لم تجد وزيرة الثقافة، خليدة تومي، حرجا في تكذيب الأقوال التي نسبت للشاعر أدونيس، الخادشة للإسلام أمام العلن، عندما أكدت أن محاضرته لم تتضمن ما نسب إليه، كما بررت ساحتها قائلة ''إن الوزارة لا تمارس الرقابة القبلية على الأفكار''، وحاولت إقناع معارضي الشاعر بعدم انفتاحهم على النقاشات الفكرية وأفقهم الضيقة· ورغم المقاطع المقتبسة عن محاضرة الشاعر أدونيس، التي قدمها نائب حركة الدعوة والتغيير، عبد العزيز بن منصور، وهو يطرح السؤال الشفوي على وزيرة الثقافة، خليدة تومي، المتعلقة بالمساس بالدين الحنيف الذي هو أحد ثوابت الأمة وفقا للدستور، واستفساره عن الرعاية التي وفرتها الوصاية للمحاضر، نفت مسؤولة القطاع أن يكون مضمون المحاضرة مثلما يتصور النائب· وحاولت تومي في ردها على النائب، أول أمس الخميس، حصر الشعور الذي يختلج النائب في إطار عدم اقتناعه بالأفكار التي قدمها أدونيس في محاضرته بالمكتبة الوطنية، وذهبت إلى حد القول بأن تنظيم تلك المحاضرة كان واجبا، وهذا حتى لا تبقى الجزائر بمعزل عن النقاشات الفكرية والحراك الدائر في العالم، ووصفت الشاعر ب ''الكبير'' وثمنت أطروحاته باعتبارها ساهمت في تشكيل رؤية جديدة· وفي ردها على شق السؤال القائل بأن تلك الأفكار كان من الممكن أن تهضم من حيث المنهج وليس الطرح، لو أن الشاعر حضر إلى الجزائر بنفسه أو تم استدعاؤه من قبل مفكرين مستقلين وليس مؤسسة رسمية ممثلة في وزارة الثقافة، بررت ذلك أن الوزارة لا تمارس وظيفة الرقابة القبلية لما يطرح من أفكار، مضيفة أن دائرتها حريصة على تعزيز فرص الحوار وإثراء النقاش بعيدا عن المصالح الحزبية، وهذا في إشارة منها إلى الجهة التي طرحت السؤال، خاصة وأنه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها النواب المنحدرون من الأحزاب الإسلامية أسئلة مماثلة· وذهبت الوزيرة إلى حد تحميل النائب مسؤولية قناعته وتصوره الشخصي لأفكار الشاعر''أدونيس''، وقد عقب رئيس الجلسة، الصديق شهاب، على رد النائب قائلا إن ''النواب يناقشون ولا يوافقون دائما مثلما يروج البعض، وهذا دليل على أننا نعيش عهد التعددية الحقة''· وخلصت الوزيرة إلى أن فحوى محاضرة الشاعر أدونيس كان مقاربة لأسئلة تتعلق بالحركات الفكرية والسياسية التي تحاول وضع الدين الإسلامي في بوتقة المؤسسة السياسية الضيقة، وانحصرت في موضوع التخلف في الوطن العربي ولم يتم التطرق من خلالها إلى الدين الإسلامي كعقيدة سامية· وعلى صعيد آخر، بررت تومي التأخر في إنجاز مشروع فيلم حول شخصية الأمير عبد القادر إلى أهميته وحرصها على أن يكون ذا نوعية وفي مستوى الأفلام التاريخية العالمية، تطبيقا لتوصيات رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة· وأضافت أنها أسندت مهمة اختيار المخرج لأحمد بجاوي، فيما كلف رئيس المجلس الدستوري، بوعلام بسايح، بإعداد نص تاريخي متكامل حتى يحول فيما بعد إلى سيناريو، على أن يكون الإشراف لمؤسسة عمومية على إنتاجه تضمن للدولة كافة حقوقها الأدبية والمالية وملكيتها· وموازاة مع مسألة إنتاج فيلم الأمير عبد القادر، أكدت الوزيرة على ضرورة وجود مؤسسة وطنية متخصصة في إنتاج الأفلام الكبيرة ذات الطابع الوطني التي ستكتسي صفة المنتج الرئيسي للفيلم، مضيفة أن وزارتها ستعكف على إنشاء ذات المؤسسة في إطار مشروع قانون السينما الذي سيطرح على المجلس للمناقشة في السنة المقبلة· وكشفت الوزيرة عن مشروع إنشاء مؤسسة عمومية للإنتاج السينمائي من شأنها ضمان حقوق ومصالح وملكية الدولة عندما تخصص أموالا لإنتاج الأفلام السينمائية كتلك التي تكتسي طابعا وطنيا وتاريخيا·