شَرَع المجلس الوطني للمحاسبة في تفعيل دوره كسلطة رقابية قوية مهمتها متابعة حسابات المؤسسات العمومية، عن طريق إنشاء لجنة لمراقبة النوعية تضم محترفين وممثلين عن الإدارة المالية ستدخل الخدمة في بداية شهر سبتمبر على أقصى تقدير، واللافت في هذا هو انتقاء محافظي الحسابات عن طريق المناقصة. أفاد المجلس الوطني للمحاسبة لوكالة الأنباء الجزائرية حسب مصادر وصفتها بالمقربة أمس، أنه سيتم إسناد عملية تدقيق حسابات المؤسسة العمومية من الآن فصاعدا إلى محافظي الحسابات الذين سيتم انتقاؤهم عن طريق المناقصة، وتابع ذات المصدر يؤكد أن عملية الانتقاء عن طريق المناقصة ستسمح بتقليص أتعاب مقدمي الخدمات وكذا ضمان أحسن توزيع للأشغال بين هؤلاء قصد تفادي استحواذ بعض المكاتب على عمليات تدقيق حسابات المؤسسات العمومية. وأكثر من ذلك ستشرع الدولة في مراقبة نوعية الأشغال المنجزة من طرف محافظي الحسابات على غرار المهن المحاسباتية الأخرى المتمثلة في مهنتي خبير محاسب ومحاسب معتمد، علما أن هذه الرقابة سوف لن تمس في أي حال من الأحوال بحرية المهنة وستتكفل بها لجنة مراقبة النوعية التي سيتم إنشاؤها ضمن المجلس الوطني للمحاسبة المستقبلي الذي سيدخل الخدمة في بداية شهر سبتمبر على أقصى تقدير. ومعلوم أن المرسوم التنفيذي لشهر فيفري 2011 المتعلق بتعيين محافظي المحاسبة، يُلزم المؤسسات العمومية في أجل أقصاه شهرا واحدا بعد اختتام السنة المالية الأخيرة لعهدة محافظ حسابات المؤسسة، إعداد دفتر للشروط تحسبا لتعيين الجمعية العامة لمحافظ المحاسبات الجديد عن طرق المناقصة، وهو ما أكد بشأنه محترفو القطاع أن وزارة المالية تريد وضع حد للمحسوبية في تعيين مقدمي الخدمات هؤلاء والتي أدت في العديد من الحالات إلى تدقيق حسابات مُجاملة. وستكون هذه اللجنة متساوية الأعضاء حيث ستشكل من محترفين وممثلين عن الإدارة المالية وستكون مهمتها مراقبة نوعية الأشغال التي يقوم بها هؤلاء المحترفون في المحاسبة بصفة عامة.وستطلق اللجنة بهذا الصدد برنامج تدخلات ميدانية من أجل الاطلاع على ظروف ممارسة مهن المحاسبة. وأضاف نفس المصدر أن هذه التحقيقات تهدف بالدرجة الأولى إلى حماية المحترفين من خلال مساعدتهم على تحديد حاجياتهم في مجال التكوين، إذ أن عدم التحكم في المهنة قد يؤدي إلى تدقيقات محاسباتية غير مواتية أو خاطئة. كما يندرج هذا الإجراء في إطار سلسلة من الإصلاحات التي أطلقتها السلطات العمومية من أجل تطهير مهن المحاسبة لاسيما تعديل القانون 91-08 الذي سمح للدولة باستعادة صلاحيتها كقوة عمومية التي كانت أوكلت إلى النقابة الوطنية السابقة، لاسيما في ما يخص منح الاعتماد ومراقبة نوعية أعمال المحاسبة، وبالتالي فإن استعادة وزارة المالية للصلاحيات تعود لحاجة الدولة لمراقبة هذه الحقيبة الهامة المتمثلة في المؤسسات العمومية. وعكس البلدان الأنجلوساكسونية التي تُهيمن فيها المؤسسات الخاصة والتي يتولى فيها القطاع الخاص مهمة ضبط المهنة يجب على الجزائر أن تتدخل من أجل مراقبة حقيبتها العمومية الضخمة. وسيكفل المجلس الوطني للمحاسبة بالمهام التي كانت موكلة إلى حد الآن للنقابة الوطنية السابقة بحيث سيقوم بتسليم الاعتمادات وتنظيم التكوينات في الوقت الذي ستعمل فيه النقابات الثلاثة المنتخبة وهي النقابة الوطنية للخبراء المحاسبين والغرفة الوطنية لمحافظي الحسابات والمنظمة الوطنية للمحاسبين المعتمدين بصفتها نقابات تتكفل بجانب أخلاقيات المهنة ومطالب المهنيين. وبالموازاة مع هذه اللجنة سيتم إنشاء لجنة تحكيم تكون تابعة للمجلس الوطني للمحاسبة وتكون مشكلة من القضاة، التي ستتولى بدورها مهمة التحكيم في ما يخص الخلافات بين المهنيين والمؤسسات التي تطلب خدماتهم والفصل في النزاعات بين المهنيين، فضلا أنها ستصدر أحكاما عندما يتعلق الأمر بمحافظي الحسابات الذين يبوحون بمعلومات إستراتيجية حول المؤسسات التي يدققون حساباتها. ويضم المجلس الوطني للمحاسبة المقبل لجنتين متساويتي الأعضاء تتكفل الأولى بتسليم الاعتمادات والثانية بالتكوين.