في الوقت الذي تطرح تساؤلات عديدة حول ترشح الشخصيات ''المساعدة'' لعبد العزيز بوتفليقة في سباق رئاسيات 9 أفريل 2009 ، يبدو الأمر مختلفا بالنسبة للمرشح ''محمد السعيد'' ، الذي طرح اهتمامه منذ البداية وقال إن الهدف من ترشحه هو بناء الحزب الجديد الذي أنشأه• ذهب في هذا السياق إلى حد القول إن نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة لا تهمه بقدر ما يهمه الاتصال بالشعب ومحاولة تعبئته وتجنيده وراء حزبه الجديد المسمى ب ''حركة الحرية والعدالة'' • لقد بدأ اسم محمد السعيد في الظهور مع إنشاء ''حركة الوفاء والعدل'' في عام 1999 ، حيث فضل أحمد طالب الإبراهيمي وزير الخارجية الأسبق، ونجل الشيخ ''البشير الإبراهيمي'' رئيس جمعية العلماء المسلمين بعد الشيخ ''عبد الحميد بن باديس''، تأسيس حزب سياسي واختار صديقه محمد السعيد ليكون أمينا عاما له• وهو الحزب الذي لم تعتمده وزارة الداخلية وقيل أن السلطة رفضت ذلك كونه يضم مناضلين من الجبهة الإسلامية للإنقاذ - المحظورة - وعندما سألنا محمد السعيد منذ أيام عن هذا التبرير الذي أعطي بطريقة غير رسمية لعدم اعتماد حركة الوفاء والعدل، قال إن ملفات الأعضاء المؤسسين لذلك الحزب خالية من أية شوائب وأصحابها كلهم يتوفرون على المقاييس والمميزات القانونية التي تتيح لهم المشاركة في أحزاب وممارسة العمل السياسي• لم يفهم محمد السعيد سبب عدم اعتماد حركة الوفاء والعدل، لكنه أشار إلى أن السبب قد يكون تحفظ النظام أو على الأقل بعض رجاله حول شخصية ''أحمد طالب الابراهيمي''، ولم يزد محمد السعيد على هذا الكلام•.ربما لكونه لا يعرف خلفيات الموضوع وربما لأنه لا يريد أن يتورط بتصريحات أوأقوال تزعج الفاعلين في النظام منه•. وبالتالي يصبح حصوله على اعتماد الحزب الجديد من المستحيلات• ما يعرف عن أحمد طالب الابراهيمي، الذي تمنى محمد السعيد أن يكون مكانه في الحملة الانتخابية لرئاسيات 2009 كنوع من العرفان ورد الجميل له، أنه كان يحسب على التيار الإسلامي حتى وهو من أهم قيادات المكتب السياسي واللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني• الذي ناضل فيه لسنوات عديدة ولم ينسحب منه سوى في أواخر التسعينيات• وقد تسرب حديث في نهاية الثمانينيات، وهو مازال قياديا في حزب جبهة التحرير، عن اختياره من قبل عباسي مدني، رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليكون رئيسا للحكومة بعد أن احتدم النقاش والجدل حول قانون الانتخابات الذي عدّل لإجراء الانتخابات التشريعية لعام1991، وقد رفض ''الفيس المحظور'' ذلك القانون وخرج للاحتجاج في الشوارع فيما سمي بعد ذلك ب'' الإضراب السياسي'' لدى البعض أو ''العصيان المدني'' لدى البعض الآخر• محمد السعيد، عمل في وزارة الخارجية، وتقلد منصب سفير في البحرين، قبل أن يحال إلى التقاعد.•ليتجه إلى العمل السياسي في حركة ''الوفاء والعدل'' ويمارسه بطريقة مخالفة لما مارسه عندما كان في حزب جبهة التحرير الوطني كغيره من المسؤولين الجزائريين في عهد الحزب الواحد• وقد بدأ محمد السعيد حياته قبل أن ينتقل إلى السلك الدبلوماسي في الصحافة حيث كان مراسلا لجريدة '' النصر'' ثم صحفيا في التلفزيون في عام 1968، وفي ذلك العام أخذ اسم محمد السعيد على طريقة الفنانين ونجوم التمثيل، فقد اختار له مدير التلفزيون الجزائري آنذاك ''مدني حواس'' هذا الاسم لأن اسم ''محند أوبلعيد السعيد'' يبدو ثقيلا عن أسماع المشاهدين والمستمعين• وفي مكتب مداومته في حيدرة، يضع محمد السعيد صورة له وهو يحمل ميكرفون التلفزيون محاورا الرئيس الراحل ''هواري بومدين''، ويقف بجنبه كل من وزيرا بومدين عبد العزيز بوتفليقة وأحمد طالب الإبراهيمي، ويعتز محمد السعيد بهذه الصورة اعتزازه بالرئيس بومدين• وفي جريدة ''الشعب'' التي كان مديرا لها بين سنوات 1976 إلى 1980 يتذكر محمد السعيد حادثتين، الأولى تتعلق بخروج 17 صحفيا منها في عهده نظرا للعدد الكبير من الصحفيين الدائمين والمتعاونين الذين كانوا يعملون فيها، والثانية تخص عملية تحويل مطبعة ''الشعب'' الأوفست إلى جريدة ''المجاهد'' بأمر من وزير محسوب على التيار الوطني القومي• في مجال السياسية، يتذكر محمد السعيد نضاله في حركة الوفاء والعدل• ويعرف جيدا أن تكرار نفس التجربة يؤدي إلى نفس النتائج خاصة أن الظروف لم تتغير بطريقة كلية وشاملة• موازاة مع هذا يعرف على محمد السعيد أنه لا يناقش الثوابت والمبادئ مثل العربية والإسلام، كما يعرف عليه عدم التزمت في الدين• ومن هنا يمكن لحزبه أن ينافس الوطنين والقومين والإسلاميين على وعائهم الانتخابي• فرغم أنه من أصول قبائلية، إلا أن حب اللغة العربية والعمل من أجل التمكين لها يسري في دمه طول الوقت• وهذا لم يمنعه من إتقان اللغات الأجنبية• وعندما تسأله عن إمكانية منافسة حزبه الجديد ''حركة الحرية والعدالة'' للحزبين التقليدين في منطقة القبائل جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، يجيبك بكل حذر..''لم آت لمنافسة أحد''• وبنفس الحذر يتحدث عن السلطة ويبعد بصفة قطعية أن يكون قد عقد صفقة معها، مفادها أن يترشح للرئاسيات المقبلة مقابل اعتماد حزبه الجديد، بل إنه يقول إن السلطة قوية الآن ولا تحتاج إليه أوإلى أحد غيره• وتبقى الصفقات في السياسة من الأشياء العادية، بل أنها من أبرز فنون الممارسة السياسية• الآن ، بعد أن اجتاز عقبة المجلس الدستوري وجمع أكثر من 75 ألف توقيع وترشح رسميا لرئاسيات 2009 يكون محمد السعيد قد قطع الخطوة الأولى في طريقه السياسي،