أبدت المركزية النقابية موقفا صارما بخصوص محاولات بعض الأطراف استغلال الغضب الشُباني الذي شهدته الجزائر مُؤخرا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وشددت على أن ما تحقق من مكاسب على كل المستويات في مقدمتها الزيادات في أجور مختلف العمال يستدعي الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي ومنه الحفاظ على مناصب الشغل وفتح المجال أمام التنمية الاقتصادية من أجل توفير مناصب جديدة، وبرأيها، فإن الجزائر تجاوزت مرحلة الاحتجاجات العنيفة إلى مرحلة الحوار والتشاور. يعترف الاتحاد العام للعمال الجزائريين بكون القدرة الشرائية للمواطنين لا تزال دون المستوى المطلوب بل ويذهب إلى حد وصفها بأنها لا تزال ضعيفة، وهو ما جاء على لسان العضو القيادي بالأمانة الوطنية، صالح جنوحات، في تصريحات أوردها مؤخرا، لكنه يُؤكد في الوقت ذاته بأن ما حققه العمال من مكاسب هامة خلال السنوات الأخيرة تُعتبر تاريخية ولم تشهدها الجزائر من قبل، على رأسها الزيادات في الأجور التي استفاد منها مختلف العمال على مراحل متفاوتة سواء تعلق الأمر بقطاع الوظيف العمومي أو القطاع الاقتصادي بشقيه العمومي والخاص، ناهيك عن الإصلاحات التي أُدخلت على عدة قطاعات إدارية واقتصادية. ومن هذا المنطلق، يرى الاتحاد العام للعمال الجزائريين، أن المكاسب المُحققة لغاية الآن تستدعي أكثر من أي وقت مضى الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي من أجل مواصلة مسيرة التنمية الوطنية، ومنه، حفاظ العمال على مناصب عملهم من جهة والعمل من جهة أخرى على فتح مناصب شُغل جديدة كون هذا الهدف يُعتبر أحد أهم مطالب الفئة الشُبانية، وقد تجسد موقف المركزية النقابية هذا، من خلال الدعوة التي وجهها العضوين القياديين، إبراهيم جبار وعبد القادر مسوس إلى العمال والتي شددت على »ضرورة مرافقة المكاسب الاجتماعية والاقتصادية المُحققة باستقرار اجتماعي«. وليس اللجوء إلى الاحتجاجات الميدانية هو الذي يُخيف الاتحاد العام للعمال الجزائريين حسب تصريحات أمينه العام عبد المجيد سيدي السعيد، بل يُؤكد هذا الأخير بأن المركزية النقابية تجاوزت هذه المرحلة وانتقلت إلى مرحلة الحوار والتشاور باعتباره أتى أُكله وهو ما تجسد من خلال ما تحقق من مكاسب اجتماعية هامة، ناهيك عن المرحلة الجديدة التي باشرتها الجزائر منذ شهر سبتمبر 2006 والمتمثلة في العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي يجمع الأطراف الاجتماعية والاقتصادية. وترفض المركزية النقابية رفضا قاطعا، أي استغلال من قبل أي جهة، للغضب الشُباني الذي شهدته الجزائر مُؤخرا وتقف في صف الحكومة في مواجهة الأطراف التي تقف وراء تحريك الشارع وذلك من خلال مُطالبتها بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة تقف ضد المُضاربة في أسعار المواد الاستهلاكية التي تسببت في الاحتجاجات الأخيرة، وقد ذهب الاتحاد العام للعمال الجزائريين على لسان العضو القيادي صالح جنوحات، إلى أبعد من ذلك حين أطلق النار على المُحتكرين والمُضاربين قائلا في هذا السياق »لماذا كلما تأخذ الحكومة إجراءات تمس المُضاربين والسوق السوداء تشعل النار في بعض الأطراف متسائلا«كيف يُمكن لمستورد أن يطلب من الذي يبيع له السلع في الخارج أن يرفع له سعر هذه السلعة«. وللوقوف ضد الأطراف التي تُريد أن تُعيد الجزائر إلى سنوات الأزمة، لجأ الاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى تنصيب لجان يقظة هدفها »الحفاظ على جو سليم وهادئ في وسط العمل والسعي إلى الحفاظ عليه« وكذا »الوقاية من كل انزلاق قد يمس أداة عمل المؤسسات خلال المظاهرات«، وهي الخطوة التي بدأت على مستوى الاتحاد الولائي للجزائر العاصمة وشملت اتحاداته المحلية العشرة بما فيها المناطق الصناعية لرويبة ورغاية وواد السمار والحراش والشراقة وبابا حسن، إضافة إلى الموانئ والمطارات، ويُرتقب توسيع هذه العملية إلى الولايات الأخرى.