أفرج حزب جبهة التحرير الوطني، الاثنين، عن لائحة سياسته العامة المنبثقة عن المؤتمر الوطني العاشر، والتي تمحور حول ما أطلقت عليه قيادة الحزب "التشبيب والتجديد"، داعية إلى أخلقت الممارسة السياسية وفتح حوار وطني مسؤول. واستهلت قيادة الحزب ممثلة في الأمين العام عمار سعداني مضمون السياسة العامة، بديباجة تطرقت فيها لمضون رسالة الرئيس بوتفليقة للمؤتمرين، ودعوته المناضلين إلى "التجدد" و"التمسك بالقيم السامية" المستمدة من روح الثورة التحريرية. كما استندت السياسة العامة التي ستحكم الحزب العتيد في السنوات الخمس المقبلة إلى الخطاب الافتتاحي الذي القاه الأمين العام للحزب عمار سعداني، خلال جلسة افتتاح المؤتمر، والتذكير بمرجعية الحزب الثابتة إلى بيان أول نوفمبر 1954. وبعد تثمين "المكاسب والإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تحققت في فترة الرئيس بوتفليقة، توجهت لائحة السياسة العامة باسم مؤتمر الحزب بالتحية إلى الشعب الجزائري وإلى الرئيس بوتفليقة كونه أيضا رئيسا ل"الأفلان"، وأشادت بجهود الأمين العام عمار سعداني من أجل توحيد جمع الصفوف وتعزيز انتشار الحزب وتوسيع هياكله، ويهيب بجميع المناضلين والمناضلات الغيورين على حزبهم ومصلحة بلادهم أن يلتفوا حول القيادة الجديدة المنبثقة عن المؤتمر العاشر وأن ينأوا بأنفسهم وحزبهم عن كل من ما شأنه أن يفرق صفوف أبناء الحزب لكي يظل قوة سياسية رائدة في الساحة السياسية. وأكدت الوثيقة التي -توصلت "صوت الأحرار" بنسخة منها- على ضرورة توظيف مختلف الطاقات الحية من المناضلين والمناضلات وإيجاد آليات للتفاعل الواعي والمسؤول مع مقتضيات الساحة الوطنية والدولية والاستجابة لمتطلبات الواقع السياسي الذي تشهده البلاد. إن المؤتمر العاشر-تضيف لائحة السياسة العامة- "يذكر بأعباء المسؤولية التي تحملها الحزب قبل تبني البلاد للتعددية السياسية والحزبية ليدعو اليوم كافة المؤمنين بخطاب الحزب وبرنامجه إلى مزيد من النضال والتشبث بنهجه للحفاظ على المكانة الريادية التي ميزه بها تاريخه العريق ورسمتها صناديق الاقتراع الشعبي عبر مختلف الاستحقاقات الانتخابية الوطنية والولائية والمحلية". وأولت السياسة العامة أهمية قصوى لتوثيق وكتابة تاريخ الثورة الجزائرية كمرجعية للدولة الجزائرية الوطنية الحديثة وحصانة للشعب الجزائري، وحرصت على"تثمين كرامة المجاهدين والاعتزاز بشهدائنا الأبرار واحترام الذاكرة الوطنية نضالا وتاريخا، ويدعو إلى تفعيل قانون المجاهد والشهيد الذي ينص على تأسيس المجلس الوطني للذاكرة". ودعت الوثيقة إلى المساهمة في تهذيب وأخلقة الممارسة السياسية في إطار الحوار المسؤول وممارسة الديمقراطية التعددية الهادفة التي تحترم فيها الإرادة الشعبية بعيدا عن التطرف والسلوكات المنافية لأبسط قواعد اللعبة الديمقراطية، كما دعت القوى السياسية الوطنية الحريصة على مصلحة الوطن أن تساهم في تعزيز مسار استكمال الإصلاحات عبر إرادة سياسية مسؤولة ونقاش بناء يستجيب لإرادة الشعب وبتوخي تحقيق الأهداف الوطنية والعمل على تعزيز وترسيخ دولة الحق والعدل والقانون. وألحت وثيقة المؤتمر على الاعتناء بالجماعات المحلية باعتبارها الفضاء الأمثل للتعبير الديمقراطي التعددي، الأمر الذي يتطلب تعزيز صلاحيات المجالس الشعبية المنتخبة على جميع المستويات، ويدعو بهذا الصدد إلى إعادة النظر في قانوني البلدية والولاية وقانون الانتخابات، كما ألحت على تعزيز مسعى المصالحة الوطنية ومواصلة الدولة والمجتمع للجهود المبذولة للمعالجة الفعالة لآثار المأساة الوطنية". وفيما يتعلق بالمنظومة التربوية والبحث العلمي وبناء الإنسان فإن المؤتمر حسب ما جاء في بيان السياسة العامة يدعو إلى ضرورة إيلاء العناية القصوى بمنظومة التربية والتعليم والبحث العلمي والعناية بالمعرفة باعتبارها العناصر الأساسة لبناء الإنسان، ويلح في هذا الصدد على أن يتم إصلاح المنظومة التربوية ضمن القيم والثوابت الوطنية وفي إطار ديمقراطية التعليم وإلزاميته والمحافظة على طابعه العمومي ودعمه الدائم تأطيرا وتكوينا وفق منظور العصر وبناء على التطورات في مجالات العلم والمعرفة قصد جعل ناشئتنا تواكب ما يحمل من تطورات في هذا المجال. كما يوصي المؤتمر بإيلاء العناية للثقافة الوطنية من خلال وضع سياسة واستراتيجية ثقافية طموحة تأخذ في الحسبان الخصوصيات الوطنية وتراعي متطلبات العصر، وتزويد عناصر الثقافة الوطنية بالإمكانيات المادية والمالية الضرورية وتشجيع المبدعين والكفاءات في مختلف التخصصات للنهوض بالثقافة الوطنية وتشجيعها على الإسهام في إبراز الوجه الحضاري والثقافي لبلادنا في المحيط الإقليمي والدولي. وجدد "الأفلان" أيضا إرادته في ضمان وحماية حرية التعبير وحرية الصحافة، مع الالتزام بأخلاقيات المهنة واحترام القانون والمقومات الأساسية للمجتمع الجزائري، حفاظا على حريات الأفراد وحقوقهم وحياتهم الخاصة وكرامتهم. وخارجيا اكد حزب جبهة التحرير الوطني في بيان سياسته العامة مبدأ مساندة الشعوب التي ما تزال ترزح تحت النير الاستعماري في ممارسة حقها لتقرير المصير والاسقلال واحترام مبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول لسيادتها والتسوية السلمية للنزاعات في إطار مواثيق وقرارات الأممالمتحدة ستبقى من القضايا الجوهرية التي يدعمها الحزب على الدوام وفق منظور السياسية الخارجية للجزائر. وجدد تمسكه ببناء اتحاد المغرب العربي الكبير كخيار استراتيجي وبرؤية شاملة ذات مضامين اقتصادية واجتماعية وثقافية تحترم فيها كافة شعوب المنطقة لما يعود عليها وعلى شعوبها بالنفع العام، ومن أجل اندماج حقيقي يهدف إلى بناء فضاء اقتصادي قوي أمام التحديات التي تفرضها العولمة والتكتلات الإقليمية على بلداننا وشعوبنا. وبخصوص الصحراء الغربية أكد حزب جبهة التحرير الوطني في مؤتمره العاشر على الإسراع في تطبيق مقررات الشرعية الدولية لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية بهدف تمكين الشعب الصحراوي بقيادة جبهة البوليساريو من حقه في تقرير المصير عبر استفتاء حر وشفاف ونزيه. كما أكد الحزب دعمه المطلق للشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع ضد الاحتلال الاستيطاني الصهيوني، وندد بالاعتداءات المتواصلة على المقدسات الفلسطينية، ودعاالمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته كاملة لحماية المقدسات الفلسطينية الإسلامية منها والمسيحية على حد سواء.