لكون الاحتجاجات صارت اللغة الوحيدة التي يفهمها المسؤولون، ولا يعيرون أهمية لمن يستعمل غيرها من وسائل التعبير عن النقائص، تبناها المواطنون وجعلوها صالحة في كل مرة يريدون المطالبة بتوفير مرفق من المرافق أو منصب عمل وأحيانا حتى لإقامة ممهلات كثيرا ما احتج مواطنون وأغلقوا الطريق أمام حركة المرور للمطالبة بإنجاز ممهل أمام مدرسة أو في حي من الأحياء، لحماية أبنائهم من جنون السرعة التي يستعملها سائقو السيارات، الأمر الذي أدى في أحيان عدة إلى حوادث مميتة أودت بحياة أطفال أبرياء. وكان الاحتجاج وراء إقدام السلطات المحلية على الإسراع في وضع ممهل، بعد أن أدارت ظهرها أمام الطلبات الكتابية العديدة للمواطنين بشأن نفس الموضوع. كما أن توفر مناصب شغل مؤقتة على مستوى مديريات التشغيل الولائية، كانت مناسبة أيضا للبطالين الذين لم تشملهم الاستفادة للخروج للشارع وجعله حلبة للتعبير عن غضبهم، والتنديد بالممارسات المعتمدة حين توزيع المناصب. ولم تخل منذ سنوات أخبار الاحتجاجات في صفحات الجرائد حيث صارت جزءا من الحياة اليومية، لتتعدد أسباب الرفض والغضب وتكون وسيلة التعبير واحدة تتمثل في الاحتجاج عن طريق حرق عجلات مطاطية أو جذع شجرة أو استعمال الحجارة. ولم تعد تمثل مقالات الاحتجاجات أهمية مثل وقت سابق إلى أن جاء احتجاج سكان حي ديار الشمس الذين انتفضوا بعد عقود من الزمن للمطالبة بالسكن كونهم يقيمون في شبه شقق لا تتعدى مساحتها 20 مترا وهم يتشكلون من أكثر من عائلة، وكان رد السلطات على سكان الحي في حجم الانتفاضة التي قاموا بها، حيث خصصت ولاية الجزائر أكثر من 10 آلاف مسكن لترحيل العائلات المقيمة بمثل هذه الشقق والبيوت القصديرية وكذا السكنات الهشة. وتخللت عمليات الترحيل احتجاجات في أحياء عدة بالعاصمة اتهم سكانها المسؤولين بإقصائهم من الاستفادة. ورغم أن ندرة حليب الأكياس لأكثر من أسبوعين صنعت الحدث، إلا أنها مرت مرور الكرام ولم تصلها حمى الاحتجاج، خاصة وأن مسؤولي القطاع اتخذوا عدة إجراءات لحل مشكل الندرة وهو ما تحقق، إلى أن فاجأ التجار المواطنين برفع سعر السكر والزيت لتشكل هذه الأخيرة القطرة التي أفاضت كأس الاحتجاج الذي لم يعد يختصر في اسم حي من الأحياء، حيث انطلقت من بلدية فوكة بولاية تيبازة لتتبعها بلديات أخرى في وهران والعاصمة وتمتد إلى مناطق عديدة من الوطن. وبالنظر الى الاستجابة التي لقيتها الاحتجاجات بدا للعيان أن المواطن الجزائري لم يكن راضيا عن وضعه الاجتماعي، رغم أنه لم يعبر عن ذلك بصوت مسموع.