خبراء أمميون يدعون الدول للامتثال لقرار المحكمة الجنائية الدولية    غزة: الاحتلال الصهيوني أباد 1410 عائلة بالكامل منذ بدء عدوانه على القطاع    لبنان: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني إلى 3823 شهيدا و15859 مصابا    المسابقة الوطنية ستطلق غدا الخميس    لقد جعلت بلادنا من الأمن الغذائي رهانا استراتيجيا يتوجب علينا كسبه    ضرورة تصحيح الاختبارات داخل الأقسام    ورشة تكوينية للقضاة وضباط الشرطة من تنظيم وزارة العدل    الإصلاح الشامل للعدالة يعد أبرز محاور برنامج رئيس الجمهورية    عطاف يقوم بطرد وزيرة الخارجية السابقة للصهاينة تسيبي ليفني    إقامة صلاة الاستسقاء عبر الوطني السبت القادم    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف 3 أشخاص وحجز 4100 كبسولة مهلوسات    ترقب تساقط بعض الأمطار وعودة الاستقرار يوم الجمعة    مستغانم : قوافل الذاكرة في مستغانم تتواصل    كرة القدم/رابطة أبطال إفريقيا : شباب بلوزداد ينهزم أمام اولاندو بيراتس (1-2)    بصمة الرئيس تبون بادية للرقي بالفلاحة والفلاحين    الفريق أول شنقريحة يزور معرض أحمد الجابر للنفط واللواء مبارك المدرع 15    الاتحاد الدولي للسكك الحديدية يشيد بمشاريع الجزائر    رمز الريادة والابتكار    الاحتلال الصهيوني يمسح 1410 عائلة فلسطينية من السجل المدني    دعوات للتصدي للتطبيع التربوي بالمغرب    وزارة الصناعة : السيد غريب يشرف على تنصيب الأمين العام ورئيس الديوان    رحيل صوت القضيتين الفلسطينية والصحراوية في المحاكم الدولية    الفريق أول شنقريحة يواصل زيارته الرسمية إلى الكويت    وزير الاتصال يعزّي عائلة الفقيد والأسرة الإعلامية    محرز يحقق رقما مميزا في دوري أبطال آسيا    مازة لن يغادر هيرتا برلين قبل نهاية الموسم    مدرب مانشستر يونايتد يصر على ضم آيت نوري    لخضر رخروخ : إنشاء المجمع العمومي لبناء السكك الحديدية مكسب كبير    الصيد البحري وتربية المائيات.. فرص استثمار "واعدة"    حريق يأتي على ورشة نجارة    اكتشاف عيادة سرية للإجهاض    طالب جامعي متورط في سرقة    الإطاحة بشبكة إجرامية من 5 أشخاص بوهران    فتح باب التسجيل ابتداء من يوم غد.. سوناطراك: 19 شعبة معنية بمسابقة التوظيف    معرض لورشات الشباب الفنية    البحث في علاقة المسرح بالمقاومة    تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي : حفل تكريمي للفنان الراحل نور الدين سعودي    الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير بتبسة: فيلم "القناع" للمخرج فيصل قادة يفتك المرتبة الأولى    الملتقى الدولي للمهرجان الثقافي للفن المعاصر : منصة للتبادل والتحاور في مواضيع الفن المعاصر    تطبيق مبتكر يحقق الأمن السيبراني    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    كابوس مرعب في موسم الشتاء    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    الفروسية : كأس الاتحادية للمسابقة الوطنية للقفز على الحواجز من 28 إلى 30 نوفمبر بتيبازة    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    بتوفير كافة الشروط لضمان عدالة مستقلة ونزيهة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



••• اكتشاف متأخر؟!
نشر في صوت الأحرار يوم 09 - 05 - 2008

لعقد من الزمن كنا لوحدنا، نلعق جراحنا لوحدنا، نمسح دموعنا لوحدنا•• كم عانينا، إلهي كما عانينا•• وبعد أن عزلنا وحوصرنا ها نحن الآن مقصدا لهم••؟! قد نبتهج•• بل نشعر بالغبطة والنشوة•• ولم لا الانتصار••؟ لكن المرارة يجب أن لا ننساها حين كنا لوحدنا نعاني ونتألم، من كلهم، أولئك وهؤلاء الذين اكتشفوا فجأة أن الارهاب آفة عابرة للحدود وللأوطان، الخلاصة التي كانت الجزائر أول من توصل إليها وحذر منها منذ أكثر من عشرية•
إن الخذلان الذي كان المحاور الوحيد للجزائر في تلك الحقبة الجهنمية تحول اليوم إلى غزل مكشوف•• فليكن•• عودة قليلة إلى زمن ليس بالبعيد وإلى ماض حين كنا لا نجد من يبيع لنا خرطوشة واحدة لبندقية صيد الخنازير•• في حين أن الكثير من هؤلاء وأولئك الذين أصبحوا عندهم اليوم إما مشبوهين أو إرهابيين كانوا يجدون الدعم المادي والمعنوي في بلدانهم كما يستفيدون من التساهل والتفهم لقضيتهم حتى حد التواطؤ• ما الذي تغير؟
حتى تنقلب الأمور هكذا رأسا على عقب وتتبدل لغة التخاطب•• وأسلوب التعامل•• وبعد أن كنا منبوذين من الكل أمسينا مقصد الكل••! أكيد، أن لمقاومة الشعب الجزائري وأساسا قواه الأمنية مجتمعة وعدم استسلام الدولة لمنطق الارهاب والابتزاز وضغوط أولئك، الدور المحوري في إجهاض مشروع الغلاة المتعطشين للسلطة عن طريق سفك الدماء وبواسطة التخريب والتدمير•
في تراثنا مثل يقول كمجير أم عامر•• وخلاصته أن أحدهم، عثر ذات يوم على ضبع في حالة يرثى لها، فاحتضنها وأدخلها بيته، وذات مرة وهو نائم بقرت بطنه فأصبحت الحادثة مثلا سائرا•
بالأمس كان يراد لنا أن نكون مجرد ميدان تجربة لتيار غوغائي بإمكان الغرب في الضفة الشمالية للمتوسط استيعابه واحتوائه لأن أجهزتهم الأمنية ومخابراتهم فخخته واخترقته، ومن ثمة فإن كل ما يقوم به يخدم بطريقة أو بأخرى مباشرة أو غير مباشرة استراتيجية هذه الدولة أو تلك الدول، أهدافها البعيدة والمتوسطة في كل المنطقة• الرهان فشل، ولا تهمني في هذه العجالة أسباب ذلك الفشل أو عوامله، سواء يعود ذلك الى تفجيرات نيويورك 2003، أو الى عوامل أخرى ثانوية•••
ما يعنيني أن تحليل الجزائر منذ البدء للظاهرة كونها آفة عابرة للحدود وللقارات قد أثبت صدق التحليل وصدق الحكم• ما يعنيني أيضا، أن هؤلاء الذين يتوافدون إلينا منذ 1999، وهم يرددون كلمات معينة وبكل اللغات: "الجزائر شريك هام في مكافحة الارهاب•• الجزائر تمتلك تجربة ثرية في التعامل مع الارهاب"!، هم أنفسهم الذين كانوا قبل ذلك يتحدثون عن المعارضة المسلحة•• وعن انتهاك الديمقراطية من قبل النظام والدولة••• ولحد الساعة لا النظام تغير ولا الدولة انقرضت، هل عادوا الى رشدهم•• وهل تابوا عن غيهم؟•• تلك مسألة أخرى••• فقط والأمر هنا يتعلق بالتجربة الجزائرية التي أمسى الكل يسعى للاستفادة منها•• فإنه يمكن القول أن هذه البضاعة، وقد أصبحت تستهوي الكل، الخصوم والمحايدين، فإن المصلحة تستوجب المقايضة بها، ليس من منطق المزايدة أو حجبها•
فالجزائر حين كانت لوحدها، ما انفكت تدعو لتعاون دولي لمواجهة الارهاب، وإنما من منطق المصالح المتبادلة••• ذلك أن العلاقات بين الدول منذ فجر التاريخ وكما دونها ميكيافيلي في "الأمير" وكما طبقها كسينجر، هي دوما المصالح، ماذا أجني وأستفيد• أود أن أقول، أن علينا أن لا نقع أسرى الأوصاف المعسولة والكلمات المنمقة والتنويهات التي أتت متأخرة ولدوافع انتهازية•• وهم بذلك يريدون أن يجعلوا منا "خزان تجربة" ليس إلا•• وفي التاريخ كنا خزان روما للحبوب!• حسنا، يريدون محاصرة الارهاب والتضييق عليه•• فنحن كنا في زمن الحصار علينا نحاصره، ولكن من مصلحتنا التجاوب مع هذه الرغبة••• وقد نردد، أخيرا فهموا واستفاقوا وهو أمر مهم بحد ذاته•• لكن يجب أن تندرج هذه الرغبة ضمن مسار مستقبلي للعلاقات سواء كانت ثنائية كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا والجزائر، أو متعددة الأطراف كما هو الأمر بالنسبة لأوروبا، وكل حوض المتوسط شمالا وجنوبا•
ضمن هذا المنظور وهذا الأفق طرح الرئيس الفرنسي منذ ما يقارب السنة فكرة مبهمة ومشروعا غامضا تحت عنوان "الاتحاد المتوسطي" وتحاول فرنسا اليوم تسويقه بكل السبل وبجميع الوسائل، ومع أن العنوان يبدو مغريا، بل عاطفيا وقد يستهوي•• لكن الطوباوية التي قد يوحي بها المشروع قد لا تخفي المرامي السياسية المستترة له•
ويبدو أن هدف باريز، كما كان الحال إبان عهد القياصرة في روما القديمة، هو أن يكون المتوسط بحيرة رومانية•• بمعنى أن يكون ضمن النفوذ الفرنسي الذي بدأ ينحسر في أوربا الجديدة• وللتذكير، وهذا ليس مجاله هذه العجالة•• أن الديبلوماسية الجزائرية إبان السبعينات طرحت فكرة أن يكون البحر المتوسط بحيرة سلام وتعاون عوض بحيرة مجابهة بين أساطيل القوتين العظميين آنذاك••! كما كان طرحها لنظام اقتصادي دولي جديد مبني على تكافؤ المصالح بين الدول الغنية المصنعة وبلدان الجنوب والعالم الثالث عموما•• وأغلق القوس هنا، لأعود للفكرة الفرنسية التي تسعى باريز لإقناع الجزائر بها•• فليكن••• ولكن السؤال مقابل ماذا؟!•• لفرنسا أهداف•• لكن فرنسا تظل دائما تعتبر جنوب المتوسط الغربي وحتى وراء الصحراء الكبرى وكل منطقة الساحل حديقتها الخلفية•• ومنطقة نفوذها بحكم عوامل عدة، تاريخية ولغوية واقتصادية وعاطفية، نتيجة تشبع أغلب قادة المنطقة وأساسا إفريقيا وراء الصحراء بالقيم الفرنسية وفي أغلب الأحيان بالتناقض مع ثقافات وقيم مجتمعاتهم وشعوبهم•
فالهدف البعيد الظاهر وإن كان لا يقول إسمه•• هو أن باريز تسعى أمام انحسار نفوذها في أوربا مقابل النفوذ الألماني المسيطر والمؤثر للمساومة بنفوذها جنوب المتوسط لإحداث نوع من التوازن بينها وبين القوى الاوروبية الصاعدة• وفرنسا تتصرف هنا كدولة لها استراتيجية وتريد الحفاظ على مصالحها كقوى أوروبية ولو على حساب الآخرين•
وأعتقد أن للجزائر كذلك مصالح حين تتعامل مع مسائل كهذه•• ماذا نجني لو أيدنا المشروع؟ بالنسبة لفرنسا ولأوروبا عموما فإن همومها هي الهجرة وهي الإرهاب وهي تمتين مصالحها الاقتصادية والثقافية في المنطقة، هل هناك مقاربات مشتركة بيننا؟•• أوروبا عموما وفرنسا في المقدمة بالنسبة لملف الهجرة، فالمسعى يستهدف أن يكون جنوب المتوسط جدارا لمنع تدفق آلاف الأفواه الجائعة، ومعنى هذا أن تكون بلدان جنوب المتوسط خط الدفاع الأول إن جازت التسمية•• فقط أن تقوم بلدان المنطقة بدور الحارس والشرطي حتى لا ينتقل جزء من البؤس الافريقي ليدنس الرفاهية الاوروبية•
هذا الهمّ الفرنسي•• ما هو الهمّ الجزائري؟•• هناك مسائل تهمنا أمنيا وسياسيا ولفرنسا دور كبير فيها•• وحين يتعلق الأمر بالتفاوض ماذا تقدم أنت وماذا أقدم أنا للوصول الى اتفاق مرضي لنا نحن الاثنين؟•• أتساءل•• هل يمكن لباريز مثلا أن تعيد النظر في موقفها من قضية الصحراء الغربية لينسجم مع الشرعية الدولية، وأن لا تؤيد طرفا ضد آخر• ذلك أن تأييدها اللامشروط لموقف المملكة المغربية هو في نهاية المطاف يمس بأمن واستقرار المنطقة التي نحن فيها وبالنتيجة بمشروع الاتحاد المتوسطي•
في منطقة الساحل وإفريقيا ما وراء الصحراء، وهي حيز مجاور للجزائر فإن هناك مشاكل وقلاقل وعدم استقرار•• ولفرنسا تواجد كما لها نفوذ•• ومواقفها كثيرا ما تؤدي الى احتدام النزاعات والصراعات بين الحكومات هناك وشرائح من مواطنيها وسكانها•• هل يمكن لفرنسا أن تعيد النظر في سياساتها التي يميزها التدخل، لتصبح محايدة لا تدعم طرفا على حساب آخر أو أطرافا على حساب آخرين؟••
أعتقد أن طرح مثل هذه القضايا•• وبالتالي الإجابة عنها يمكن أن تحدد الى حد كبير، هل ننخرط في هذا المسعى هكذا ولا ندري ما هي فوائد ذلك، ما هي الايجابيات من خلق فضاء آخر على حساب فضاءات أخرى موجودة من قبل للتشاور والتنسيق وتبادل الأفكار والآراء• أكيد•• فإن التعاون بين شمال المتوسط كما جنوبه هو فكرة نبيلة، بل ومرة أخرى أعود قليلا للوراء••
فالجزائر سبق لها أن نادت في أعلى المحافل الدولية والجهوية على ضرورة التعاون، ليس فقط بين حوضي المتوسط شماله وجنوبه، وإنما الى التعاون الأشمل بين الشمال والجنوب، بين العالم المصنع والعالم النامي ضمن المفهوم الأشمل للنظام الاقتصادي الدولي الجديد الذي خصصت الأمم المتحدة له دورة كاملة في جمعيتها العامة سنة 1974 والتي طرح فيها الرئيس بومدين رحمه الله الفكرة في خطابه المشهور بتكليف من دول عدم الانحياز•
وبعد، أود أن أقول أن أولئك الذين رفضوا أفكارنا وآراءنا منذ عقود هم أنفسهم الذين يبنون عليها أفكارهم التي يسعون الى إقناعنا بها اليوم ولكن يفرغونها من كثير من محتواها الذي يعمم الفائدة ليقصروا هذه الفائدة على مصالحهم الخاصة فقط•• وهذه احدى معضلات القوى الغربية التي لا تزال عقدة الاستعلاء والسيطرة تتحكم في تصرفاتها!!• قد يكون اكتشافهم متأخرا•• أقصد إقرارهم أن الارهاب آفة عابرة للحدود•• لكن عودة الوعي هذا، أفضل ولو كان متأخرا!!••


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.