تثار بمناسبة الصالون الدولي لكتاب الطفل والناشئة الذي يقام حاليا بالمكتبة الوطنية، أسئلة كثيرة حول واقع نشر كتب الأطفال في الجزائر. عندما يفتح الجمهور الزائر عيونه على واقع النشر في عدة أقطار عربية وغربية وما يعرض على رفوف أجنحة الصالون من إصدارات، يدرك تماما أن التجارب مختلفة وأنها نوعية جدا في أقطار مثل لبنان ومصر وسورية، وكذا في فرنسا طبعا وهي البلد الرائد بحق في نشر كتب الطفل والناشئة. في هذه البلدان يقف وراء إصدار الكتب والسلاسل العلمية والمعرفية والأدبية لجان مختصة وخبراء في البيداغوجيا وعلم النفس والآداب، حتى إنك تجد بعض دور النشر تخصصت في كتاب الطفل والناشئة، وتشتغل على إصدار مؤلفات تثري الخيال ولغة الحكي وتنمّي المدارك النفسية والقيم السلوكية وتعزّز المهارات المختلفة حسب فئات العمر ومميزات كل مرحلة وخصوصيات الواقع أيضا.. ربما أتاح هذا الصالون للزوار والكتّاب والناشرين فرصة التعرّف على هذه التجارب وتبادل الخبرات مع دور النشر الأجنبية، غير أن الواقع يحيلنا أيضا على كثير من نقاط الضعف والخلل في عملية نشر كتاب الطفل بدءا بالاستجابة لحاجات هذا الطفل المختلفة من خلال التأليف الجيد والمفيد مرورا بإنجاز الكتاب في شكل أنيق وملوّن وبورق صقيل ورسوم حيّة، ووصولا إلى التوزيع وخدمة الطفل من حيث السعر وإيصال الإصدار إلى مختلف المناطق خاصة في الجزائر العميقة.. كنت دائما أرجو أن ينتبه الكتّاب والناشرون إلى أن هذا البلد قارة بكل المقاييس فيأخذوا بعين الاعتبار أهمية التنوّع الأنثروبولوجي بين المناطق والجهات والذي يعدّ عنصر ثراء لا تناقض في ثقافتنا الوطنية، وأن يترجم في نصوص وحكايا ومنجزات متميزة فنيا وإبداعيا.. كنت أرجو أشياء كثيرة، أبرزها أن تحتفي المدرسة بالقراءة والمطالعة فتعوّد أطفالنا على الإمتاع والمؤانسة، وحبّ الحكيّ والحديث السلس من الخيال.. أرجو أشياء كثيرة أرى أن ينشأ عليها الطفل اجتماعيا حتى يحبّ الكتاب ويعشق الحرف والمعنى، ولكن..! يحيلنا صالون كتاب الطفل على ضرورة أن نهتم أكثر بتنشئة الأطفال على حبّ الكتاب ولكن أن نستأنس أيضا بتجارب عدة دول قطعت أشواطا رائعة في مجال نشر الكتب الخاصة برجال المستقبل، وتلك ميزات مثل هذه الصالونات حتى لا تكون مناسبة تجارية فقط. أما بعد: "في فلسطين..يولد الأطفال كبارا.." - يوسف شنيتي