عندما يتكلّم جينيت عن مناصٍ خارجي عن النّص، تكلّم فيما تكلّم عن التعقيبات التي تكون لآخرين أو لذات الكاتب على النّص الأساس والتي تليه ولادة من حيث الزمن، سواء بكتاب ثانٍ أو بملحقٍ على النّص الأساسي وذلك ضمن صيغة ملحقات، لكن يبقى النّص، هو المتن وهذه المناصّات الخارجية، هي الهامش. ومهما لعِب الشّكل دوراً في قضية التلقي، عندما نعتاده، يُهمل ويتحول أثره لذات الأثر الذي يخلّفه الخط الطّباعي السّائد، يكاد يكون إهمالاً كاملاً. بين عنعنة شفوية متواترة أو آحاد أو شهود وعنعنة ورقية وحدانية، أنتقل النّص عبر الزّمن والمكان، مطلقاً سطوة لا متناهية للورق حتى أنّه لا يمكن تصوّر التاريخ البشري دون القلم والورقة حتى صارت شجرة دلالتهما غابة بحجم الوجود البشري وبين ليلة وضحاها، لم يتسلل كجدولٍ بل هَدَرَ كسيل يتسع حتى صار كالمحيط ما يمكن تسميته الأدب الإلكتروني، بداية كان كظلٍ باهت ومن ثم كخط متوازٍ مع الأدب الذي يتم إيجاده على الورق، لكن ما لبث أن استقل وبدأ يُوجد مناصّات خارجية ليست بلاحقة أو متابعة له بل تُولد في اللحظة التي يُولد فيها؛ ليتم التكلّم عن التشاركية والتفاعلية المباشرة مع النّص الأدبي، عبر المدونات والمنتديات والفيس بوك والتوتير وبالأحرى كلّ النّتاج الأدبي الذي يتم ضخه إلى النّت يصبح متاحاً للمشاركة الفعّالة مع الأخذ بالاعتبار أمكانية تحصين النّص من المشاركة سواء بالتعليق أو الإعجاب وردّه إلى حيثيته الورقية بهذا الشّكل. التشارك المذكور آنفاً هو درجة بدئية تسود الأدب الالكتروني، تذكّر بالشّفوية وهي تكاد تندرج ضمن تجليات التي تكلّم عنها جينيت والشكل المعتاد الذي مع تنامي وجود الشّبكة العنكبوتية المطرد في حياتنا سيتحول لحالة الخطّ الطّباعي يكاد لا يُذكر أثره. التشارك المأمول والذي مازال حيزه صغيراً جداً مقابل التشارك السّابق هو إدخال الإمكانات الهائلة الالكترونية من صور ثابتة ومتحركة وموسيقى مرافقة وقدرة على تحويل النّص المكتوب إلى نصٍ سينمائي عبر أجهزة ملحقة من نظارات ثلاثية الأبعاد وأقطاب توضع على الرأس بحيث يصبح النّص خيالاً مصوراً أمام القارئ وهذا المذكور ليس من الخيال العلمي بل قاب قوسي التحقيق وعندها نستطيع أنْ نتكلم عن أنّ الحامل للنّص الأدبي والمقصود به هنا التقنية الإلكترونية الحديثة عبر تجلياتها العديدة لم تعد مناصّات خارجية بل تصبح مناصّات داخلية كعنوان العمل الأدبي والغلاف واسم الكاتب والاستهلال وحتى أكثر من ذلك ليختلط الحامل بالمحمول، بحيث يصبح النّص الالكتروني لا يمكن تحقّقه في الشّكل الورقي دون خسارة جسيمة تصيبه وهنا سيغدو الفرق لا يجبر وكأنّنا نتكلّم عن الفروق بين النّص الشّفوي والنّص المكتوب ويمكننا القول، ضياع الفارق بين الهامش والمتن واندماج عضوي بين المناصّات كلّها، بحيث نصبح أمام النّص الكتابي السايبري *دمج العضوي بالالكتروني