مؤسسات الدولة؟ أرددها مرة أخرى. أولا، إن مديرية الاستعلامات والأمن ليست مؤسسة، وإنما مصلحة تابعة لوزارة الدفاع الوطني، إضافة إلى أن حزب جبهة التحرير الوطني يدعم ويدافع عن الجيش الوطني الشعبي ولا يمكنه إلا مساندة نشاطاته التي يقوم بها في إطار حماية حدودنا، وكذا مهامه الإنسانية. منذ تزكيتكم على رأس الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني، تحدثتم عن قضايا مهمة لها علاقة مباشرة مع تسيير شؤون الدولة، البعض يرى بأن الأمين العام للحزب تجاوز صلاحياته، ما رأيكم في ذلك؟ أنا أسير حزب الأغلبية البرلمانية، ونحن هنا من أجل تجسيد مشروع سياسي يتعلق ببناء دولة مدنية. وفي هذا الإطار فإن مواقفي كأمين عام للأفلان، أعبر عنها بكل حرية ودون تردد، ولمن يرون أن اللهجة قد تغيرت، أقول لهم إن الأفلان يتجدد وإنه من الآن فصاعدا سيكون حاضرا للتعليق على كل المستجدات. أعاب الوزير الأول عبد المالك سلال، من سطيف، على البعض دون ذكر الأسماء، محاولة الحديث باسم مؤسسات الدولة؟ سلال ليس له علاقة بالسياسة، على هذه الأرضية هو لاعب فاشل، عليه أن يكتفي بدوره في الجهاز التنفيذي. طلبتم من الرئيس الترشح لعهدة رابعة، في الوقت الذي اختفى فيه هذا الأخير من الساحة السياسية منذ شهور، باستثناء ظهور نادر بين الحين والآخر في التلفزيون الوطني؟ عدة أصوات تعالت لتمنع الرئيس بوتفليقة من الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في سنة ,2014 بالنسبة لنا في الأفلان نؤكد أن بوتفليقة هو مرشحنا. هل سيترشح بوتفليقة للرئاسيات المقبلة؟ نعم، بوتفليقة سيترشح وسيعلن عن ذلك في الوقت المناسب. هل هو قادر على تسيير البلاد رغم وضعه الصحي؟ بوتفليقة يتماثل للشفاء تدريجيا و من المؤكد أن يستعيد قواه من هنا إلى غاية شهر أفريل المقبل، سيكون جاهزا لخوض هذا السباق، وحدهم الأطباء من لديهم الحق في تحديد وضعه الصحي، الرئيس ليس غائبا، يلتقي بالإطارات، يعطي توجيهات وهو من يسير البلاد. علي بن فليس لديه نوايا للترشح؟ ليس لدينا أي شيء ضد بن فليس، وهو حر في خوض التجربة ولكنه ليس مع الأفلان. مشروع تعديل الدستور، هل مزال مطروحا؟ بالتأكيد، سيتم تعديل الدستور قبل الرئاسيات. هناك أحزاب سياسية من المعارضة ترى بعدم جدوى مراجعة الدستور قبل الرئاسيات، على عكس الأفلان؟ نحن كحزب أغلبية، فإن الدستور الحالي لصالحنا، لكن هدفنا وهو هدف الرئيس كذلك هو بناء دولة مدنية، وهذا بوتفليقة وحده من يستطيع القيام بذلك، وأنا لا أفهم موقف بعض الأحزاب التي تتساءل حول نهاية هذه المبادرة، في حين أن هذه الأحزاب نفسها شاركت في النقاشات التي أشرف عليها عبد القادر بن صالح سابقا. هذه الأحزاب تركز على الرئاسيات ولا يهمها شيء آخر. ما الذي سيأتي به الدستور الجديد؟ سيكون هناك تغييرات ذات علاقة مع طبيعة نظام الحكم في التنفيذ ومراقبة الجهاز التنفيذي، استقلالية السلطات. بمناسبة اجتماعه مع أعضائه انتقد الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الديمقراطي عبد القادر بن صالح، حزب جبهة التحرير الوطني، وقال إن بوتفليقة أكبر من أن يكون مرشحا لحزب واحد، كيف تلقيتم هذه الرسالة؟ بن صالح يجهل الحكاية أو يتظاهر بتجاهل قصة »سي عبد القادر«. الذين يريدون أن يجعلوا من حزب جبهة الحرير الوطني عربة وليس قاطرة، هم أشخاص يعيشون في الماضي، حيث أن الشعب أعطى الأغلبية للحزب وحزبنا لن يكون أبدا عربة تقاد. بعكس حزب تجمع أمل الجزائر وحزب العمال، فإن حزب التجمع الوطني الديمقراطي لم يرد على مبادرة الحوار التي باشرتموها مع الأحزاب السياسية؟ سوف نتناقش مع التجمع الوطني الديمقراطي بعد المؤتمر الخاص بهذا الحزب، عبد القادر بن صالح طلب منا أن نباشر الحوار بعد انتخاب هيئات جديدة، وهذا ما سيكون بمثابة خطا سياسي. أرسلتم رسالة إلى حسين آيت أحمد، حضرتم في الندوة حول الطاقة التي نظمها الأفافاس، هل تتجهون نحو تقارب بين التشكيلتين؟ لم أقم بإرسال رسالة سياسية لحسين آيت أحمد ولا أنتظر ردا من طرفه، هذه الرسالة بالنسبة لي هي عرفان في حق الرجل، هذه الشخصية الفذة في تاريخ الجزائر. على الصعيد السياسي والتاريخي، أرى أننا لم نكن عادلين في حق هذا الرجل وفي حق حزبه، وعليه يجب أن يتوقف هذا الوضع. على المستوى السياسي لم أبادر بأي نقاش مع الأفافاس ولم أطلب مساعدته. هل أنتم مع ترسيم الأمازيغية؟ الأمازيغية لغة وطنية، وفي حزب جبهة التحرير الوطني ندعم كل الإجراءات التي تهدف إلى تقوية وتعليم هذه اللغة. تم إنزال العلم الجزائري بالدار البيضاء، العلاقات حاليا تعرف توترا بين البلدين، ما هو موقفكم؟ في حزب جبهة التحرير الوطني، ننادي إلى التهدئة، لأن عدم الاستقرار في المنطقة لا يخدم مصلحة أي طرف سواء تعلق الأمر بالجزائر أو المغرب، وما فعله ذلك الشاب المغربي بالدار البيضاء خطير للغاية، لكن مرة أخرى فإننا ندعو إلى الهدوء والهدنة.