كلمنى أحد الأصدقاء يعاتبني على العمود الذي كتبته أمس بعنوان " فرسان أم أرانب " ؟ أقول فيما معناه أنه لا يحق لنا نحن الكتاب والصحافيون أن نصف من زكاه الشعب بمنحه 75 ألف توقيعا لكي يترشح للإنتخابات الرئاسية " أرنبا " باعتبار أن " الأرنب " لديه دلالة رياضية معناها أن له دورا بسيطا جدا ، هو مساعدة الرياضي الرئيسي على تحطيم الرقم القياسي، حيث يجري معه حتى محطة الوصول ثم ينسحب لتركه يواصل إلى النهاية. وأصبحت الأدبيات السياسية تطلق وصف الأرنب على المترشحين للرئاسيات من ذوي الوزن الخفيف أو وزن الريشة إذ جاز لنا أن نستعير مصطلحات من رياضة أخرى هي الملاكمة. وهكذا يمكن القول أن مصطلح الأرنب قد دخل قاموس الفكر السياسي. لكن الأرنب في الحالة الجزائرية ، وإن كان مقتنعا – مثل الرياضة تماما – بأنه لن يتوج بالذهب، ولا بأي ميدالية أخرى ، هو يعرف جيدا ما يفعل، وأنه في نهاية المطاف يخرج فائزا مهما كانت نتيجة الإقتراع. أولا سوف يخرج من المبني للمجهول إلى المبني للمعلوم ، بفصل التجمعات التي ينشطها، وبفضل البرامج الدعائية التي تمكنه منها الإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة. وحينها سوف يصبح " شخصية إعلامية " . ثانيا إن الأرنب سيستفيد من الرئاسيات من خلال تحريك أتباعه وأنصاره وتجميعهم حول برنامجه الإنتخابي، بما يؤهله مستقبلا من توسيع قاعدته الشعبية يكون في أمس الحاجة إليها في مواعيد انتخابية دون مستوى الرئاسة كالتشريعيات أو المحليات. وثالثا ، بإمكان المترشح الأرنب أن يحقق بعض المكاسب المادية لشخصه أو لحزبه من خلال التمويل الذي يناله لحملته الإنتخابية سواء من الخزينة العامة، أو من المتطوعين. وبإمكان الأرنب أخيرا أن يستغل وضعه في مرتبة الأرنب لمواعيد لاحقة، فكل تجربة تزيد له خبرة. لكن لا ننسى أنه من حق كل مواطن أن يصبح رئيسا، لكن هذا ليس ممكنا من الناحية العملية، لذلك جاء في الفكر السياسي أن المواطنين يتنازلون عن هذا الحق، لشخص يرونه الأكفء والأقدر على الحكم وهمومه. ومنه يمكن القول أيضا، أن الديمقراطية التنافسية ، تجعل من حق كل مناضل في أي تيار سياسي كان ، أن يترشح حتى بصفة الأرنب، ولما كان هذا غير ممكن من الناحية العملية، فإن المناضلين يتنازلون عن حقهم لشخص يرونه الأقدر والأجدر على منافسة مترشحين آخرين من تيارات سياسية أخرى . وهكذا إذن يكون مصطلح الأرنب قد تمأسس فعلا في الفكر السياسي الجزائري على الأقل. وإذا صدقنا المقولة الفلسفية التي ترى أن " الإنسان حيوان متكلم وسياسي " فلماذا لا يكون هذا الحيوان أرنبا ؟ إنه مجرد سؤال.. !