تبنت الخارجية الأمريكية، في خطوة غير مسبوقة وغير منتظرة، موجة الاحتجاجات التي تتهدد العديد من الدول العربية على الطريقة المصرية والتونسية. وفي ردها على سؤال تلفزيون »الحرة« حول ما تقوله للمتظاهرين، بعد تونس ومصر، في البحرين، وفي الجزائر وفي اليمن، بشّرت هيلاري كلينتون المحتجين بالانتصار على حكوماتهم، وإن دعتهم إلى أن يبقوا مسالمين ولا يلجؤوا إلى استعمال العنف. عادت الخارجية الأمريكية، بعد البيان الذي أصدرته الأحد الفارط، ووجهت من خلاله »نصائح« للسلطات الجزائرية تتعلق بكيفية التعامل مع الاحتجاجات، إلى التدخل في الشأن الداخلي للجزائر من خلال توجيه المتظاهرين وتقديم الدروس لهم والنصائح بشأن الكيفية الواجب استعمالها ليحققوا أهدافهم في »الانتصار« على السلطة، ففي مقابلة أجرتها القناة الأمريكية الناطقة بالعربية »الحرة« أول أمس الاثنين دعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، المتظاهرين في الجزائر، والبحرين واليمن إلى عدم اللجوء إلى استعمال العنف، وأضافت أنه يجب على المتظاهرين أن »يبقوا مسالمين وغير عنيفين«، وتفاءلت بنجاح المتظاهرين في هذه الدول بتحقيق أهدافهم، بقولها »لقد نجح هذا الأمر في مصر وسينجح دائما لأنه يعطيك مكانة لا يمكن النيل منها«. وربطت كاتبة الدولة للشؤون الخارجية نجاح الاحتجاجات في التغيير بمدى استعداد المتظاهرين لها، حيث قالت »وأن تستمر في الوقوف إلى جانب الحقوق العالمية والإدراك أن التغيير هو عملية عليك أن تكون مستعدا لها لتصبح جزءا منها«، وواصلت هيلاري كلينتون تدخلها السافر في الشأن الداخلي، ليس للجزائر فقط، وإنما لكل الدول العربية، بحيث دعت زعماء الدول العربية إلى تحقيق المزيد من الإصلاحات، التي تصب في مصلحة الشعوب، والشباب على وجه التحديد. وتأتي تصريحات كلينتون، مباشرة بعد البيان الذي أصدرته الخارجية الأمريكية بالتزامن مع بيان آخر أصدرته الخارجية الألمانية، وقد دعت وزارة الخارجية الأميركية قوات الأمن الجزائرية إلى »ضبط النفس«، وذلك غداة تنظيم تظاهرة في الجزائر العاصمة تصدى لها عدد كبير من عناصر الشرطة، وقال المتحدث باسم الخارجية فيليب كراولي في بيان »أخذنا علما بالتظاهرات الراهنة في الجزائر، وندعو قوات الأمن إلى ضبط النفس«، وأضافت في نفس السياق »من جهة أخرى، نكرر تأييدنا لحقوق الشعب الجزائري بما فيها حق الاجتماع والتعبير، هذه الحقوق تنطبق على الانترنت وينبغي أن تحترم«، وأكد نفس المصدر أن الولاياتالمتحدة »ستتابع الوضع عن كثب خلال الأيام المقبلة«. ويأتي الموقف الأمريكي ليزيد من قناعة الكثير من المتتبعين بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية والكثير من الدول الغربية خاصة في أوربا، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إنما هي معنية بشكل مباشر بموجة الاحتجاجات التي تجتاح بعض الدول العربية والإسلامية، وبغض النظر عن التدخل المفضوح في الشأن الداخلي للجزائر، كما كان عليه الحال في السابق في تونس ومصر، وما يجري أيضا بخصوص الاحتجاجات التي تعيشها إيران والبحرين واليمن، فإن واشنطن أبانت عن موقف محرض على ما أصطلح على تسميتها »ثورات الشارع العربي«، وأكدت مجددا بأن أطروحة المؤامرة التي يرددها الكثير من المحللين ومن السياسيين ربما هي حقيقة وليست مجرد غطاء يستعمله بعض القادة العرب لرفض التغيير أو لقمع المظاهرات السلمية وتخوين المعارضة.