إحياء للذكري السابعة عشر لرحيل فنان الأغنية الملتزمة عبد الرحمان عزيز ، احتضنت أول أمس قاعة المسرح " محمد توري" بمدينة الورورد وقفة للتعريف الجيل الجديد بالشاعر ، الموسيقار والمطرب الذي رافق واحتك بكبار الشخصيات الفنية على غرار الفنان محي الدين بشطارزي و رشيد قسنطيني. الحفل الذي نظمته لجنة الثقافة للمجلس الشعبي لمدينة البليدة بالتنسيق مع الكشافة الإسلامية الجزائرية حضره جمع غفير من الجمهور الذي كان من مختلف الفئات العمرية، وكان فرصة لاكتشاف الشخصية الحقيقية للراحل عبد الرحمان عزيز ذلك الفنان الرزين الذي كان يطل علينا عبر الشاة الصغيرة في الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف من خلال أغنيته الشهيرة " زاد النبي" . وقام بالمناسبة فوج " الفتح" للكشافة الإسلامية الجزائرية للبليدة بتقديم أناشيد ومدائح اشتهر بها الفنان منها" أمحمد مبروك عليك"،" ياكعبة يابيت ربي" التي تفاعل معها الحضور . كما يعتبر الراحل عبد الرحمان عزيز فنانا شاملا من مواليد 05 جويلية سنة 1920 بحي القصبة ،و يعود أصله إلى منطقة القبائل الكبرى "أزفون"، التحق بالمدارس القرآنية بجامع سيدي علي بباب جديد ولما بلغ 12 سنة شهد له الشيخ محمد العيد آل خليفة بالتفوق فكان مجودا قديرا، واصل تعليمه بمدرسة السلام و منها انتقل إلى مدرسة الشبيبة بضواحي سيدي عبد الرحمان ،حيث تخصص في تجويد القران و بعد هذه المدة رحل إلى عالم الأناشيد وأهم ما قدمه في تلك الفترة الأناشيد المشهورة في الوطن العربي في ذلك الوقت مثل "عليك مني السلام"، "انشدوا انشدوا يا شباب"، "بلادي بلادي". وعندما بلغ 17 سنة بلغ ديوانه التلحيني 58 أنشودة و التقى بالشاعر مفدي زكريا الذي أطلق عليه اسمه الفني عبد الرحمان عزيز بدل اسمه الحقيقي عبد العزيز آيت عبد الرحمان و في هذه المدة كان عضوا نشيط في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية تحت راية محمد بوراس مؤسس الكشافة الإسلامية الجزائرية، ثم التحق بفرقة "محي الدين بشطارزي"، حيث طريق الفن الأصيل واحتك بعده ببعض الأساتذة مثل احمد يسري، دحمان بن عاشور، وهذا من خلال انضمامه إلى فرقة محي الدين لكحل.بعد اندلاع الثورة التحريرية استمر في مستشفى الأمراض العقلية وتم توظيفه سنة 1956 و بقي هناك إلى غاية تقاعده سنة 1973 بالبلدية وذلك بطلب من الدكتور فرانز فانون. وقد ساهم الفنان في إعادة دمج مرضى هذا المستشفى في الحياة الاجتماعية حتى قال فيه فرانز فانون" بفضلك إننا نزعنا السلاسل والقيود من أيدي المرضى و عالجناهم بالأغنية و النشيد".كما كان يوصيه بالاستمرار في الأغنية السيكولوجية لمحاربة الاستعمار الفرنسي ما دام قد نفعت في علاج مرضى الأعصاب وإعادتهم إلى صوابهم.. كان يعلم الأشبال عند تواجده في الكشافة الإسلامية الجزائرية الأناشيد ليغرس فيهم الروح الوطنية ولقد كان والده يتضايق منه لحبه للفن فلما حدث الشيح عبد الحميد بن باديس قال له:"أنت تعلمهم الروح الوطنية وإعطاه كتيبا ليعلم الكشافة و قال له الوديان الصغيرة تصب كلها في واد كبير وهكذا هو حال هؤلاء الأطفال الذين تعلمهم سيكبرون ويتوحدون ويقاومون فرنسا".كما علم الأطفال حب الوطن وتقديس المبادئ وتعاليم الدين فكان واعظا مرشدا وهو الذي انشد وغنى "هيا يل بني وطني" – "يا كعبة يا بيت ربي محلا كي" – "زاد النبي و فرحنا به" – "يا رسول الله". كان يرافق أطفال الكشافة يبيع معهم الصور في المقاهي و الطرقات ليفتحوا أفواجا كشفية أخرى لإعداد الجنود الذين سيخرجون المستعمر من بلادهم المغتصبة.كما انه مارس المسرح وكان يبدع في كل أدواره التي يقوم بها رفقة المرحوم الثوري السينمائي و اشتهر بمسرحيتين هما و لكنه لم يستمر في التمثيل و المسرح لأنه أصيب بكسر في رقبته أثناء التمثيل و مثل كثيرا مع فرقة محي الدين بشطارزي. رحل الفنان عبد الرحمان عزيز يوم 05 فيفري 1992 عن عمر يناهز 72 سنة وكان حلمه أن يكون له شريط في السوق يموت مباشرة بعد خروج الشريط دون أن يشاهد هذا الاخير، رحل الرجل وترك وراءه سجلا حافلا بالنشاط وكان حقا مطرب الواقعية و الوطنية..