عاشت مصر أمس أول فجرا جديدا بدون مبارك، بعد أن نجحت ثورة شعبية غير مسبوقة في الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع الذي حكم البلاد نحو ثلاثين عاما قبل أن يعلن تخليه عن السلطة مساء الجمعة. قد أكد بيان صدر باسم جماهير ثورة 25 جانفي استمرار الثورة وبقاء الجماهير في الشوارع في كافة مدن البلاد حتى تتم الاستجابة لكل قرارات الثورة صاحبة الشرعية الوحيدة. وبعد ليلة من الاحتفالات الشعبية في كافة أنحاء مصر برحيل مبارك وسقوط نظامه، صحا المصريون فجر السبت على أول يوم بدون الرئيس مبارك منذ ثلاثة عقود، لكن الفرح الغامر بنجاح الثورة الشعبية التي حظيت بتأييد وتعاطف عربي ودولي واسع، لم يلغ هواجس حول المرحلة الانتقالية التي تسلمت القوات المسلحة زمامها بعد تسليم مبارك شؤون البلاد إليها. وتعهد الجيش في بيان مساء السبت بالعمل سريعا على ضمان المرحلة الانتقالية واعترف بأن الشرعية للشعب، غير أن القوى التي كانت محور الثورة أكدت أنها ستواصل مظاهر الثورة حتى تتحقق كل المطالب. وقد وعد المتظاهرون في ميدان التحرير وباقي ميادين البلاد بالبقاء في حالة استنفار دائم حتى تتحقق مطالبهم بعد أن ربحوا الرهان في الجولة الأولى وحققوا أكبر مطالبهم وهو سقوط نظام مبارك. وأبدى المتظاهرون حرصهم على الاطمئنان على مستقبل البلاد بعد أن أعلن الجيش انحيازه لما يقرره المواطنون في قضايا الفساد والتحقيق في الجرائم التي تعرض لها المعتصمون منذ انطلاق ثورتهم قبل 18 يوما. وتتمثل مطالب الثورة في الإلغاء الفوري لحالة الطوارئ والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، وإلغاء الدستور الحالي وتعديلاته وحل مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية، وإنشاء مجلس حكم رئاسي انتقالي يضم خمسة أعضاء بينهم شخصية عسكرية وأربعة رموز مدنية على ألا يحق لأي عضو منهم الترشح لأول انتخابات رئاسية قادمة. وتشمل المطالب أيضا تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تهيئ لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية في مدة لا تزيد عن تسعة أشهر. ولا يجوز لهم الترشح لأول انتخابات رئاسية أو برلمانية. كما تحوي تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور ديمقراطي جديد، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب على أسس مدنية وديمقراطية وسلمية وإطلاق حرية الإعلام وتداول المعلومات وإطلاق حرية التنظيم النقابي وتكوين منظمات المجتمع المدني وإلغاء كافة المحاكم العسكرية والاستثنائية وكل الأحكام التي صدرت بحق مدنيين من خلال هذه المحاكم. ونقل عن مصادر في القاهرة أن هناك نية لتشكيل مجلس رئاسي يرأسه المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر حاليا يضم إلى جانب قيادات عسكرية شخصيات مدنية في مقدمتها رئيس المحكمة الدستورية. وذكر مصدر قانوني أنه من المنتظر أن يصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرارا بتشكيل حكومة جديدة سيكون أبرز وزرائها من التكنوقراط وعدد من العسكريين وليس من بينهم شخصيات تنتمي إلى الأحزاب السياسية وذلك لإعداد البلاد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة وصياغة دستور جديد في الفترة القادمة. وأشار المصدر إلى أنه من المنتظر أن يتم الإعلان عن حل مجلسي الشعب والشورى وإجراء تغييرات واسعة في المناصب الحكومية في إطار التدابير والإجراءات التي سيتم اتخاذها في المرحلة القادمة لإعادة الحياة الطبيعية في مختلف مناحيها.