ترى ما هي خلفيات الضجة المثارة حول ما كتبته الزميلة ''الوطن'' حول ديون بعض الصحف الخاصة لدى مؤسسات الطباعة التابعة للدولة؟! الحكاية بدأت عندما أقدمت بعض الصحف الخاصة على رفع السحب إلى نسبة 400% فجأة بمناسبة حكاية كأس العالم! وأدى هذا الارتفاع المفاجئ إلى استهلاك المخزون الوطني من ورق الصحف لدى مؤسسات الطباعة! ووجدت هذه المؤسسات نفسها تواجه عجزا في مخزون الورق، وكان عليها أن تبادر بشراء الورق وبسرعة حتى لا تقع في كارثة توقف الصحف عن الصدور! وكانت المطابع تحتاج إلى سيولة كي تفعل ذلك، ولأن الصحف التي رفعت سحبها ب400% لم تدفع فاتورة السحب إلى المطابع مسبقا، بل طالبت المطابع بالانتطار 3 أشهر مثلما ينص على ذلك العقد! ولكن المطابع لا تستطيع الانتظار! لذلك عمدت إلى تخفيض السحب لكل الصحف حتى تلك التي لم تدخل في هذه المغامرة! وضغطت المطابع على كل العناوين ماليا وفي السحب••• وكان المفروض أن تضغط فقط على العناوين التي تسبب في الكارثة! ولكي يفهم القارئ الكريم خلفيات الحكاية أضرب له المثل الآتي: مثلا صحيفة خاصة كانت تسحب نصف مليون نسخة، عليها أن تدفع للمطابع شهريا 30 مليارا كمستحقات الطبع، وعندما ترفع سحبها إلى مليون نسخة عليها أن تدفع 60 مليارا شهريا على اعتبار أن النسخة الواحدة من الجريدة (32 صفحة وبالألوان) تكلف على الأقل 10 دينارات عدا ونقدا كتكاليف الطباعة! لذلك عندما ترفع الصحف الخاصة أرقام سحبها إلى مستويات خيالية لابد أن تصبح أرقام فواتيرها الطباعية خيالية! وما دامت المبيعات لا تحصل من الموزعين إلا بعد 3 أشهر حسب عقود التوزيع، فإن المطابع عليها أن تنتظر هي الأخرى هذه المدة•••! هذا إذا بيعت الجريدة فعليا؟! وكان على مطابع الدولة أن تفرض على الصحف التي تقوم بهذه الشطحات السحبية مبدأ الدفع المسبق حتى لا تحدث كوارث مالية للمطابع•••! نعم المطابع لديها ديون خيالية لدى بعض العناوين••• والرأي العام يطالب بكشف هذه الديون التي تسببت فيها الشطحات غير المسؤولة••• ولا يمكن التحجج بالمواعيد التعاقدية للقول بأن هذه الصحف ليس لديها ديون خيالية! فسحب مليوني نسخة يعني دفع 120 مليار شهريا للمطابع، وبقاء 3 أشهر دون دفع، معناه وصول الفاتورة إلى مئات الملايير•• حتى ولو كان ذلك قانونيا! إذاً، المشكلة التي أثارتها الزميلة ''الوطن'' مشكلة حقيقية وجدية، هذا إذا وفت العناوين التي ارتكبت الخطأ بالتزاماتها نحو المطابع حين يحين موعد دفع الفاتورة، ولا أظن أنها تستطيع فعل ذلك في المنظور القريب، وبذلك ينبغي أن لا تعاقب المطابع الصحف التي لا دخل لها في الأزمة بتخفيض سحبها•• وعليها أن تعاقب الذين تسببوا فيها وحدهم! والحمد لله أن الجزائر فيها صحيفة مثل الوطن تقول الحقائق للناس دون خوف ولا مورابة أو مداهنة••• ولو عرف الناس حقيقة الأمور لتبينوا من هو المهني•