أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور محمد العربي ولد خليفة أن الاحتفاء بالعلامة البشير الإبراهيمي هو جزء من المصالحة الوطنية التي تشمل كما شدّد عليها رئيس الجمهورية التصالح مع الذات الحضارية ورموزها ومعالمها الذين خدموا الجزائر، مشيدا في هذا السياق بالدور الذي لعبه الإبراهيمي في نهضة الشعب الجزائري عن طريق التعليم ونشر تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة. أبرز رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في كلمته الافتتاحية في ندوة المجلس بمناسبة الذكرى 120 لولادة العلامة محمد البشير الإبراهيمي وتحت عنوان "منور الأذهان وفارس البيان" أسباب اختيار العلامة محمد البشير الإبراهيمي للاحتفاء به والذي قال أنها لقيت الدعم الكامل من رئيس الجمهورية الذي اعتبرها خطوة أخرى نحو "المصالحة مع الذات الحضارية ورموزها ومعالمها الباقية من النساء والرجال الذين خدموا الوطن واستماتوا في الدفاع عن الهوية الجزائر العربية الإسلامية "، مؤكدا أنهم ملك للأمة وينبغي أن تكون مآثرهم حاضرة في ذاكرة الأجيال. كما استعرض الدكتور ولد خليفة الصفات المختلفة للعلامة والتي قال أنه لا يمكن حصرها في يوم واحد، كالذكاء الحاد والذاكرة القوية وإرادة لا تلين، مشيرا إلى تعليمه ومقالاته الصحفية التي تميزها اللغة القوية والبلاغة الظاهرة، بالإضافة إلى رؤيته الثاقبة للحاضر واستشرافه للمستقبل، كحديثه عن المسالة اللغوية في الجزائر وما ستؤول إليه ومستقبل فلسطين. وعرفت الفترة الصباحية للندوة التي احتضنها فندق الاوراسي حضور العديد من الذين عاشروا أو عرفوا فقيد اللغة البشير الإبراهيمي، مناقشات هامّة تمحورت حول علاقة الإبراهيمي باللغة وجمعية العلماء والإصلاح، حيث عالج الأساتذة الحاضرون الأبعاد والجوانب المختلفة لشخصية وحياة العلامة، ابتداء من مولده في سنة العظماء 1889، إلى فطنته وذكائه، ثم نضاله وتبوئه منصب رئيس جمعية العلماء المسلمين، ليتطرقوا إلى مذهبه الإصلاحي في اللغة والدين ومحاربته الطرقية والجهل في الجزائر، بالإضافة إلى التركيز على قوة لغته وحسن بيانه وحجته. من جانب آخر أجمع المتدخلون على أن العلامة الإبراهيمي كان نابغة زمانه وسبق عصره بكثير وهذا بالنظر إلى ما قدمه من أفكار مستقبلية عالجت وناقشت مشاكل وآراء ما زالت الجزائر تتخبط فيها وحتى الوطن العربي والعالم الإسلامي كقضية مكانة اللغة العربية أو القضية الفلسطينية وقد ابرز الحضور في تدخلاتهم الدور الكبير الذي لعبه الإبراهيمي في نهضة الجزائر قبل الثورة التحريرية رفقة الإمام عبد الحميد بن باديس إذ دعا إلى العلم والتعليم وأسس المدارس والمعاهد والصحف وكان دائم السفر يشرح الحالة في الجزائر إلى الأشقاء ويجمع الآراء حول الحلول. كما تأسف الكثير من المتدخلين لمآل الرجل منهم حفيدته خولة الابراهيمي التي أصرت على أن تعاد للبشير الإبراهيمي جدها وكل من خدم الجزائر بصدق مكانته، لأن الاختلاف في الرأي لا يعني نكران مكانة أو خصال الرجل ونفس الموقف دافع عليه الدكتور محمد عباس حين قال تظلم القيم عندما يعزل الصالحون وأهل المبادئ ولإصلاح التاريخ، يجب إعادة النظر في الحركات الوطنية في الجزائر دعما لمنظور الفكر المعاصر.