ها قد عادت أجواء نوفمبر إلى الساحة من جديد بعد تأهل مصر إلى نصف النهائي لكأس أمم إفريقيا، وقد تنبري أقلام وألسنة لتأجيج الصراع هنا وهناك· ومن المؤكد أن الصحف والفضائيات الصفراء ستستغل المشاحنة التي وقعت بين الفريقين لتحقيق الكسب، ونعود من جديد إلى نقاش عقيم سنخسر منه أكثر مما نكسب، مع أن الأمر لا يعدو أن يكون أكثر من مقابلة في كرة القدم· ولأننا مجبرون على مقابلة مصر كرويا مادامت ''تنتمي'' إلى إفريقيا مثلنا، وليس باستطاعتها اللعب في كأس أوروبا مثلما نصحنا بفعله بعض ''الفهمة'' من مصر بعد مقابلة أم درمان، فما علينا نحن الإعلاميون إلا الابتعاد عن اللغط وتجنب إعادة تجربة تصفيات كأس العالم وما تبعها من غوغاء وصراعات بيننا وبين مصر، علينا أن نرفع أيدينا عن الكرة، ونترك الكلمة الأولى والأخيرة للملعب وللفريقين لا غير، فكل منهما له ألوان يدافع عنها وأنصار ومواطنون مطالب بإسعادهم باللعب واللعب ليس إلا ·· ثم إن هذه المقابلة ليست كمقابلة تصفيات كأس العالم، فهي ليست مقابلة الفصل التي خضناها في أم درمان، ولن نذهب إليها من باب الأخذ بالثأر، وإنما مقابلة في كأس إفريقيا ستجمع بين فريقين قبل أن يكونا عربيين أو إفريقيين، هما فريقان قويان، فريق جزائري شاب أبدع وكان في القمة في كل المقابلات التي خاضها مؤخرا خاصة مقابلة الأحد الماضي، إذا استثنينا لقاء مالاوي الذي جرى في ظروف غير رياضية· فريق له الكثير من القدرات الفنية والقوة البدنية، فريق يمثل المستقبل لأن أغلب عناصره في بداية مشوارها الرياضي، وبين الفريق المصري الذي رغم أنه أقصي من المونديال على يد الفريق الجزائري، وركلة عنتر يحي، إلا أنه فريق كبير، وللفريقين من القوة والتجربة والخبرة والفنيات ما يجعلنا نأمل في مشاهدة عروض فنية كروية ترفع من قيمة الكرة الإفريقية، وربما أيضا تكون مقابلة مرجعية تستمتع بها الجماهير العربية والإفريقية ولمَ لا العالمية، مثلما استمتعوا بمقابلة فريقنا الوطني مع كوت ديفوار· آن الأوان إذن لنترك الكلمة للاعبين، ولتخرص الأصوات الناعقة في فضائيات العار وما شابهها من صحافة الفضائح التي تمدح الفريق اليوم وتدوسه في الحضيض وغرضها الوحيد الإثارة وليس الدفاع عن قيم رياضية·