أكد الطيب بلعيز وزير العدل حافظ الأختام، أمس، أن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد الأبرياء الفلسطينيين في الضفة الغربية لا يمكن وصفها من حيث بشاعة تنفيذها والقصد الإجرامي لمقترفيها، مشددا على أن تشرد الشعب الفلسطيني لا يرجع إلى التعنت الإسرائيلي فحسب، محمّلا المجتمع الدولي المسؤولية لمثل هذه الاعتداءات الذي التزم الصمت. قال الطيب بلعيز في كلمة ألقاها أمس في الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء العدل العرب المنعقد بمقر الجامعة العربية المخصص لبحث جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، أن خطورة هذه الجرائم تضع المجتمع الدولي عامة والمجموعة العربية خاصة أمام المسؤوليات المنوطة بكل منهما في متابعة وتقديم مرتكبيها أمام محكمة جنائية دولية. وأوضح وزير العدل أن تدخل جمعية الأممالمتحدة لإنشاء وتنصيب هذه المحكمة أصبح "حتميا وواجبا" تطبيقا لإعلان الاتحاد من أجل السلام لمحاكمة مجرمي هذه الحرب للإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي تقودها إسرائيل ضد الفلسطينيين وتحميلها كامل المسؤولية وما يترتب عنها من تعويض عن سائر الأضرار التي ألحقتها بهم كافة، مشيرا إلى أن الأوضاع السيئة والخطيرة التي أل إليها الفلسطينيون "الذين أصبحوا اليوم أكثر تشردا وألما من ذي قبل" لا ترجع إلى التعنت الإسرائيلي فحسب بل تعود أيضا إلى الموقف السلبي للمجتمع الدولي من هذه المخاطر والاعتداءات التي ظل ملتزما الصمت المطبق حيالها ولم يتجاوز رده عليها مجرد التعبير عن أسفه والدعوة إلى ضبط النفس، مؤكدا على أن ذلك حرض الكيان الإسرائيلي على التمادي في همجيته وغطرسته وتنفيذ خططه القمعية وأساليبه الإجرامية واللاإنسانية ضد المدنيين العزل من أبناء الشعب الفلسطيني. وفي ذات السياق قال بلعيز إن بعض أطراف المجتمع الدولي "لم تكتف بالسكوت عن هذه الجرائم بل راحت تبررها وما يجري بسببها من دمار وتقتيل في الأراضي الفلسطينية بحق إسرائيل في دفاعها عن النفس" متسائلا عن الحق الذي تزعمه إسرائيل في دفاعها عن النفس وهي القوة العسكرية العاتية والجيوش المدججة بأسلحة الدمار الشامل حيال شعب أعزل بكامله من مدنيين وأطفال ونساء وشيوخ أبرياء، مذكرا أنه بالرغم من مرور أزيد من ثلاثين عاما عن صدور قرارات الشرعية الدولية الداعية إسرائيل إلى الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من العودة إلى أراضيه المغتصبة ورغم هذه القرارات الدولية وتعاقب مساعي السلام عبر مختلف اللقاءات والمؤتمرات خاصة مؤتمر "مدريد"، "أسلو" و"أنابوليس" فإن إسرائيل لا تزال تقابل هذه الدعوات للسلام سواء العالمية منها أو العربية بتصعيد سياستها الإجرامية والتعرض لأبناء الشعب العربي الفلسطيني بأبشع جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية. وتطرق الوزير إلى الحديث عن الأهمية التي يكتسيها الاجتماع الطارئ حول قضية شعب من الشعوب العربية "لم ينصفه المجتمع الدولي رغم مرور 60 عاما على اغتصاب أراضيه والتي لم تتوقف خلالها الآلة العسكرية الإسرائيلية عن إبادته والتنكيل به"، مضيفا أن أهمية لقاء وزراء العدل العرب تكمن كذلك في التباحث والنظر في موضوع جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي تواصل اقترافها آلة الدمار الإسرائيلية في حق أبناء الشعب العربي الفلسطيني منتهزة في ذلك الموقف السلبي للمجتمع الدولي من هذه الجرائم، حيث ذكر كذلك بمجازر 8 ماي 1945 التي اقترفها الاحتلال الفرنسي ضد الشعب الجزائري الذي خلف أكثر من 45 ألف شهيد تجدد موقفها "الثابت وتضامنها" حكومة وشعبا مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ومواصلتها تأييد صمودهم ونضالهم حتى استرجاعهم كامل حقوقهم المشروعة وعلى رأسها الحق في إقامة دولتهم فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، مذكرا بانشغال رئيس الجمهورية بالأوضاع الإنسانية للشعب الفلسطيني. كما تم الاتفاق خلال الاجتماع على تشكيل لجنة برئاسة وزير العدل الفلسطيني تقوم بتحضير ملف كامل وشامل ومؤسس يحتوي كل الأدلة والبراهين عن الجرائم الإسرائيلية لرفع دعوى على ضوئه أمام الجهة الدولية ذات الاختصاص، حيث تكمن المرحلة الأولى في عمل هذه اللجنة في جمع كل الوثائق الخاصة بالجرائم الإسرائيلية المرتكبة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويتولى المختصون من رجال القانون ووزراء العدل العرب بعد ذلك تحديد طبيعة هذه الجرائم وتحديد الجهة التي سترفع إليها الدعوى القضائية لمحاكمة ومتابعة مرتكبيها وقد تكون هذه الجهة مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية وغيرها من المؤسسات المخولة قانونا للنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.