قيمة المخطط الخماسي للتنمية هي 156 مليار دولار، وما تم تخصيصه لاستكمال المشاريع الكبرى 130 مليار دولار، والرئيس بوتفليقة أمر في اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد أمس واعتمد هذا المخطط "أن يسهر كل قطاع على الإعداد الجيد للمشاريع من أجل تجنب إعادة تقويم التكاليف مؤكدا أن الخزينة العمومية تقوم من خلال هذا البرنامج بتعبئة جميع قدراتها". كلام الرئيس عن إعادة تقويم التكاليف يلقي بعض الضوء على المخصصات المالية الموجهة لاستكمال إنجاز المشاريع الكبرى، وإذا عدنا إلى المخطط السابق الذي كانت قيمته في حدود 160 مليار دولار، فإن تخصيص 130 مليار دولار أخرى لاستكمال المشاريع التي كانت مدرجة ضمنه يعني أن إعادة تقويم التكاليف تقترب من حدود مائة بالمائة وهذا أمر لا يمكن فهمه أو تفهمه. في تدخله أمام المجلس قال الرئيس :"كل قطاع سيعرض على راس كل سنة مدى تقدمه في تنفيذ برنامجه وسنقوم كل سنة بتقدير الوضع المالي للبلاد حتى نأخذ عند الاقتضاء وسائلنا المالية بعين الاعتبار ذلك أننا نستبعد مقدما أي لجوء إلى الاستدانة من الخارج. كما أننا سنرافق هذا الإنفاق العمومي الهام لصالح التنمية بما يلزم من الصرامة لكي نقضي على أي إفراط وأكثر من ذلك على أي تبذير في تسيير الدولة والجماعات المحلية. وموازاة مع ذلك سيتعين على آليات الرقابة أن تؤدي دورها كاملا كما سبق لي وأن أمرت به في تعليمتي الأخيرة"، وهذا الكلام فيه إقرار بأن المشاريع الكبرى أصبحت منفذا لنهب المال العام، وربما تكون إعادة تقويم التكاليف مؤشرا على هذا النهب فضلا عن أنها تؤشر على سوء التقدير والتسيير. مشكلتان أساسيتان تخربان كل الجهود التي تبذل من أجل تنمية البلاد وتجعلها عديمة الفائدة، المشكلة الأولى هي عدم احترام آجال الإنجاز، والثانية هي إعادة تقويم التكاليف، ومنذ أكثر من عقد من الزمن والحديث كله يدور حول احترام الآجال، وقد تم صرف مزيد من المال من أجل احترام الآجال لكن المشكلة لا تزال قائمة، وهو ما يعني أن وفرة المال أصبحت في حد ذاتها مشكلة أخرى.