وصل وفد عسكري جزائري رفيع المستوى إلى باماكو أول أمس الاثنين في إطار زيارة تخصص لمسألة تدعيم الأمن على الحدود بين الجزائر ومالي وتسيير دوريات مشتركة في منطقة واسعة تعيش توتر شبه مزمن بسبب تمرد التوارق، فضلا عن نشاطات التنظيمات الإرهابية وشبكات التهريب المختلفة، ولا يستبعد أن تدرج قضية السائحين الألمانيين المحتجزين لدى الجماعة السلفية والمفاوضات بين حكومة باماكو وحركة التوارق من أجل التغيير التي يقودها أغ باهنغا ضمن جدول أعمال الوفدين الجزائري والمالي. يقوم وفد جزائري عسكري رفيع المستوى منذ أول أمس الاثنين بزيارة إلى مالي تدرج ضمن مسعى البلدين لتامين حدودهما المشتركة والمترامية الأطراف، وقال مصدر من وزارة الدفاع المالية لوكالة الأنباء الفرنسية أن المحادثات بين الجانب الجزائري والمالي تركزت على مسألة تدعيم الأمن على الحدود بين البلدين وهذا من دون إعطاء تفاصيل على تركيبة الوفد العسكري الجزائري، وأضاف "هناك قلق مشترك فيما يخص الأمن على الحدود بين البلدين، ثم إن هذه الزيارة تهدف أيضا إلى تدعيم التعاون العسكري بين البلدين بشكل عام، ويرتقب من جهة أخرى أن يناقش الوفد العسكري الجزائري والمالي مسألة تسيير دوريات مشتركة بين جيشي البلدين شمال مالي على مقربة من الحدود بين البلدين. لقد شكل موضوع تأمين الحدود جوهر الزيارة التي قام بها وزير الدفاع المالي ناتي بليا مؤخرا إلى الجزائر مرفوقا بوفد عسكري يضم ضباطا سامين من جهاز المخابرات، حيث استقبل من قبل الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني عبد الملك قنايزية، ودارت المباحثات مع السلطات الأمنية الجزائرية حول ملفين أساسيين هما تمرد التوارق في شمال مالي، ونشاط "القاعدة" بالمنطقة وسبل تامين الحدود بين البلدين. نفس الاهتمام حملته أيضا الزيارة التي قام بها رئيس المجلس الوطني المالي ديكوندا طراوري إلى الجزائر في نهاية أفريل المنصرم والتي دامت خمسة أيام وتركزت على قضية التنسيق الأمني بين الجزائر ومالي، وعلى مسألة تأمين الحدود حيث صرح رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري عقب اللقاء الذي جمعه بنظيره المالي بأنه من الضروري الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة لتدعيم عملية مراقبة الحدود بين البلدين. وسبق للرئيس المالي أمادو توماني توري أن زار الجزائر وطرح مع المسؤولين الجزائريين الانشغالات ذات الطابع الأمني على طول الشريط الحدودي، وتم على هامش هذه الزيارة عقد لقاء جمع خبراء البلدين حول مسالة تامين الحدود، وأفاد بيان للرئاسة المالية حينها أن المحادثات حول تامين الحدود تندرج ضمن تنسيق أشمل يهدف إلى محاربة الجريمة المنظمة وتهريب السلاح، وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية. وتعتبر قضية تامين الحدود الجزائرية المالية من المسائل التي تحظى باهتمام الطرفين بالنظر إلى المشاكل الكثيرة التي تعرفها جراء التوتر الدائم على الجانب المالي بفعل تمرد التوارق بقيادة إبراهيم أغ باهنغا رئيس حركة توارق شمال مالي، خاصة بعد اشتداد المواجهات في الفترة الأخيرة بين الجيش المالي والمتمردين، ولا تزال سلطات باماكو تعول كثيرا على الوساطة الجزائرية، وضمن هذا الإطار يرتقب أن يصل اليوم وفد حكومي مالي يقوده وزير إدارة الأراضي كافوغونا كونيه إلى الجزائر للمشاركة في جولة المفاوضات المرتقبة غدا مع وفد عن حركة التغيير في شمال مالي بقيادة باهنغا وهذا عبر وساطة جزائرية، وتعلق مختلف الأطراف أمالا عريضة على هذه الجولة الجديدة من المفاوضات التي سوف تعتمد على أرضية اتفاقية الجزائر من أجل وقف التصعيد بين المتمردين والجيش المالي والعودة إلى الهدنة في انتظار تطبيق بنود اتفاقية الجزائر حسب ما يشترطه المتمردون التوارق. وتبدي الجزائر ومالي اهتماما كبيرا بمسألة مكافحة الشبكات الإرهابية النشطة على الحدود بين البلدين، ويسعى الطرفان إلى تنسيق أمني أكبر لتقويض نشاطات المجموعات المسلحة المنتمية إلى ما يسمى ب "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" خاصة إمارة المنطقة التاسعة "الصحراء"، وتعتبر الحدود بين الجزائر ومالي وبالنظر إلى شساعتها وصعوبة مراقبتها بالوسائل التقليدية، المعبر المفضل للجماعات الإرهابية التي تتزود بالسلاح من منطقة جنوب الصحراء، علما أن النشاط الإرهابي قد أصبح في السنوات الأخيرة مرتبطا بشكل عضوي بشبكات التهريب المختلفة خاصة تهريب السلع المغشوشة والسلاح والمخدرات. ولا تستبعد مصادر عليمة أن تتناول المناقشات بين العسكريين الجزائريين ونظرائهم الماليين قضية السائحين النمساويين المتجزين من طرف جماعة أبو عمار بمنطقة حدودية بين مالي والنيجر حسب ما كشفته مصادر مطلعة، علما أن فيينا تعول كثيرا على الدور الجزائري لحل مشكل رعاياها، وتأمل أن تلعب الجزائر دورا محوريا لتحرير السائحين النمساويين خاصة وأنها نجحت في تحرير عدد من السياح الألمان الذين اختطفتهم جماعة مسلحة حينذاك بقيادة عبد الرزاق صايفي المدعو عبد الرزاق البارة الموجود حاليا رهن الاعتقال.