خبير فرنسي يؤكد تمسك بلاده بالتفاوض “خفية” وضعت فرنسا، أمس، كل أجهزتها في حالة استنفار قصوى من أجل تحرير رهائنها الخمسة الذين اختطفوا في النيجر الأسبوع الماضي، في عملية تبناها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أول أمس، دون أن يعلن عن مطالبه. الرئيس الفرنسي اعتبر القضية “مثيرة للقلق للغاية” وتعهد بعد اجتماع لمجلس الدفاع باستنفار جميع الأجهزة لتحرير الرهائن، في وقت واصلت الطائرات الاستطلاعية الفرنسية مهمتها في دول الساحل بحثا عن الرعايا المختطفين في ظل صعوبة وخطورة التدخل العسكري في الوقت الراهن، حسب الخبراء الأمنيين. وحذر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فرنسا من “ارتكاب حماقة ثانية” تتمثل في عملية عسكرية ضده لتحرير الرهائن، بعدما أفضت العملية العسكرية المشتركة التي قامت بها بمشاركة موريتانيا إلى مقتل رهينتها، ميشال جيرمانو. وتريث التنظيم، في تسجيل صوتي بثته قناة “الجزيرة” أول أمس، الذي تبنى فيه عملية الاختطاف في الإعلان عن المطالب. وفي ذات السياق، توقع الباحث دومينيك توماس، المختص في الحركات الإسلامية، أن لا يحصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مطالبه على الفدية، وأن يعلن عن مطالب ذكر في مجملها بوقف التدخل الفرنسي في منطقة الساحل والتراجع عن التدخل العسكري أو حتى طلب رفع يدها عن دعم الحكومة الجزائرية. وأكد الباحث، في حوار لصحيفة “لوجورنال دو ديمونش” الفرنسية، على خطورة وتعقد خيار التدخل العسكري الذي يتطلب وسائل لوجيستيكية ومعارك قد تزيد من حدة التوتر بين دول المنطقة والانتقام من التنظيم المسلح. وبالمقابل، لم ينف المصدر خيار المفاوضات الذي لم تهمشه فرنسا في كل قضايا الاختطافات التي تعرض لها رعاياها منذ 1980، وقال إن إنكارها الدخول في مفاوضات مع الإرهابيين ليس سوى “خطة إعلامية” فهي تلجأ إلى التفاوض عن طريق وسطاء من السلطات المحلية للدول المعنية. وفي السياق نفسه تفادى الناطق الرسمي للحكومة الفرنسية، لوك شاتيل، الخوض في مسألة المفاوضات المحتملة بين باريس وجماعة دروكدال، وقال “في هذه الأمور السرية هي أفضل شيء”. وقال الباحث الفرنسي إن قوة الجيش الجزائري وقدرته على السيطرة على الجنوب مقابل ضعف الدول الأخرى مكن جماعة عبد الحميد أبوزيد من تعزيز قواعده في مالي، في إشارة واضحة إلى نجاح الجيش الجزائري في مراقبة التراب الوطني، ما دفع عناصر القاعدة الى اللجوء إلى صحارى الدول المجاورة. وعن عملية الاختطاف الأخيرة، اعتبر دومينيك توماس أنها لم تكن لتتم دون دعم وتواطؤ مع أطراف أخرى، وشكك المصدر في صحة المعلومة المتعلقة باحتمال وقوع اعتداء إرهابي في فرنسا ووصفها ب”المناورة”، فيما استبعد بشكل كامل قدرة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على التوغل داخل أوروبا، مشيرا إلى أنه لا يشكل سوى بضع مئات من العناصر لم يتمكنوا حتى من التوغل داخل دول المغرب العربي، مثل تونس وليبيا والمغرب. وخلافا لتصريحات دومينيك توماس، أعلن أمس قائد الشرطة الفرنسية، فردريك بيشنار، وجود “تهديد كبير بوقوع اعتداء”، داعيا إلى البقاء في حالة “يقظة شديدة” ، وأضاف في تصريحات لإذاعة “أوروبا 1 “، أن المعلومات الاستخباراتية التي تلقتها فرنسا موثوق بها ولا يسعى من ورائه إلى إثارة خوف المواطنين الفرنسيين. ورغم التهديد يستبعد أن تلجأ السلطات الفرنسية إلى رفع مستوى الإنذار ولكنها عززت من إجراءاتها الأمنية. أما عن قضية الاختطاف في النيجر، فإن باريس تسعى إلى غطاء من دول الساحل، وأية مساعدة أو تنسيق يمنحها الشرعية في التحرك لتحرير الرهائن، حتى ولو كان تدخلا عسكريا، حيث صرح وزير الخارجية الفرنسي، بيرنار كوشنير، من نيويورك أمس “لم نُفاجأ بمعرفة أن القاعدة تقف وراء عملية الخطف. الآن وقد تأكد، نحن الفرنسيون وحلفاؤنا ودول الساحل وأوربا، أتمنى ذلك، سنواصل بذل قصارى جهودنا واستخدامَ كلِّ الوسائل المتاحة لإعادة الحرية لهؤلاء المخطوفين”. التعاون بين دول الساحل أكدته الخارجية الفرنسية أمس دون توضيح نوعه، وأفصحت أيضا، على لسان الناطق الرسمي، رومان نادال، عن “مساهمة” أمريكية في عملية البحث عن الرهائن، ومن المرجح أن تكون على المستوى الاستخباراتي.