تواجه المرأة الريفية في الجزائر مشكلات كبيرة أسرية واجتماعية واقتصادية ناجمة عن واقع مرير في مناطق مختلفة من البلاد فضلا عن عدم توفر فرص العمل اللازمة لها لتوفير ما تحتاجه أسرتها و صعوبة الحصول على علاج متخصص،سوء التغذية،الولادة في المنزل دون إسعاف و ارتفاع نسبة الأمية ،الزواج المبكر ، ليزيد كل ذلك شعورها بعدم الرضا لما يمكن أن يكون قد تحقق لها في مجال حقوق المرأة ولتسليط الضوء على هذا الموضوع استطلعنا عدداً من أراء الجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة الريفية في الجزائر فكان هذا اللقاء لقد سمحت السياسات الإجتماعية المطبقة في الجزائر بتحسين مؤشرات التنمية البشرية الرئيسية بصفة مطلقة و لكنها لم تفلح في محو الفوارق النسبية بين الفئات الإجتماعية و الجهات و بين الرجال و النساء في عالم الريف بسبب استمرار الدور السلبي الذي تلعبه الثقافة التقليدية في التأثير على أوضاع المرأة ومكانتها الاجتماعية وضعف مشاركتها في المجال العام جمعية ترقية المرأة الريفية بأم البواقي ثقافة الصمت تساعد على استمرار تدني مكانتها الإجتماعية أوضحت "لعبيدي مدينة" رئيسة جمعية ترقية المرأة الريفية بأم البواقي ل"صوت الأحرار" أن المرأة في الأوساط الريفية معزولة نهائيا عن العالم المدينة و هي مظلومة بسبب الأمية المفروضة عليها حيث تعيش العزلة بكاملها ،تصارع الحياة لوحدها في الظل ،كما أنها تعاني من الزواج المبكر الغير مسجل لدى الحالة المدنية و هو ما ينتج عنه أطفال غير مسجلين ،بالإضافة الى الاقتناع الخاطئ بأنه لا جدوى من تعليمها ،و تقول لعبيدي لهذه الأسباب تأسست جمعية ترقية المرأة الريفية سنة 2002 حتى تكون صوت لهذه الطبقة المحرومة، فثقافة الصمت لدى المرأة الريفية يساعد على استمرار تدنى مكانتها الاجتماعية و هناك مجموعة من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تعوق استمرار تعليم الفتاة أو تمنعها منه مثل العادات والتقاليد، الزواج المبكر، محدودية دخل الأسرة الريفية فغالبية النساء الريفيات يعملن كربات بيوت فقط وضمن أنشطة تقليدية . و أضافت المتحدثة أن الجمعية تعمل على كسر الحاجز الذي يقف في وجه المرأة حيث تضم حوالي 199 منخرطة يقمن بعدة نشاطات مختلفة كالخياطة ،الصناعة التقليدية وشاركت في عدة نشاطات محلية ،وطنية و حتى دولية. جمعية ترقية المرأة الريفية بسيدي بلعباس ارتفاع نسبة الأمية وراء تأخرها من جهة أخرى أكدت عباسية مدني رئيسة جمعية ترقية المرأة الريفية بسيدي بلعباس أن المرأة في الريف مازالت تعاني من عدة مشاكل منها اختلاف الأهمية النسبية لتعليم الفتيات عن تعليم الذكور وهي ثقافة سائدة داخل الأسرة ، وهو ما يعني حرمانها من التعليم، وبالتالي ارتفاع نسبة الأمية بين النساء الريفيات بالإضافة إلى التدهور المعيشي بسبب تراجع منتجاتها التقليدية و عدم تسويقها ،وأضافت المتحدثة أن نساء لازال العنف يمارس ضدهن و يمنعن من الخروج من البيت دون محرم وليس لها الحق حتى في أن تمتلك هاتف نقال وهو الأمر الذي أرجعته إلى العقليات البالية التي لازالت تسيطر على هذه المناطق وذكرت أن من أهداف الجمعية التي تأسست سنة 1995 تضامن مع الأسرة الريفية وتمكينها من الخروج من التخلف و الحفاظ على صناعاتها التقليدية حيث تبذل الجمعيات الناشطة في هذا المجال جهودا من أجل مساندة وتشجيع المرأة الريفية على إقامة المشروعات الصغيرة لما لها من دور فعال ومؤثر في منظومة التنمية الاجتماعية والاقتصادية؛ حيث إنها تعتبر مجالا خصبا يساهم في جذب وتعبئة المدخرات المحلية لزيادة ودفع عجلة الإنتاج، بالإضافة إلى أن هذه المشروعات تساعد على زيادة دخل الأسرة المتوسطة . جمعية ترقية المرأة الريفية بالجلفة الأعراف و التقاليد البالية لا زالت تسيطر عليها هي من بين الجمعيات التي تأسست سنة 2000،حملت أهداف متعددة منها إعانة الفئات المعوزة بالعالم الريفي ،تعليم الفتاة وتكوينها خاصة المرأة الماكثة بالبيت و إخراجها من العزلة والتهميش حيث تقول "فاطمة علوط" أن الجمعية تخرجت منها 250 فتاة من بلديات تاوزة،عين الحجر،توازيو شاركت في عدة نشاطات وطنية ودولية منها الندوة العالمية حول المرأة و التصحر بالصين سنة 2006 بالإضافة إلى أنها كرمت من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في عيد المرأة السنة الماضية ، و أوضحت في حديثها أن المرأة في الريف مازالت مرتبطة بالتقاليد الاجتماعية الموروثة، حيث تقوم بنشاطات اليومية تتمثل في جلب المياه وجمع ونقل الحطب من الأحراش الجبلية ، وكلما انتهت التزاماتها المنزلية التي شرعت فيها مع الساعات الأولى للفجر، تتفرّغ للنشاطات الزراعية وشؤون تربية قطعان الماشية في محيطها القريب من بيتها، وما زالت الى يومنا هذا تقوم بجمع أغصان النباتات الغابية واستعمالها في التسييج، كما أنها تجهل حقوقها فهي لاتخرج في الانتخابات للإدلاء بأصواتها بسبب الأعراف و التقاليد التي لا زالت تسيطر على المنطقة ،وحقها مهضوم في التعليم الذي يبقى حلمها المستحيل بسبب التمييز الجنسي الذي تعاني منه . الحركة النسائية للتضامن مع المرأة الريفية وضع المرأة في الريف مسؤولية الجميع من جهتها أوضحت سعيدة بن حبيلس رئيسة الحركة النسائية للتضامن مع المرأة الريفية بأن هناك فرق شاسع بين مكتسبات المرأة الريفية و تضحياتها "فلحد الآن لم تنصف ولم يعط لها حقها رغم وجود إرادة سياسية معلنة من طرف رئيس الجمهورية لإخراج عالم الريف من عزلته و ذلك من خلال مختلف البرامج الرامية إلى النهوض بالعالم الريفي" مضيفة "للأسف رغم كل هذا مازالت المرأة الريفية تعاني من الزحف الريفي و هذا بعدما وجدت نفسها في بيئة غير بيئتها و بمحيط غير محيطها". وذكرت المتحدثة أن الحركة النسائية دقت ناقوس الخطر بعدما لاحظت أن المرأة في الريف لازالت لحد الآن تعاني من ارتفاع معدل الأمية و انتشار الزواج العرفي و الذي نتج عنه أطفال غير مسجلين . مؤكدة أن على المرأة الريفية فرض نفسها لأن القانون لا يفرق بينها و بين الرجل"الآليات موجودة و الإرادة السياسية المعلنة من طرف القاضي الأول للبلاد موجودة،يبقى المشكل المطروح كيف يمكن تجسيد هذه السياسة" مضيفة "يجب تظافر كل الجهود من الوزارة المكلفة و المنتخبين المحليين بالإضافة إلى الجمعيات ووسائل الإعلام..فلو نجحنا في تجسيد البرامج ستتجاوز المرأة الريفية كل العراقيل الاجتماعية"