أحدث هذه المفارقات أكدتها، أول أمس، صحيفة ''لوباريزيان'' الشعبية الواسعة الانتشار، والرائجة في أوساط الفئات الكادحة والمحدودة اجتماعيا واقتصاديا وفكريا والمهتمة أساسا بالقوت اليومي• الصحيفة المذكورة وخلافا لوسائل الإعلام الفرنسية المرئية والمسموعة التي ركزت على سمنة فرنسيين آخرين أكدت أن السرقة تتزايد من يوم لآخر خلال الأعوام الأخيرة في المحلات التجارية التي تسمى في فرنسا ب''المساحات الكبيرة''، مثل ''كارفور'' و''أوشون'' و''لوكلاروكورا''، والأخرى الصغيرة والأرخص من الأولى ك''ليدل والدي''• واللافت للانتباه في هذه الدراسة عدم اقتصار السرقة على الفقراء والعاطلين عن العمل منذ عدة أعوام، وحسب الجريدة التي سألت أحد المتخصصين الاجتماعيين، فإن نسبة غير قليلة من لصوص المحلات التجارية تتمثل في المواطنين المتوسطي الحال، الذين أصبحوا عاجزين عن مواجهة الغلاء رغم تلقيهم أجورا شهرية ويطلق على هذه الفئات اسم العمال الفقراء أو الفقراء الجدد• ويتصدّر اللحم والقهوة والجبن والحليب قائمة المواد الغذائية المسروقة، وهذا الأمر ليس عفويا، إذ يضطر المتخصصون لسرقتها لأنها تعد من أغلى المواد الواسعة الاستهلاك والضرورية والمطلوبة في حياة الكبار والصغار من فقراء وضحايا الأزمة الاقتصادية، وقدر مبلغ الخسارة المالية للمحلات التجارية بسبب تعاظم السرقة بخمسة مليارات أورو، أي بمعدل 4 في المئة تقريبا خلال العام الحالي• ومضت الصحيفة الشعبية المذكورة في شرحها مؤكدة بأن السرقة تطال كل الشرائح الاجتماعية بغض النظر عن عامل الجنس أو العمر• وانقسم لصوص المجلات التجارية إلى نوع يسرق من أجل توفير الحاجات الأساسية الغالية كاللحم والحليب، ونوع آخر لا يستطيع شراء بعض الحاجات شبه الكمالية كالعطور والألبسة واللعب التي يراد بها إمتاع النفس من باب السخف• ويتمثل النوع الثالث في الشبان العاطلين عن العمل الذين يعيدون بيع المواد المسروقة عبر الأنترنت• والأدهى والأمر من كل ذلك انضمام عمال المحلات التجارية أنفسهم إلى جيش اللصوص لأنهم يصنفون أيضا ضمن خانة العمال الفقراء• الفقر الذي يطال شرائح اجتماعية عديدة من الفرنسيين يدفع الكثير منهم إلى سرقة الكحول وأدوات الزينة والعطور، ويشترك في هذا التخصص كل من الرجال والنساء، وما زاد في نسب السرقة بسبب الأزمة الاقتصادية حسب الصحيفة الفرنسية إقدام المحلات التجارية على تقليص عدد أعوان الرقابة للحد من التكاليف وتحقيق الربح المطلوب في كل الأحوال•