تحدث الروائي الشاب محمد رفيق طيبي،عن ما ميز مسيرته الأدبية حيث ظفر بتأشيرة روائي مبدع لجائزة »علي معاشي« لفخامة رئيس الجمهورية لهذه السنة، عن نصه الروائي « الموت في زمن هش«، وفي حوار جمعه ب « صوت الأحرار« تحدث صاحب رواية « عاصفة العاطفة« عن جوانب عدة تتعلق بالمقروئية والنشر بالجزائر. حمد رفيق طيبي.يتكرّر هذا الإسم في الساحة الثقافية وينظر إليه على أنه مثال لأدب الشباب فكيف يقدم نفسه ؟. رغم أنّ السؤال كلاسيكي لكنه يبقى الأصعب على الإطلاق في مواجهة أيّ كاتب،أقول بتلخيص أنّ محمد رفيق طيبي هو باحث عن الإختلاف وصانع لنصوص تجريبية يحاول عن طريقها إجلاء السواد وإيجاد مكان تحت الشمس، يخطئ من يقول أنني كاتب أو روائي، أنا فقط أحاول،,أحاول أن أكتب شيئا مُهما وقد أنجح وقد لا أنجح.خريج كلية الحقوق والعلوم السياسية، مقيم ببرج بوعريريج كتبت في بداياتي الشعر وإخترت قصيدة النثر كجنس أُناضل فيه وتحولت لاحقا إلى الرواية لظروف خاصة يطول شرحها،نشرت سنة 2013 كتابي الأول « عاصفة العاطفة« عن دار جيطلي للنشر، فيما نشرت روايتي «الموت في زمن هش «عن دار فيسيرا بالجزائر العاصمة. توجت بجائزة علي معاشي للشباب المبدع،عن روايتك « الموت في زمن هش «، كيف تلقيت خبر تتويجك و ماذا تعني لك الجائزة؟ . جائزة علي معاشي محطة أولى ,يمر عليها أي شاب,هي رسالة قوية جاء فيها أن المسؤولية الموكلة إليّ أكبر مما كنت أتوقع, وأن الإستمرارية أصبحت حتمية بعد أن كانت خيار,الآن أنا مطالب بانتاج نصوص أكبر وأعمق وأن أبقى في الساحة مهما كانت العواقب والعراقيل فكثير من المبدعين الذين تحصلوا على هذه الجائزة لم نشهد ظهورا لاحقا لهم,غابوا نهائيا بعد أن توقعنا نجاحهم ورأينا فيهم أملا لهذا الجيل الجديد.تلقيت الخبر بفرح وخوف في آن واحد,مع أنني في البداية لم أصدق,لم أتوقع أبدا النجاح,فمشاركتي كانت عفوية,كنت أعتقد أن كتابة نص والمشاركة به هو بذاته إنجاز وقلت مهما كانت النتائج لا يهم,شرف المحاولة يرضيني لكن أن أجد النص فاز من بين 83 رواية أخرى مشاركة فهذه هي المسؤولية الكبيرة,لابد من إختلاف ولابدّ من تعزيز رأي اللجنة التي وثقت بالنص بكتابة الأجمل والأرقى. ماسر العنوان « الموت في زمن هش« ونريد بعض التفاصيل عن هذا النص المتوج ؟ « الموت في زمن هش« رواية تكتب جزءا من فترة مهمة مرّ بها العالم العربي ككل من أزمة التسعينيات في الجزائر إلى ما يحدث في سوريا وليبيا والبلدان الأخرى, ربما هي مقارنة أو مقاربة أو محاولة لتفكيك بعض الألغاز.النص يجمع السياسي بالعاطفي والإجتماعي ويوازي بينهم,حيث أردت أن أقول بأنّ من مكونات الجمال البشاعة وداخل البشاعة يوجد جمال أيضا, ودوما أنا حريص على المشاهد البانورامية التي تستدعي القارئ وتحثُّه على قراءة خاصة به للأحداث إضافة إلى تتبع قراءة الروائي بغية الوصول إلى وعي ما ونتائج محددة.العنوان جاء بعد كتابة جزء يسير من النص ربما مصادفة حيث رأيت أنّ الموت كان حاضرا بقوة وأن الظروف الزمنية تمتاز بالهشاشة والضعف العام فقلت الموت في زمن هش كررّت القول ووثّقته وكان هو الإختيار الأول والأخير ومذ ذلك اليوم والسؤال الكبير هو لماذا هذا العنوان وهل نحن حقيقة نعيش في زمن هش . كيف تنظر إلى تجارب الشباب المبدع في الجزائر ؟ هناك محاولات جادة وصارمة وقد ينجح أصحابها وتكرّس أسماؤهم بقوة لو إستمروا فما ينتجه محمد جعفر كروائي وشاعر يستحق الرعاية والإهتمام إضافة إلى أسماء مختلفة من العيساوي عبد الوهاب إلى خليل حشلاف وغيرهم من الأسماء المتميزة عملا وحضورا سينجح هؤلاء بلا شك في إيجاد مقعد دائم تحت الشمس فالكاتب الشاب اليوم بحاجة إلى صبر ونفس طويل خاصة وأنّ الساحة الأدبية تشهد تناميا فظيعا للحقد . العديد من النصوص الأدبية ذات نوعية لا تحظى بالاهتمام و التسويق في الجزائر، الى ماذا يرجع السبب في رأيك؟ من جهة تلعب مركزية العاصمة دورا حيث تموت العديد من النصوص داخل المدن الداخلية ومدن الجزائر العميقة بسبب الإعلام الثقافي الذي لا يبذل جهدا كبيرا في التعريف بالجديد من الكتب وكتابها وأيضا بسبب عجز ثقافي عربي شامل حيث طغت الثقافة المادية التي قتلت روح المبادرة وحب الأدب والكتاب,العديد من الظروف المحلية والعربية صنعت تراجعا كبيرا وأيضا يجب القول أن محدودية الثقافة لدى أكثر من 70 بالمائة من الشعب الجزائري سبب كافي لتقهقر التسويق الثقافي والإعلامي للإبداع. كيف تقيم دور المثقف الجزائري في التنمية الفكرية للمجتمع، و هل ترى كمثقف شاب أنه يجب على المثقف أن يعتلي منابر القرار أم أن ينأى بفكره عن نظام الحكم؟ . المثقف هو الحلقة الأكثر أهمية في التنمية الفكرية والثقافية والروحية للمجتمع حيث يساهم بكل ما يملك من وسائل في صناعة الوعي وإبعاده عن التزييف كما يوكل له القضاء على مظاهر التخلف خاصة السلوكية منها وإخراج شعبه من الخرافة والدجل وتصحيح المفاهيم والمسلمات الخاطئة التي ترسّخت بفعل غياب هذا المثقف النقدي الحقيقي. المثقف يجب أن يكون فاعلا في كل الميادين ولا يتعالى عن أي مهام أو مسؤوليات وإذا نجح في الوصول إلى مركز القرار فلابدّ أن يقدم ما يمكن تقدميه بثقافة عالية, فالقرار جزء من الوسائل التي تمكنه من إستخدام الثقافة كسلاح وعتاد لمواجهة التخلف,أما الإبتعاد عن نظام الحكم فهذا غير وارد,هي عبارات رنانة يطلقها دوما من فشلوا في الوصول إلى مناصب مهمة في المؤسسة الثقافية أو السياسية لكن تواجد المثقفين في هذه الأماكن هو الخطوة الأولى نحو التغيير الجذري. هل صحيح أن حركة النشر في الجزائر متمركزة في العاصمة؟ و كيف يؤثر ذلك على الروائيين الشباب من الولايات الداخلية و الجنوبية ممن لا تعرف أعمالهم الى بعد سنين؟ الإعلام متمركز في العاصمة ودور النشر الكبيرة كذلك لكن رغم صحة ما ورد في سؤالك إلاّ أن السنوات الأخيرة غيّرت الكثير من الأشياء فالميديا والوسائط الإجتماعية كالفايسبوك وتويتر نجحا في فك الخناق على الكثير من الكتاب والمثقفين الذين كانوا وراء الضوء وتم الإنتباه إليهم ككتاب لهم صوت ولهم حضور أدبي وعملي قوي,المركز تراجع لكنه موجود وسيأتي يوم وينتهي بلا شك وهذا قادم خلال السنوات القليلة القادمة. بعض الروائيين الصاعدين يتهمون «نجوم الأدب« أي الأسماء المعروفة في الساحة الأدبية في الجزائر بتهميش الكفاءات الشابة حتى يحافظوا على بريقهم ومكانتهم لدى القارئ. يحدث هذا لكن بدرجة عادية وليس حد التوهم,الفاشل عادة يتهم الغير بأنهم سبب فشله, ربما هناك كتاب يحاولون البقاء والإستحواذ على الساحة رغم أنّ ما قدموه غير مقنع لكن قارئ اليوم يعرف جيدا من يستحق المكانة ومن لا يستحقها وكما قلت سابقا الميديا قضت على الكثير من المظاهر وأتاحت للمبدعين ديمقراطية لم يحلموا بها من قبل,لابدّ من الإحترام المتبادل والنهل من تجارب الرواد. الكبار كبار سلوكا وكتابة فهل نتصور روائي بحجم مرزاق بقطاش أو واسيني الأعرج يهمش شابا ويحاول إقصاءه طبعا هذا تصور خاطئ وغير ممكن أبدا. بعض الفشلة يحاولون قتل الحلم في الشباب وبعض الشبان أيضا يحاولون أن يجدوا إعترافا من الكتاب الكبار وهم لا يستحقونه لذلك نجد هذه المفارقات, لم أجد هذه العقبات لسبب واحد وهو إحترامي الدائم والعميق لمن سبقني في هذا الميدان,لم أحول أبدا أن أقلل من عمل كاتب,أحترم الرواد وأقدر أبناء جيلي لذلك ليست لديّ هذه الشكاوي المتكررة عند الغير . تطرح مشكلة المقروئية بحدة في الجزائر، ما السبب؟ أم أن الكتاب أرهقته الرقمنة؟. من جهة رفاهية العولمة قادت الأمم المتخلفة عموما إلى كسل شديد,حيث أصبح الكتاب مرهقا في ظل الصورة الرقمية ووسائط الميديا,القضية لا تتعلق بالكتاب بقدر ما تتعلق بوسائل الإعلام بجميع صنوفها إضافة إلى تعديل المناهج الدراسية وإقحام آليات بيداغوجية تدعم فعل القراءة وتطوره لدي الأفراد إبتداءً من الطفولة . هل تنوي اصدار ديوان شعري اضافة للرواية؟ . حين يتعافى الشعر,ربما.لديّ أولويات,الشعر أكتبه لنفسي ولبعض المقربين الذين ألتقي بهم في الأمسيات الشعرية المحلية,قد أنشر ذات يوم لكن ليس في هذه المرحلة. ما هي مشاريعك المستقبلية؟ لديّ عمل روائي جديد أعمل عليه منذ أشهر,قد يكتمل خلال نهاية السنة الجارية إضافة إلى أعمال أخرى تلوح في الأفق ولم تظهر بعد ملامحها كاملة لذلك الحديث حولها في هذا الوقت غير مناسب. كلمة أخيرة. شكرا لك ولجريدة "صوت الأحرار" على هذه المساحة الجميلة,أشكر جهودكم وأوجه التحية لكل متابعي الأدب والشأن الثقافي ككل.