وصف الباحث في تاريخ الحركة الوطنية، والرئيس السابق لجمعية 8 ماي 1945، الأستاذ محمد القورصو، تصريحات وزير خارجية فرنسا، برنار كوشنير، ب”الهذيان السياسي” الذي يعبر عن الحقد والفكر الاستعماري الذي ما زال يسكن عقول المسؤولين الفرنسيين ويؤكد على المكانة المرموقة التي تحتلها الجزائر بقيادة المجاهدين التي أقلقت باريس، موضحا أن الدبلوماسية الجزائرية معروفة وسط المجموعة الدولية بالتريث والحكمة في التعامل مع مختلف الأوضاع والمعطيات، وترد وفق ما تراه ضروريا وفي الوقت المناسب على استفزازات كوشنير.
قال أمس الباحث، محمد القورصو، في تصريح ل”الفجر”، إن ما صرح به برنار كوشنير أول أمس حول تحميل جيل الثورة الحاكم توتر العلاقات الثنائية، يعبر عن الانحطاط السياسي الذي تتعامل به باريس عند تعاطيها مع الإصرار الجزائري، معتبرا إياها نرفزة سياسية كشفت عن النوايا الحقيقية للمسؤولين الفرنسيين، وتؤكد استمرارهم في استفزاز الجزائر، حكومة وشعبا، معيبا تدخله في الشؤون الداخلية للبلاد ومحاولة الهروب إلى الأمام بدل مواجهة الحقيقة والتاريخ الهمجي. وأضاف عضو جمعية الثامن ماي أن الدبلوماسية الجزائرية مترفعة وراقية تعرف توقيت وكيفية الرد، وقال إن “الجزائر معروفة بمواقفها بين الأمم، تعتمد على التريث وليس الاندفاع”، موضحا أن الرد ليس ضروريا أن يكون سياسيا عن طريق الوزراء أو المجاهدين، باعتبار أن باريس تعتمد على المصالح، وأضاف أن “مصالحها معنا معروفة وبين أيدينا اقتصاديا، ثقافيا وحتى سياسيا، وأن تصريحات كوشنير استمرار لسياسة باريس المعروفة إزاء الجزائر، خاصة بعد المواقف الثابتة والسيادية لجيل المجاهدين الذين تحدث عنهم هذا الوزير، وجيل الاستقلال، الذي يحاول هذا الوزير أن يراهن عليه للعودة إلى الجزائر بشعار الصداقة، متناسيا أن جيل ما بعد 1962 الحراق والإرهابي والبطال جزائري ووطني إلى درجة لا تعلمها فرنسا. ويرى المتتبعون للعلاقات الجزائرية الفرنسية تصريحات كوشنير عادية ومنتظرة في كل لحظة بالنظر إلى شخصيته، فقد اقترف ما أسماها الوزير الأول، أحمد أويحيى، في حينه، قلة أدب وقلة احترافية في حق وزير المجاهدين، محمد شريف عباس، فالأمر مرتبط بعقدة لدى هذا الوزير وباريس من ورائه إزاء ما يرمز للحرية والثورة والجزائر، موضحين أن كوشنير معروف على مختلف المستويات بمولد الأزمات والفتن، وآخرها ما جاء في كتاب الفرنسي، بيير بيان، حيث فضح الممارسات المشبوهة في التهويل لأزمة دارفور بالتعاون الوثيق مع جهات إسرائيلية لتحقيق مآرب ومقاصد لصالح فرنسا.