استمتع جمهور المسرح الوطني محي الدين بشطارزي في مبادرة من المركز الثقافي الإيطالي، سهرة الأربعاء الماضي، بعرض مسرحي إيطالي كوميدي باللغة الفرنسية؛ تحت عنوان ”الثنائي” أو Duetto. العمل مستوحى من رائعة ”لوكنديرا” أو ”العشيقة والنزل” برع في تقديم مشاهده كل من مارسليو سكودري وفيتوريا سكونامليو فكرة المسرحية الأساسية هي اللعب على زمنيين، زمن النص الفعلي والزمن الموازي للتدريبات التي ترافق النص، حيث يقوم مارسيلو وهو مخرج المسرحية أيضا بتقديم دور المخرج الذي يبحث عن ممثلة مسرحية تقوم بأداء دور العشيقة لوكنديرا، وبالفعل تأتي لوكنديرا في موعدها لتخضع لاختبار، علما أنها ممثلة سينمائية مشهورة وتطمح في خوص تجربة المسرح. لوكنديرا والفارس الحكاية الكلاسيكية التي كتبت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر لا تزال صالحة لرؤية مسرحية جديدة، يحاول من خلالها مارسيلو وفتوريا، قراءة العلاقة الإنسانية بين الرجل والمراة، غير أن المخرج الذي يتقمّص دور الفارس لا يختلف في الحقيقة عن شخصية النص التي تكره النساء ولا تؤمن بالحب، إذ نجده طوال المسرحية لا يتوانى في اختراع الذرائع كي يوقف ممنحنى التدريب. من جهتها، لوكنديرا تحاول إغراء الفارس وبمجرد أن يستسلم لسحرها تعاود شد خيط تمنعها. وبالتالي يمكننا أن نقرأ في ثنايا المسرحية الحكاية الأزلية التي تستفز الغزيزة الإنسانية وتحاول استنطاق وجدانها كي تنتهي دوما إلى ذلك التوحّد الحتمي بين المراة والرجل، لا سيما برفقة أداء فيتوريا التي قدمت دورها بتناغم كبير، وبحضور طاغي لفت انتباه الحضور الذي صفق لها طويلاً، إذ تمكّنت من تقمّص الشخصية الأولى الخاصة بالعشيقة من دون أن تغفل عن شخصها كامرأة متحررة تعيش لحريتها وتراهن على نلقائيتها الجميلة.. وعليه، ربما يكون الإسقاط النهائي الذي تهدف إليه المسرحية هو الغوص في عمق الوجدان الإنساني للرجل والمرأة مع مراعاة التغيرات الحاصلة في عامل الزمن وتثبت أن العلاقة بشكل أو بآخر لا تزال في كثير الأحوال تستند إلى تشنج الرجل في البداية وتمنع المراة الجميل لتنتهي الحلقة كما في كل العصور إلى التوحد. المسرحية كانت فرصة لاكتشاف الآخر الذي ليس يختلف إطلاقا عندما يتعلق الأمر بالوجدانيات الإنسانية المشتركة، لكنه مختلف حتما في تقنيات البناء المسرحي وكذا في صدق الوقوف من على الركح.