كوسوفو، خنجر ينغرس في خاصرة النفوذ الروسي المتضائل في أوروبا، ويعطل إلى الأبد محاولات موسكو استخدام صربيا لمنع توسع حلف شمال الأطلسي باتجاه شرق أوروبا، ويبقيها في حالة خوف من تبعات استقلال كوسوفو على الأقليات في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا والشيشان وغيرها. وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يقف على أهبة الاستعداد لمواجهة أي اضطرابات محتملة قد تنشأ بإعلان كوسوفو الاستقلال في ظل اعتراض صربيا وروسيا، وهناك فعلا 16 ألف جندي من قوة حلف الناتو بكوسوفو "كفور" مستعدون لمواجهة الاضطراب المتوقع على نطاق واسع" إلى جانب توفر قوة قوات أطلسية إضافية مستعدة للانتشار إذا ما دعت الحاجة..مع ضمان اتخاذ القرارات بسرعة على المستوى السياسي من قبل البلدان ال26 الأعضاء في الحلف الأطلسي حتى يتمكن القادة العسكريون للحلف من التصرف بلا تأخير إذا وقعت أية اضطرابات. ولم يعد أمام الرئيس الروسي بوتين غير تقبل الأمر الواقع بعد أن فقدت صربيا أي سلطة أو سيادة لها على إقليم كوسوفو منذ عام 99، و تحديدا بعد انسحاب الجيش والشرطة الصربيين منه واستبدالها بقوات حلف شمال الأطلسي، وتحت إشراف إدارة مدنية تابعة للأمم المتحدة، تمنح إدارة محلية ممثلة برئيس وحكومة وبرلمان وأجهزة أمنية ومحلية شرعية المجتمع الدولي. وإعلان الرئيس هاشم تقي استقلال كوسوفو تحت قبة برلمان جاء تنفيذا لفكرة واشنطن من أجل تفويت الفرصة على موسكو باستخدام حق النقض –الفيتو- في مجلس الأمن الدولي، وهكذا أحرقت الورقة الروسية ولم يعد لها أي تأثير كما أحرقت من قبل أوراق إسبانيا واليونان وقبرص التي عارضت استقلال كوسوفو خشية مطالبة الانفصاليين في دولها بالإقتداء ب"كوسوفو". لكن الخوف يبقى طاغيا على دول البلقان وخاصة يوغسلافيا من استقلال كوسوفو الذي قد يزعزع استقرارها ويحرك مشاعر البوسنة، التي قد يهدد صربها بالانفصال والانضمام إلى صربيا، أما مقدونيا فقد الاطمئنان باستقلال كوسوفو التي يشكل الألبان أكثر من ربع سكانها. المهم كوسوفو انفصلت بإرادة أمريكية و لم تعد جزءا لا يتجزأ من صربيا وحلف الناتو اقترب أكثر وأكثر من البيت الروسي القائم على أعمدة تهتز من وقع أقدام قوات حلف شمال الأطلسي.