ماذا تقصد بها المرأة و لم تقولها؟ وماذا يريد بها الرجل؟ هو سؤال قد يبدو للقارئ بسيطا، لكن هو في معناه من أصعب المواقف التي يتعامل فيها الرجل و المرأة كفردين خلقهما الله سبحانه و تعالى متكاملين، لدرجة أنه وصف المرأة كلباس للرجل والرجل كلباس للمرأة. و من ثم، تخيل معي عزيزي القارئ كيف ستكون لو أنك لبست لباسا ضيقا عليك أو بالعكس لباسا فضفاضا لدرجة التهريج.. هنا الحكمة الإلهية التي وصفت وصفا دقيقا دور كل واحد منهما بالنسبة للآخر. لماذا تحب المرأة؟ إن حب المرأة نابع من العواطف التي حباها الله بها، والتي هي ضرورية لدورها في الحياة كأم. وما خلقت المرأة من ضلع أعوج إلا لأنها أخذت من هذا الضلع حنوه و لو أقيم لانكسر (كما فسر ذلك الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسيره ل“خلقت المرأة من ضلع أعوج”. فالمرأة قبل أن تحب رجلا تكون قد مرت في حياتها على تجارب حب كثيرة، أولها حب والدها رمز الرجولة، والذي من أدواره توفير الحماية لها ولأفراد العائلة. ثانيها، حب الأخ الذي حتى وإن كان صغير السن، فإنها تريد أن تظل بظله قائلة: “عندي أخ يدافع عني كلما احتجت لذلك”.. وهذا الأسلوب حتى وإن لم تتفوه به الفتاة فإنها في داخلها، لاشعوريا، تحس بالأمان لوجود عنصر رجالي يدافع عنها سواء أكانت ظالمة أو مظلومة.عندما تكبر الفتاة وتبدأ ملامح الأنوثة تظهر على جسدها، فإنها تكتشف حبا من نوع آخر يجعلها تهيم في الأحلام، فيطير من جفنها المنام. إذا، في هذه المرحلة أي بين 12 و19 سنة تقريبا، تمر الفتاة بتجارب عديدة وتسمع عن تجارب فتيات أخريات، ومن هذه المعلومات يبدأ صقل الجانب الإجتماعي من شخصيتها، والذي يكون الرجل فيه هو المحور الأساسي. متى تقول المرأة أحبك؟ لم ينعت الرسول الكريم النساء بالقوارير هكذا، لكنه بحكمته أدرك رهافة حس المرأة، والذي شبهه بزجاج القارورة الذي اذا انكسر فإنه من الصعب بل ربما من المستحيل إعادة تكوينه. من هنا، فإن إحساس المرأة (حتى ولو بدت قاسية ودون إحساس) جد مرهف، وإلا لما أوكل الله لها أكبر مهمة على وجه الأرض وهي تربية الأبناء. تقول المرأة “أحبك” في مواقف كثيرة بالمقارنة مع الرجل الذي لا يقول هذه الكلمة إلا نادرا أو في بعض المواقف الخاصة. في مرحلة المراهقة تستعمل الفتاة هذه الكلمة كثيرا لوصف اختلاجات نفسية تحس بها نحو شاب ما، أو رجل أكبر منها سنا. وتستعملها أيضا مع صويحباتها اللواتي من سنها، كما تقولها وهي ترى صبيانا صغارا كتعبير لأمومة دفينة فيها تنتظر الوقت المناسب للبزوغ. أما عندما يكتمل نضج المرأة الجسمي والعقلي والجنسي، وتكون على استعداد لربط حياتها بحياة رجل، فإنها تنطق بها لمن اختاره قلبها وعقلها اختيارا وفق شروط عديدة كانت قد سطرتها من قبل، أي طول فترة المراهقة. في كل علاقة بين الرجل و المرأة تكون فيها المرأة ابنة أو أختا أو صديقة أو زوجة أو أما، تبحث هذه الأخيرة عن الأمن والأمان أولا، ثم عن الحب ثانيا ( سواء كان حبا عميقا أو مودة أو فقط إحساسا بأنها محبوبة)، ثم عن الجنس أي الموقف الذي يشعرها بأنوثتها إشباعا لرغبة فطرية. تقول المرأة لرجل “أحبك” عندما يشعرها بالأمان أولا، حيث تحتمي تحت كنفه، فتشعر بقوامته عليها، ومن هنا تنقاد له وتسقط رهينة لإحساسها بقوته. الدكتورة جليلة زهيد