أوصلت جلسة الصلح التي عقدتها أمس وزارة التربية الوطنية مع اتحاد عمال التربية والتكوين المفاوضات الثنائية إلى طريق مسدود، ولم تُثمر عن أية نتيجة ملموسة، إلا من بعض الوعود، التي قال عنها اتحاد عمال التربية: «أنها لم ترق إلى مستوى الالتزامات القابلة للتجسيد، بحجة أنهم قالوا لنا أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال، ولا يمكنها اتخاذ قرارات في هذا الظرف«، وهو ما لم يُقنع قيادة الاتحاد، وجعلها تدعو إلى مواصلة الإضراب، والتحذير من الآن، من أن تلجأ الوزارة وفق ما قالت إلى »أساليب التهديد والضغوط المعهودة، أو لاستعمال أشخاص يُصدرون بيانات بأختام مزورة. أوضح الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين في تصريح صحفي، أصدره أمس وتسلمت »صوت الأحرار نسخة عنه، أن جلسة المصالحة التي دعت إليها وزارة التربية الوطنية، وتمّت أمس لم تُسفر عن أية نتيجة ملموسة، وقال تحديدا »إن جلسة العمل التي تمت أمس مع وزارة التربية قصد بلوغ حلول ناجعة لم تسفر عن أية نتيجة ملموسة سوى بعض الوعود التي لم ترق إلى مستوى التزامات قابلة للتجسيد، بحجة أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال، ولا يمكنها اتخاذ قرارات في هذا الظرف«، الشيء الذي قال عنه التصريح أنه »لم يقنع عمال القطاع باعتبار أن الدولة لها سلطاتها وأجهزتها القائمة«. وحذرت نقابة اتحاد عمال التربية والتكوين من لجوء الوزارة إلى »أسلوب التهديد« الذي قالت عنه »إنه من الممارسات التي تجاوزها الزمن، ولا يجب أن يكون بديلا عن التفاوض الجاد لإيجاد حلول واقعية ملموسة«، وفي نفس الوقت حذرت من أن تعمد وزارة التربية »لاستعمال أشخاص يصدرون بيانات باسم الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين في مختلف وسائل الإعلام يدعون لتوقيف الإضراب، مع إمضاء محاضر مشبوهة مثلما حدث بتاريخ 16نوفمبر الماضي لتكسير الإضراب، أو أن تعمد لاستعمال ختم وإمضاء رئيس الاتحاد في هذه البيانات المزورة، أو أن تعمد لاستخدام أساليب الضغط الكلاسيكية المعهودة، وكل هذا يستلزم من موظفي القطاع أخذ الحيطة والحذر واعتماد بيانات الاتحاد من القنوات الرسمية«. هذا ما تضمّنهُ التصريح الصحفي الصادر أمس عقب انتهاء جلسة الصلح. ويبدو أن فشل هذه الجلسة كان متوقعا بالنظر إلى التجاذب الكبير، والتضاد الحاصل في أرقام ونسب الإضراب السابق، من لدُن الوزارة، كما هو من لدُن نقابة اتحاد عمال التربية والتكوين، إذ من غير المعقول أن يبلُغ الفرق بين ما تُعلن عنه الوزارة، وما يُعلن عنه الاتحاد في نسبة الاستجابة ما نسبتُهُ حوالي 74 بالمائة، الفرق شاسع جدا إذن بين أرقام الوصاية وأرقام النقابة، ومن الطبيعي أن يحصل ما حصل، وقد يكون هذا تحديدا هو ما أدُى إلى تشنّج العلاقة بين الطرفين في الجلسة الأخيرة، وباعد بينهما، و تكون هناك أسباب أخرى موضوعية، أدّت إلى فشل هذه الجلسة، ويُمكن حصرها إن لم نُخطيء إجمالا في كون وزارة التربية الوطنية لا تملك الصلاحيات الكافية للتقرّب والضغط أكثر ممّا فعلت على المديرية العامة للوظيفة العمومية، ومن ورائها الجهة المعنية بالوزارة الأولى، وهي نفسها ترى مثلما يرى المراقبون أنها حققت لعمال قطاعها بالفعل مكاسب كبيرة، لم يُحققها أي طاقم وزاري آخر منذ الاستقلال حتى الآن، ومن ثمّ فإنها تعتقد أن مراجعة مسودة القانون الخاص المعدّل لعمال التربية هي أساسا من اختصاص الوزارة الأولى، وقد قامت هي بنفسها عبر مُمثليها الرسميين بجهد خارق للعادة، ترتّب عنه رفع معتبر للأجور، وتغييرات إيجابية في التصنيف وسبل الترقية والأحكام الانتقالية والإدماج، وهذه التغييرات نفسها التي دعت إليها وطالبت بها نقابة »إينباف« و »كناباست« والنقابات الأخرى بالقطاع ساهمت في العودة إليها بجهد إضافي، آملة أن تحصل المنظومة التربوية عامة على مكاسب أخرى إضافية استدراكا لبعض النقائص، ومواطن الخلل في مواقع محددة.