يطالب اقتراح قانون تجريم الاستعمار بإنشاء ''محكمة جنائية جزائرية خاصة''، إلى جانب خضوع فرنسا واستجابتها لمطالب الشعب الجزائري، المتمثلة أساسا في الاعتراف بالجرائم المرتكبة في حق الجزائريين إبان الاستعمار والاعتذار عنها والتعويض، كشرط أساسي لاستمرار العلاقات بين البلدين· وتشير مواد مشروع القانون المودع لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني مؤخرا، مشفوعا بتوقيع 120 نائب ينتمون إلى مختلف التشكيلات السياسية الممثلة في المجلس، إلا أن كل من قام أو شارك أو ساهم بأي فعل من الأعمال الإجرامية، ضد الشعب الجزائري، يمثل أمام المحكمة الجنائية الجزائرية، على أن تضمن الدولة الجزائرية كامل حقوق المتهمين في الدفاع أمام المحكمة الجنائية ذاتها، معتبرا أن المحكمة الجنائية الجزائرية الخاصة، المطلوب إنشاؤها، تهتم بمحاكمة ''مجرمي الحروب والجرائم ضد الإنسانية''· وتصر المادة الأولى من المشروع، المشكل من عشرين مادة قانونية، والذي اطلعت ''الفجر'' على نسخة منه، على تجريم الاستعمار الفرنسي عن كامل الأعمال الإجرامية التي قام بها في الجزائر خلال الفترة الممتدة من سنة 1830 إلى غاية ,1962 وما نتج عنها من آثار سلبية إلى يومنا هذا، من إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، وهو لا يعترف بمبدإ التقادم فيما يخص الأعمال الإجرامية· كما يحدد اقتراح القانون الطريقة التي يتم بها اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المتهمين، حيث يربط عمل مصالح الشرطة الجزائرية والدولية ''الأنتربول''، ويجري استدعاء المتهم أولا، ليتم اللجوء إلى طلب العون من الأنتربول في حالة عدم التزامه بالحضور، إذا كان المتهم متواجدا خارج تراب الجزائر، وحسب المشروع، فإن كل ضحية حرب يملك الحق في رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الجنائية الجزائرية، أو المطالبة بالتعويض عن الأضرار المترتبة عن آثار الجريمة ضد المتهم، وإذا كان هذا الأخير متوفيا، تتحمل الدولة الفرنسية كل ما يترتب عن الدعوى مدنيا· وينص القانون على ضرورة أن تكون مرافعات المحكمة الجنائية الجزائرية علنية وأحكامها نهائية، ولا ينظر خلال هذه المحاكمات إلى الصفة الرسمية أو الجنسية للمتهم· كما يتوجه القانون، من جهة أخرى، إلى الدولة الفرنسية الرسمية بأن ''تتحمل الدولة الفرنسية مسؤولية كل الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ضد الإنسانية في حق الشعب الجزائري وتعطيله للمسيرة الحضارية للدولة الجزائرية، وما تبعها من أضرار ناجمة عن الألغام والإشعاعات النووية''· ويتضمن المشروع مطالبة الدولة الفرنسية ب''إعادة الأرشيف الوطني بمختلف أنواعه، وكذا الآثار المهربة خارج التراب الجزائري، وتسليم قوائم المفقودين، مع تحديد أماكن تواجدهم، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، وكذا قوائم المهجرين قسرا أو المنفيين إلى ما وراء البحار''، مثل المئات الذين رحلوا قسرا من بلادهم باتجاه كاليدونيا· ومن المتوقع أن يتم تمرير المشروع نظرا لكونه قد وصل إلى مكتب البرلمان، كما أنه لقي دعم عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، الذي يعتبر حزب الأغلبية في البرلمان، على عكس اقتراح القانون السابق الذي بادرت به حركة الإصلاح ورفضه مكتب المجلس عام ,2005 والذي كان يتضمن موادا تطالب فرنسا بالاعتذار وتحمل مؤسسات الدولة الجزائرية مسؤولية تحصيل حقوق الجزائريين التاريخية والسياسية والمالية من الدولة الفرنسية·