بانقضاء 2010 السنة الوحيدة من بضع سنوات، تكون وزارة الصحة والحكومة عموما، تمكنت من بلوغ مستوى من الهدوء والاستقرار بقطاع الصحة، والفضل في ذلك يعود أساسا لحالة الحوار التي سادت مؤخرا بالقطاع، والزيادات الموعود بها في الأجور، المرتقب الإعلان عنها قريبا. تميّزت سنة 2010، لاسيما الفصل الأخير منها بحالة من الهدوء والاستقرار المتميّز، والسبب في ذلك يرجع أساسا إلى حالة الحوار والتفاوض المباشر التي اتبعتها وزارة الصحة مع نقابات القطاع، على امتداد حوالي ستة أشهر بدون انقطاع، وهي الفترة التي كان التقى فيها وزير الصحة الدكتور جمال ولد عباس برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وقد تلقّى الوزير تعليمات واضحة وصريحة ، كشف عنها هو نفسه، تقضي بأن يسارع في حل الأزمة القائمة بين نقابات القطاع ووزارة الصحة، وأسباب ذلك، أن نقابات الصحة العمومية كانت رفعت منذ سنوات جملة من المطالب المهنية الاجتماعية، في مقدمتها، إصدار قانون أساسي خاص بعمال الصحة، مع نظام خاص بالمنح والتعويضات، يُغطي النقائص التي وردت في شبكة الأجور الجديدة التي أقرّتها الحكومة عقب الاحتجاجات والإضرابات التي شهدتها عدة سنوات سابقة. وتنفيذا لهذه التعليمات التي أسدى بها رئيس الجمهورية دخل وزير الصحة جمال ولد عباس، في حوار ونقاش متواصل مع نقابات القطاع، وفي مقدمتها ممثلو الأطباء العامين والأخصائيين، والصيادلة، وجراحو الأسنان. وفي أول لقاء للتعارف، عقب تنصيب الوزير ولد عباس، أظهر هذا الأخير استعدادات كبيرة لحل الأوضاع غير العادية التي كان يعيشها القطاع، ودراسة جملة المطالب المرفوعة، وقد فتح بالفعل أبواب الحوار والنقاش واسعا مع ممثلي الشرائح العمالية، واستمع لكل المقترحات المقدمة، التي اعتمدت أرضية للتعامل بها مع المديرية العامة للوظيف العمومي، وحتى هذه اللحظة مازالت شرائح القطاع تنتظر الإعلان عن زيادة معتبرة في الأجور الشهرية، عن طريق إقرار المنح والعلاوات المطالب بها، وهي منح تتعلق بالمردودية والتحفيز والأقدمية والمسؤولية والخطر، وهي تختلف من شريحة لأخرى، وهذه المنح هي التي يرى هؤلاء في أنها ستُعوضهم عن بعض ما أصابهم من شبكة الأجور الجديدة، التي قالوا إنها أُقرّت في غيابهم. ولأن وزير الصحة كان وعدهم بالإعلان عن هذه الزيادات مع نهاية السنة الجارية، فهم حتى هذه اللحظة ينتظرونها بفارغ الصبر، ويأملون في أن تكون معتبرة، ولا تبتعد كثيرا عن الزيادات التي أقرتها الحكومة مؤخرا للأساتذة الجامعيين. ومع أن المطلب الرئيسي للأطباء العامين والأخصائيين والصيادلة وجراحي الأسنان هو الزيادة في الأجر الشهري، إلا أنهم مازالوا حتى الآن ينصّصون ويِؤكدون على ضرورة اهتمام الوصاية ببقية المطالب التي تتعلق خاصة بمراجعة بعض البنود الواردة في القانون الأساسي الخاص الصادر، ولاسيما منها البنود المتعلقة بالتصنيف والترقية، زيادة عن المراجعة الجذرية للخارطة الصحية، التي استحدثت فيها المؤسسات العمومية للصحة الجوارية بصورة عشوائية، وبطريقة متسرعة، بحيث أنها مثلما يؤكد عمال الصحة المعنيين بعثرت الإمكانيات المادية والبشرية، وأضعفت القطاعات الصحية التقليدية القائمة منذ سنوات، وتسببت في خلق حالة كبيرة من الفوضى في التسيير الإداري والمالي، في ظل تجاوزات قانونية كبيرة في مجالات التوظيف، ومنح المناصب، وصرف الأموال العمومية في الكماليات وفي غيرها من دون رقيب أو حسيب. وعوض أن تُقدم إضافات للقطاعات الصحية القائمة، كانت ومازالت عبئا عليها، وحتى يومنا هذا مازالت النقابات، وفي مقدمتها النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، والنقابة الوطنية لأخصائيّي الصحة العمومية، تطالب بإعادة النظر في الأوضاع غير القانونية، التي تعيشها هذه المؤسسات الصحية الجديدة، وأولى بوزارة الصحة مثلما ترى ذات النقابات أن تُصدر لهذه المؤسسات الصحية التي خلقت من رحم القطاعات الصحية قوانينها الخاصة، وأن تُرسمها، أو تحذفها كهياكل قائمة بذاتها، وأن تُمكنها في حالة التثبيت الرسمي من تأسيس لجانها المتساوية الأعضاء، التي تعود لها مهمة الترقيات التي هي مجمّدة حتى الآن، وأن تنصّب على رأسها مديرين أكفّاء لهم دراية كبيرة بالتسيير الإداري والمالي، ولا يجب أن يكونوا بالضرورة من فصيلة الأطباء، لأن الطبيب قد يُدرك علاج المرضى، ويعجز عن إدراك التسيير الإداري والمالي.