ما تعرضت له سحر سيسجل في تاريخ الممارسات البشعة التي طالت براءة الطفولة، فقضية سحر هي من أبشع القضايا المرتكبة ضد البراءة لأنها تتعلق بتجرد الأبوين من كل عاطفة وإحساس يمكن أن يقدم لطفلة ضعيفة بحاجة إلى لمسة رقيقة من والديها وليس عنفا أزهق روحها. وقائع الجريمة التي هزّت كامل ولاية عنابة، دارت بحي واد الذهب في شهر جوان من عام 2007، تاريخ قيام والدة الضحية بضرب ابنتها “سحر”، ضربا مبرحا، قبل رميها بقوة على عتبة المنزل، الأمر الذي سبب لها نزيفا برأسها، استدعى نقلها الى مستشفى ابن رشد، وأدخلت مصلحة الإنعاش، حيث مكثت 7 أيام كاملة لتفارق الحياة عقب معاناة كبيرة مع الأوجاع التي صنعها والدان لا يمتان بأي صلة للأبوة والأمومة. بررت الأم المتهمة فعلتها الشنيعة، على أساس أن ابنتها الضحية، أخبرتها أن والدها اعتدى عليها جنسيا، وهو الاتهام الخطير الذي جعل الأم تعاقب ابنتها بالضرب المبرح، لتقوم الضحية على إثر هذا العنف الممارس ضدها إلى نسب التهمة لخالها، لترفع الأم من حدة التعذيب، لتقوم الفتاة بإخبار والدها أن أحد شبان الحي الذي تقطن به، هو من قام بهذا الفعل الشنيع في حقها. الطفلة “سحر” لم تشفع لها طفولتها البرئية وجهلها للحياة، ولم ترق مشاعر الأمومة لفلذة كبدها، كونها تعرضت لجلسات تعذيبية متواصلة من قبل الأم والأب على حد سواء. الوالد كان يضع ابنته على كرسي ويقوم بوصلها بالكهرباء وكأنها مسجون يتم استنطاقه في عهد الاستعمار، ثم تستلمها الأم لتقوم بكيّها في أجزاء مختلفة من جسدها، وفي هذا الصدد، بيّن تقرير الطبيب الشرعي أنه سجل كسورا في قفصها الصدري والرأس، إلى جانب حروق غائرة من الدرجة الثانية في بطنها وأطرافها. تجدر الإشارة إلى أن التحقيقات الاجتماعية الخاصة بالوالدين، مقترفا الجريمة بحق ابنتهما، بيّنت أن الوالد كان يتعرض لنفس الجلسات التعذيبية من قبل والده، فيما كانت الوالدة من ذوي السوابق العدلية رفقة والدتها جدة الضحية، وقد نسبت تهمة التسبب غير العمدي في وفاة ابنتها، لنفسها محاولة تبرئة زوجها. وبالاستماع لهذه التصريحات ووقائع الجريمة البشعة، التمست النيابة عقوبة العشرين سنة سجنا نافذا، فيما اقتنع القاضي بدفاع المتهمين وحكم عليهما بأربع وثلاث سنوات سجنا نافذا، لاقترافهما جريمة الضرب والجرح العمدي المفضي للوفاة دون قصد إحداثها.