يعتقد الأستاذ عبد الحميد مهري أنه من الخطأ محاولة معالجة قضية تهويد القدس بمعزل عن القضية الأم بكل جزئياتها، مضيفا أنه إذا تم طرح القضية الفلسطينية بشكل خاطئ فلن يكون بالإمكان الحصول على نتائج في أي قضية جزئية أخرى، لافتا إلى أن المبادرة العربية بشأن فلسطين سلكت طريقا خطيرا عندما ربطت حل الدولتين ب "قبول إسرائيل". بخلاف مداخلات الأساتذة الذين أثاروا النقاش في العدد الجديد من "ضيف التحرير"، فإن الأستاذ عبد الحميد مهري الذي جاء ممثلا ل "مؤسسة القدس" تناول مسألة تهويد القدس من مقاربة عامة، فرغم أنه اعترف بما في القدس من مقدّسات إلا أنها تبقى، في تقديره، الجزء الرمزي من القضية الفلسطينية، وبالتالي فإنه يرى أن المطلوب هو التحصيل على الحقوق كاملة انطلاقا من القدس وحلّ أزمة الحدود وتسوية وضعية اللاجئين.. وإذا كان الأستاذ مهري أوضح في مداخلته أن تركيز الجهد على مسألة تهويد القدس يعتبر "خطأ منهجيا"، فإنه في المقابل وضع إسقاطا للمنهجية التي تتبعها إسرائيل في تعاملها مع مختلف القضايا التي تدافع عنها في هذا الإطار حيث أورد أن "المشروع الإسرائيلي لم يتغير منذ البداية، والأكثر من ذلك فإنهم ينفّذونه بمرونة وبشكل يجعله مقبولا لدى الرأي العام الدولي"، مشيرا إلى أن كل الخطوات التي يتّبعها الكيان الصهيوني في القدس يطبّقها في باقي القضايا الأخرى وهذا ما لا يتوفر عند العرب. وتابع الأستاذ عبد الحميد مهري في هذا الشأن قائلا: "الإسرائيليون لا يفرّطون في أي ميدان يعملون فيه لأنهم واقفون موقف مقاومة في وجه المقاومة، والعرب يواجهون ذلك يطرق كلاسيكية لا من الناحية العسكرية والدليل فشلهم في كل الحروب التي خاضوها ضد إسرائيل، ولا من الناحية الدبلوماسية أيضا لأنهم لا يزالون يجنون الفشل تلو الفشل..". إلى ذلك أفاد ممثل "مؤسسة القدس" كذلك أن المبادرة العربية بشأن القضية الفلسطينية وردت فيها جملة تقول "القبول بدولة فلسطينية" وأكد أن استعمال هذه العبارة مقصود مما يوحي بأن "العرب يسلكون طريقا خطيرة جدا"، ليطلق هنا سلسلة من التساؤلات التي تصب في مجملها ضمن اتجاه واحد وهو "من يقبل بالآخر فلسطين أم إسرائيل؟"، ومعنى هذا، يضيف المتحدث، "أن العرب علّقوا حق قيام الدولة الفلسطينية وربطوها بشكل مباشر بقبول إسرائيل". وعلى هذا الأساس هاجم عبد الحميد مهري القادة العرب الذين قال إنهم "فرحانين" وينتظرون من الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما إقناع الإسرائيليين بالقبول بحل الدولتين "لأنه من الخطأ أن نعطي الحق في قبول أو رفض قيام الدولة الفلسطينية لهذا الكيان"، وبالتالي فإن ممثل "مؤسسة القدس" بالجزائر لم يتوان في التأكيد بأن المبادرة العربية "ملغمة لأن تكتيك قيام دولة فلسطين لا يمكن ربطه إطلاقا بموقف العدوّ، ولكن للأسف كل التحرّكات تسيّر في هذا الاتجاه فكيف لنا إذن أن ننتظر من إسرائيل التراجع عن مخططها بتهويد القدس أو أي قضية أخرى"، واستبعد بذلك تحقيق أي مكسب "ما دام السقف العربي متدن بهذا الشكل".