هنأ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.. رئيس الجمهورية يهنئ السيدة حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها    ديباجة العدد 99 من مجلته الدورية : مجلس الأمة يجدد التزامه بدعم مشروع بناء "الجزائر المنتصرة"    لمواكبة التحولات الرقمية.. دعوة إلى عصرنة المركز الوطني للسجل التجاري    طاقات متجددة : المشاريع المشتركة محور لقاء بين السيد ياسع وسفير ألمانيا بالجزائر    رئيسة لجنة العلاقات الخارجية لإفريقيا بمجلس الشيوخ المكسيكي : إشادة بالدور الريادي للجزائر في تعزيز السلم الإفريقي والعالمي    حج 2025:اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48543 شهيدا و111981 جريحا    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا" : إعادة انتخاب براف يؤكد حوكمته في التسيير لخدمة الرياضة في افريقيا    وزير التربية الوطنية يشرف على الاحتفال باليوم الدولي للرياضيات    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا": التركيبة الجديدة للمكتب التنفيذي    تكريم الفائزات في مسابقة المقاولات الناجحات    الجزائر تدافع عن مصير الضحايا والناجين من الألغام    خبراء ومسؤولون : الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الأداة الوطنية للإنجاز    جرائم صهيونية مُرعبة في غزّة    المخزن يُكرّس القمع وتكميم الأفواه    فرنسا بدأت استخدام الكيمياوي بالجزائر سنة 1830    مولوجي تلتقي نظيرتها الأردنية    بلوزداد يواصل رحلة الكأس    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا" : اعادة انتخاب الجزائري مصطفى براف بالتزكية على رأس الهيئة الرياضية القارية    دراجات: الجزائر تحتضن البطولة العربية 2025 للدراجات على الطريق والدراجات الجبلية    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى تظافر الجهود لمواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة    سوق أهراس.. احتراق 7 حافلات بحظيرة مؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري    المسابقة الوطنية في تجويد القرآن "قارئ تلمسان": تكريم الفائزين بالمراتب الأولى    بلمهدي يُرافِع لتكوين مُقرئين ومؤذّنين ببصمة جزائرية    حفاوة جزائرية بالثقافة الفلسطينية    هكذا تحارب المعصية بالصيام..    شرفة يترأس اجتماعاً    حج 2025: اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    ذوو الهمم قدوة في مواجهة الصعاب    رمضان : آيت منقلات يحيي حفلا بأوبرا الجزائر    الجزائر العاصمة: توقيف امرأة تمتهن الطب بدون شهادة أو رخصة    مجمع سونلغاز يكرم عماله من ذوي الاحتياجات الخاصة    رمضان: "إفطار جماعي ضخم" بالجزائر العاصمة    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد: الفنان مبارك دخلة يطرب الجمهور بباقة من أغاني المالوف    الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة الأزمات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية    ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين في غزة خلال العدوان الصهيوني إلى 206    عملية استعجالية لتهيئة "سوق العاصر"    أقبو بشعار: التعثر ممنوع لتفادي الانفجار    تسويق 3.3 أطنان من الأسماك في الأسبوع الأول من رمضان    7 موزعات آلية جديدة تدخل الخدمة    خطوة إضافية لإعادة بعث السوق المالية    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    بوشعالة والفرقاني يبدعان بأوبرا الجزائر    دعوة أطراف النزاع إلى اغتنام رمضان لوقف الاقتتال    200 مطعم رحمة تجمع العاصميّين في رمضان    مسابقة لاختيار أجمل بلدية ببومرداس    اجتماع الجزائر نقطة تحول بالنسبة للرياضة الأولمبية القارية    حفظ الجوارح في الصوم    العودة إلى قمم كرة القدم الإفريقية والدولية    بداري يزور الطلبة المصابين في حادث مرور بسطيف    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدي محمد الطبيب..!
نشر في صوت الأحرار يوم 02 - 07 - 2008

قد تعجبون إذا قلت لكم بأنني من الذين يؤمنون بأن الحمل والولادة من الأمور الطبيعية، وأنني كثيرا ما أردد هذه الكلمات أمام النساء الحوامل، وعجبكم لن يكون من كلمة "طبيعية" التي قد يرددها غيري من الأطباء، لكن تعجبكم يكون يوم تعرفون بأن ما أقصده من كلمة طبيعية، هو أن ظاهرة الحمل والولادة في حياة المرأة لا تختلف في شيء عنها في حياة سائر المخلوقات، والحيوانات الثديية يكاد حملها ووضعها لا يختلف في شيء عن حمل ووضع النساء، لكن البقرة أو النعجة أو المعزة أو المهر تحمل فإذا جاءها المخاض سارت إلى مكان منبسط ووضعت حملها..
ولقد قص علينا القرآن الكريم قصة حمل وولادة عيسى عليه السلام، وكيف أن أمه البتول خرجت إلى مكان قصي بعيد لما جاءها المخاض، ووضعت السيدة مريم حملها تحت جذع نخلة، وجاءت قومها تحمله بين يديها...
ومن ذكريات الطفولة التي ما تزال عالقة بذاكرتي، أن النساء في قريتنا كن لا يلدن في المستشفيات، لأن المستشفى لا يلجأ إليه إلا المريض، والحمل ليس مرضا، كانت المرأة تنتظر المخاض، فإذا جاءها المخاض انتظرت حتى تقرب ساعة الولادة، والذي يحدد قرب ساعة الولادة، إما الحامل بنفسها إذا كان وسبق لها الولادة أو تستعين بخبرة من قريباتها، فإذا تبين أن ساعة الوضع أزفت، يرسل أحد الأطفال ليأتي بعمتي "بوكة"، وهو تحريف لاسم مبروكة وهي عجوز يعرفها جميع أهل القرية، وأغلب الأطفال رأى النور على يديها، وتقوم بفحص الحامل وتقرر إذا كانت ساعة الولادة قد حانت، فتطلب حينئذ "موس هند" أي شفرة حلاقة ولا أعرف ما علاقة تسميتها بالهند أم أن كل العجائب تلحق بالهند!
ولا شك أن تلك الشفرة عجيبة في حجمها وفعاليتها إذا ما قارناها بالسكاكين الكبيرة التي كانت تستعمل قبلها في الحلاقة وغيرها، تطلب "بوكة" إذن شفرة الحلاقة والماء الساخن، وتضع رداء أسودا تستر به المرأة وتتجمع العجائز من حولها..
وبعد لحظات، يسكت صراخ المرأة التي تكابد آلام المخاض، وينطلق في الهواء صراخ المولود الجديد، وتبقى النافس في ذلك المكان أياما لا تغادره إلا للحاجة الضرورية، لتستفيد من معاملة خاصة في المأكل والمشرب، وتتخلص من أشغال البيت ومسؤولية الأسرة..
ومن غرائب ما قرأت في كتاب اسمه "من واقع طبنا العربي"، وهو من تأليف طبيب عسكري فرنسي أنه أهل امرأة، في احدى القرى الجبلية، قصدوه بعد أن كادت تفارق الحياة في مخاضها، فالمرأة كانت حامل بتوأم خرج الأول وتعسر خروج الثاني، وجاء الطبيب وأنقذ الأم ومولودها، وسأل عن المولود الأول فأشاروا إلى لفافة وقالوا لقد خرج ميتا، قال الطبيب: " فلما وقع بصري على المولود، رأيت أنه يرسل أنفاسا بعيدة وأن الجسم مازال به حرارة، فطلب ماء ساخنا وعمل على إنعاشه فصاح الصغير، وفرحت الأسرة وأطلقت على هذا الميت الحي اسم سيدي محمد الطبيب، تيامنا بفعل الطبيب هذا..
هذا زمن قد ولى، وأصبحت المرأة تراجع الطبيب حتى قبل الحمل، وتجرى لها التحاليل، والأشعة ويضبط لها تاريخ الولادة، وتحضر ما تشاء من ألبسة ومعدات لها وللمولود المنتظر، وتراها تدخل عيادات التوليد كأنها تدخل الحمام أو احد الفنادق، وحدثت من المبالغات في متابعة الحمل إلى درجة الوساوس لدى بعض النساء، فتراها تراجع الطبيب بطريقة مبالغ فيها، والسبب هو الخوف..
هذا الخوف تحول عند النساء في الغرب إلى مرض قائم بذاته، اسم "رهاب الولادة"، فتجد عيادات التوليد تتسابق في توفير ظروف الولادة الآمنة من المخاطر، واقتراح العمليات القيصرية والولادة بلا ألم والولادة في أحواض الماء و غيرها من الطرق..
ولا بد أن نعترف أن الغرب نجح يوم سهلت فيه ولادة الأفكار، فتجد فكر الإنسان ينطلق دون خوف، وتولد الأفكار في ظروف آمنة وتسمى بمسمياتها أما الأفكار عندنا، فتولد مشوهة لأننا نعاني "رهاب الميلاد"، وإذا ولدت فبكثير من الألم والمواجع، بعد مخاض عسير، لا يكون الهدف سلامة المولود بمقدار ما يجب مراعاة ما يقوله الناس فيه، ومن هنا يتخذ كل من يفكر شرطي مرور ينظم سير الأفكار داخل تلافيف دماغه قبل خروجها، ومن هنا تولد مرهقة كالحة، متقطعة الأنفاس لاهثة وشاحبة..
والغرب الذي يسر الميلاد البيولوجي لأطفاله، يسر الميلاد الفكري لبنات أفكار علمائه ومفكريه، وأغرى كل من يحمل أفكارا بأن تولد أفكاره دون ألم و عسر مخاض إلا المخاض الطبيعي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.