وصل الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى الهند أمس في مستهل جولة آسيوية تمتد عشرة أيام، يتصدر جدول أعمالها الاقتصاد والتجارة والأمن، في وقت أثارت فيه هذه الزيارة استياء باكستانيا بعد أن تجاهل أوباما إسلام آباد في جولته الآسيوية التي تستمر عشرة أيام واتخذت السلطات الهندية إجراءات أمنية مشددة في مدينة مومباي حيث سيقيم هو ومرافقوه في فندق ”تاج محل” الذي تعرض لهجمات عام 2008.وقد جوبهت زيارة الرئيس الأمريكي بتظاهرات في مدينة لكناو (شمال الهند) نعتت أوباما بأنه عدو للهند والمسلمين. وقبيل سفره، شدد أوباما في مقال نشرته صحيفة ”نيويورك تايمز” على أن الولاياتالمتحدة لا يمكنها ”أن تسمح لنفسها بأن تستبعد” من الأسواق الآسيوية، فآسيا ”موطن لثلاثة من كبرى الاقتصادات الخمسة في العالم وهي تنمو بشكل متسارع مع توسع الطبقة الوسطى وارتفاع مداخيلها”. وأكد أوباما على الفرص التجارية التي يمكن أن تقدمها آسيا في مسعاه لإنعاش التصدير في بلاده، ويرافقه لقنص هذه الفرص المئات من رجال الأعمال الأمريكين للالتقاء بنظرائهم من الهنود حيث سيعلن عن عقود بمئات مليارات الدولارات مما يهيئ عشرات الآلاف من فرص العمل في أمريكا. وأشار إلى أن الاتفاقيات الخارجية لابد أن تكون بالشروط المناسبة، وتساءل عن مغزى حل مشكلات عالقة على حساب المصدرين الأمريكيين وشركات صناعة السيارات والعاملين. كما سيحضر الرئيس الأمريكي منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (آبك) في اليابان وقمة مجموعة العشرين (جي 20) بكوريا الجنوبية، حيث سيعمل مع الرئيس لي ميونغ باك لإكمال عقود تجارية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات تدعم التصدير وتوجد الآلاف من فرص العمل. وبحسب مساعدي أوباما فإن الرئيس سيثير في جميع محطات جولته الآسيوية قضية العملة الصينية التي ترى واشنطن أنها أقل من قيمتها الحقيقية، كما سيبحث مسألة التسلح النووي في كوريا الشمالية وسجل حقوق الإنسان في الصين عندما يلتقي الرئيس الصيني في قمة العشرين. وتنظر واشنطن إلى الهند باعتبارها قوة معادلة في مواجهة الصين وتريد أن تعزز التجارة مع نيودلهي بشكل ملموس وتطور علاقاتها معها، فالصين الصاعدة أصبحت شرسة بعض الشيء تجاه جيرانها، ”والهند قوة موازنة” وفقا للمسؤول السابق بالخارجية الأمريكية، والتر أندرسن. ويقول مسؤولون أمريكيون إن بكين تبقي على سعر اليوان منخفضا أمام الدولار لدعم صادراتها على حساب الوظائف الأمريكية، في حين يريد أوباما مضاعفة صادرات بلاده خلال خمس سنوات. وتشمل زيارة الرئيس الأمريكي إلى جانب الهند، إندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان، مستثنيا باكستان التي وجه دعوة لرئيسها آصف علي زرداري لزيارته في واشنطن، كما أعلن نيته زيارة باكستان العام المقبل. وفي هذا السياق، أعرب الرئيس الباكستاني السابق، برويز مشرف، عن خيبة أمله لأن الرئيس الأمريكي استثنى باكستان من جولته الآسيوية، كما انتقد أوباما لعدم إعلانه أي موقف حيال إقليم كشمير المتنازع عليه بين الجارتين النوويتين الهند وباكستان. ويواجه أوباما تحديا دقيقا للتوازن، إذ ينبغي أن يقنع باكستان أنها لا تصلح فقط حليفا في الحرب بأفغانستان، لكنه في الوقت نفسه لا يمكنه أن يزور باكستان في هذه الجولة كونه يسعى إلى إظهار اهتمامه للقادة الهنود ببلدهم على اعتبار أنه قوة عالمية وليست فقط إقليمية. من جهة أخرى، قال السيناتور الجمهوري، جون ماكين، إن الخشية من انسحاب أمريكا من أفغانستان ”أحدثت توترا بين العلاقات الهندية الأمريكية وعززت من إستراتيجية الجيش الباكستاني في دعم المجموعات الإرهابية في الإقليم”. وفي خطاب له أمام معهد كارنيغي للسلام قبل سفره إلى باكستانوأفغانستان والعراق، قال ماكين إن أفغانستان أصبحت مصدرا رئيسا للتوتر بين الهند وأمريكا لسبب أساسي وهو أن الهند لا تؤمن بأن الولاياتالمتحدة ستبقى في أفغانستان حتى إنجاز المهمة.