كانت المدن المجاورة لولاية الجزائر يومي الخميس والجمعة مسرحا لأحداث الشغب التي جاءت في سياق الاحتجاج على غلاء المعيشة والزيادة المفاجئة لأسعار بعض المواد الأساسية على غرار الزيت والسكر، وفي هذا السياق شهدت شوارع وأحياء كل من بوقرة والأربعاء وكذا مفتاح التابعة لولاية البليدة إلى جانب الكاليتوس وسيدي موسى وبراقي عمليات قطع الطريق وتخريب عدد من مقرات الهيئات العمومية مثل سونلغاز والبريد والمواصلات. استيقظت شوارع العاصمة والمدن المجاورة لها صباح الخميس على جو مشحون بالترقب لما قد يعيد إلى الأذهان أحداثا مؤلمة كانت مرت من هناك خلال السنوات الماضية، وإن كانت الليلة السابقة مهدت لعميلات التخريب التي شرع فيها مجموعات من الشباب الغاضبين، فإن اليوم الموالي عرف اتساعا لرقعة الاحتجاجات التي شملت عددا معتبرا من المدن والمناطق المجاورة للعاصمة بكل من ولايات بومرداس، البليدة وتيبازة ولم تستثن في ذلك تلك المناطق والأحياء التي كانت كل مرة في دوامة الأحداث الساخنة على شاكلة حي باب الوادي، ساحة أول ماي، والحراش وكذا باش جراح، إلى جانب المدن والقرى التي عانت أكثر من غيرها من ويلات الإرهاب على غرار بوقرة، والأربعاء ومفتاح بالبليدة إلى جانب الكاليتوس وسيدي موسى. وفي جولة قادت »صوت الأحرار« إلى هذه المناطق يومي الخميس والجمعة للوقوف على آثار الكارثة التي مست عددا معتبرا من المؤسسات العمومية والتي قدرت خسائرها بعض الأطراف بالملايير، فإلى جانب عمليات التكسير والتحطيم التي طالت الدعائم الإشهارية عبر الطرقات والأحياء وموافق الحافلات، لم تسلم أعمدة الإنارة العمومية من التخريب، ولم تتوقف العملية في يومها الأول رغم تأكيدات السلطات العمومية على أن الوضع سيعود إلى حاله خلال الأيام القادمة، فإن يوم الجمعة شهد أيضا حالة أخرى من مظاهر الاحتجاج، حيث خرج المئات من المتظاهرين إلى الشوارع في مسيرات معبرين عن رفضهم للواقع المعيش، وإن كان في مقابل ذلك أعرب كثير من المواطنين عن قلقهم لحالة الهستيريا التي انتشرت عبر الشوارع والتي عطلت الحركة وأجلت مصالحهم. ولم يتوان كبار السن منهم في التعبير عن تذمرهم من عميلات الكسر والتخريب التي طالت المؤسسات والأملاك العمومية على اعتبار أن الدين الحنيف ينهى عن مثل هذه الممارسات التي تمت بصلة للإسلام، وفي هذا الإطار أجمع من التقيناهم في الشوارع على أن الأسلوب الحضاري للاحتجاج على غلاء المعيشة لا ليس عبر هدم ما تم إنجازه خلال عقود من الزمن وبالتالي العودة إلى نقطة الصفر بل ومن شأن ذلك تعقيد الوضع أكثر من خلال التأثير على المستوى المعيشي للمواطنين، حيث أن الأولوية وإن كانت رفع المستوى والإطار الحياتي للأحياء والمدن الجزائرية فإن حالة مثل هذه قد تؤجل النظر في ذلك بل وتزيد من تفاقم الأزمات الاجتماعية، فيما قال آخرون أن ما خرب من منجزات سيزيد من مضاعفة مشاكل المواطن البسيط. وفي سياق الوقوف على آثار الفوضى العارمة التي تزامنت مع موجة الاحتجاجات فقد شوهدت آثار الحرق والتخريب بادية على كثير من المؤسسات العمومية ذات المنفعة العامة في كل من بوقرة والأربعاء إلى جانب مفتاح وكذا الكاليتوس وسيدي موسى إلى جانب أحياء بلدية براقيجنوب العاصمة وكانت هذه الوضعية التي دامت إلى وقت متأخر من ليلة الخميس وبعض من يوم الجمعة، تسبب في تعطيل كبير لحركة المرور مما صعب على العمال والطلبة في الجامعات الوصول إلى منازلهم خصوصا مساء يوم الخميس، حيث شهدت المناطق المذكورة شللا تاما لم تتمكن معه تدخلات مصالح الدرك والشرطة من إيجاد الحلول والسبل الكفيلة للتقليل من حدة الوضع.