أسدى المغرب الشقيق للمدير العام لصندوق النقد الدولي "الأفامي"، دومنيك ستروس كان، في زيارته إلى الجزائر "نصيحة مفخخة" كما وصفها خبراء الشؤون الاقتصادية، ظاهرها الاندماج المغاربي ضمن تكتل اقتصادي جهوي، وباطنها تحويل أسواق الدول المغاربية إلى "كتلة استهلاكية" تروّج للسلع الأوروبية خصوصا بوزيدي يؤكد حاجة دول المغرب للجزائر وليس العكس ومسدور يربط الاندماج بالصحراء الغربية لتعويض عجزها التجاري المتزامن مع الأزمة المالية العالمية، ورغبة منها في طي صفحة الصحراء الغربية نهائيا. تحدث إلينا المستشار الاقتصادي، عبد المجيد بوزيدي، عن الزيارة قائلا "ستروس يقوم بزيارة ودية للجزائر هذه الأيام، لشكرها على نجاحها في تخطي الأزمة العالمية، وقدرة النظام المالي على تجاوز المديونية والتحكم في التضخم والميزانية"، مبينا أن الزيارة جاءت لضمان موافقة الجزائر على شراء أسهم صندوق "الأفامي" المقدرة في الإجمال ب 150 مليار دولار، ومحاولة "ترقيع ما فات" كون الصندوق لم يرحم الجزائر بشروطه وقت الأزمة، والآن يترجاها شراء الأسهم، لذلك "لن تقبل الجزائر أية نصيحة منه بخصوص الاندماج المغاربي اقتصاديا، وهذا الطرح تتناوله الدول المعنية فيما بينها من دون وساطة، وطبعا للجزائر شروطها الخاصة، لأن دول المغرب العربي هي من تحتاج إلى التكتل مع الجزائر وليس العكس"، ضاربا مثالا على ذلك، حيث يقول "يصل معدل اقتناء السيارات في المغرب إلى 15 ألف سيارة سنويا، في حين يتجاوز الرقم 200 ألف سيارة بالجزائر لقوة الطلب الداخلي، أما تونس فهي سوق ضعيفة خارج السياحة، لذلك نجد الدول المغاربية تناهض من أجل الاندماج، الذي حقيقته دمج الجزائر في سوق استهلاكية كبرى، تجلب لهذه الدول الاستثمارات التجارية الأجنبية، وتخدم الاتحاد الأوروبي وواشنطن بشكل مباشر". وأضاف بوزيدي في حديثه عن تعاملات الصندوق مع المغرب "الهيئات الدولية تحب المغرب، للتسهيلات والمزايا الخاصة التي تمنحها لهم، وترغب في توسيع نفوذها انطلاقا منها إلى دول الجوار، إلا أن الجزائر لن تسمع إليهم، إلا فيما ينفعها"، مؤكدا أن تعامل الحكومة مع الخارج بدأ يأخذ طابعا اقتصاديا "نحن اقتصاديين لا نحتاج إلى اتحاد مغاربي، بقدر ما يحتاج هو إلينا، وقد ناشدنا دول الجوار منذ عهد ثورة التحرير وإلى الآن، لم نستطع بناء اتحاد مغاربي مندمج لعوائق سياسية، وفي حال تم قبول شروطنا السياسية، فمرحبا بهذا الاندماج لبناء تكتل جهوي". "انتهى عهد التنازل" من جهته قال الخبير فارس مسدور، في تصريحه لنا أمس "الجزائر سبّاقة لفكرة الاندماج المغاربي ضمن تكتل موحد، إلا أن تأزم الأوضاع مع المغرب على خلفيات قضية الصحراء الغربية وأزمة الحدود بواقع إشكالية التهريب، سدّ منافذ الحوار وأدى إلى تأخر مشروع الاندماج الذي تروّج له المغرب مؤخرا، لتحقيق منافع لا تخدمها بالدرجة الأولى بقدر ما تخدم الدول الصناعية. وبخصوص مقترح مدير عام صندوق "الأفامي" الموجه للجزائر والذي أصرت عليه المغرب، والمتعلق بالاندماج، أكد مسدور أن الجزائر "لا تحتاج إلى نصائح هؤلاء" في ظل البحبوحة والراحة المالية المسجلة في عز الأزمة العالمية، وقال "لن يتكرر درس الأمس، لأنه درس اقتصادي وليس سياسيا، والشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي عندما كانت الجزائر تتخبط في العشرية السوداء، أدت إلى توقف نشاط التنمية وعجز المؤسسات وتسريح العمال، لن يتكرر اليوم وفي ذات الفترة سابقا، لم نجد من يواسي جراحنا اقتصاديا، لا المغرب ولا الهيئات العالمية، لذلك اليوم نحن في موقع قوة، يجب أن نفرض شروطنا في كل خطوة نخطوها، ويجب دراسة كل الملفات المطروحة بدقة منها شراء أسهم صندوق النقد الدولي". وأفضى الخبير مسدور في معالجته معنا لزيارة ستروس إلى الجزائر، إلى مقولة أكدها في تصريحاته "انتهى عهد التنازل بالنسبة لنا"، موضحا أن الجزائر لن تنسى دروس الماضي "والنجاح الاقتصادي المسجل لم يأت هكذا" مركزا على القوة "الدبلوماسية" في التفاوض مع العالم، والقدرة على تخطي "الأزمات" التي أشبعت الدولة "خسائر" ضخمة سابقا، وهي الآن تسير في المنحى "السليم" باعتراف صندوق "الأفامي" والبنك الدولي، وكذا الدول الصناعية التي تتهافت بقوة على السوق الوطنية. كما ربط -ذات المتحدث- الاندماج الاقتصادي مغاربيا، بفك لغز الصحراء الغربية، وتبني شروط الجزائر الأمنية، والتبادلية عبر الحدود، والمندرجة ضمن الإجراءات الحمائية للاقتصاد الوطني.