تتحدث الشابة سهام، التي تعد أحد أهم الأصوات النسوية التي تؤدي الأغنية الرايوية اليوم في الجزائر، من خلال هذا الحوار الذي جمعنا معها مؤخراً في مدينة سطيف، على هامش مشاركتها في فعاليات مهرجان جميلة العربي في طبعته السابعة، عن تجربتها في عالم الفن، وطموحاتها فيه، خاصة أن هذا الوسط أصبح يستقطب يوميا عشرات الأصوات الفنية ومن يطلقون عن أنفسهم فنانين.. لا يمكن أن يراني جمهوري كممثلة لأنني لا أملك مقومات التمثيل أين تضع الشابة سهام نفسها اليوم في الوسط الفني الذي أصبح يضم مئات الأسماء الفنية النسوية، بعدما كان يضم عدد قليل منهن في السنوات القليلة الماضية؟ أين أضع نفسي.. حيث أنا.. فسهام حاضرة دائما في الذاكرة الفنية، حتى وإن كانت هناك آلاف الأصوات الفنية التي تنشط في الساحة، لأن لكل واحد طابعه الخاص في تقديم أعماله الفنية، ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن يلغي صوت الذين سبقوه، تماما كما حين ظهرت أنا في الساحة لم أفكر في إلغاء من سبقوني لكني حاولت أن أصل إلى ما وصلوا إليه وكسب محبة الناس، والشهرة، وإقامة حفلات وما إلى ذلك. أسباب غيابك عن الشاشة الصغيرة؟ البرمجة في مبنى شارع الشهداء كانت سيئة في الفترة الماضية، وعرفت إقصاء عدّة أسماء فنية مطلوبة بكثرة في السوق، ولها رصيد محترم لدى الجمهور والعائلات الجزائرية، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، عزوف عدد كبير جداً من الفنانين والمطربين الجزائريين عن تصوير أعمالهم الفنية على شكل فيديو كليب كي تعرض على القنوات التلفزيونية الجزائرية، وتخلق نوعا من التواصل بين الفنان وجمهوره. وهذا لا يعني أن المشكلة في الفنان، لأن تكلفة إنتاج فيديو كليب واحد تفوق تكلفة عمل شريط أو أكثر، والفنان لا يحب أن يغامر بإنتاج عمل بعشرات الملايين دون أن ينتبه إليه أحد. إذا أنتم الآن بحاجة إلى وجود قناة خاص بالفن من أجل تسويق أعمالكم، ربما أكثر من أي وقت مضى؟ طبعا، فالحديث عن ضرورة وجود هذه القناة أو القنوات الفنية لما لا، أصبح أكثر من طموح يتمنى الفنان تحقيقه في الجزائر. نحن اليوم والحمد لله، نمتلك عشرات الفنانين وعشرات المهرجانات الفنية، وعشرات المخرجين والفنيين والموسيقيين، فلماذا لا نضم هؤلاء تحت سقف واحد، تكون بوابة الشهرة العالمية للفن والفنانين الجزائريين الذين يحظون باحترام وتقدير ومحبة عدد كبير من المعجبين تعدو حدود الوطن. أين هي سهام من الشاشة الصغيرة، كممثلة؟ حقيقة أنا والتمثيل خطان متوازيان لا يمكن أن يتقاطعا أو يلتقيا، وشخصيا أعتبر أن الفنان والمطرب ممثل فاشل مهما كانت براعته وقدرته العالمية على التمثيل، حتى وإن كان يمتلك كل المقومات التي تجعله ممثلا ناجحا، لهذا لا أنصح نفسي ولا غيري من المطربين بالتخلي عن الفن لصالح التمثيل أو التخلي عن التمثيل لصالح الفن. فالجمهور الذي أحبك في طابع سيبقى وفيا للصورة الأولى التي عرفك بها، ولن تتغير هذه الصورة. كيف تقيم الشابة سهام مسيرتها الفنية؟ أنا لا يمكنني أن أقدم عملا لست راضية عنه، شكلاً ومضموناً، لهذا فأنا راضية على هذه المسيرة رغم كل المطبات والعقبات التي مررت بها، لكن خلف كل عقبة هناك عبرة تجعلني أستفيد منها مرّة أخرى، فطريق الفن ليس بالطريق السهل. ولكني أحاول التعايش مع كل الظروف، فالفنان الذي ينحني أمام أول فرصة تعيق مسيرته لن يدوم طويلاً في هذا الوسط. هل جعلتك الإشاعات الكثيرة التي طالتك في مسيرتك الفنية، تفكرين في الاعتزال وترك هذا الوسط؟ ربما في بدايتي فكرة ترك هذا الوسط، واختيار طريق آخر غير هذا الطريق، ولكن اليوم أنا أكثر صلابة من أي إشاعة قد تطالني، فالدعم الكبير الذي ألقاه من عائلتي الصغيرة والكبيرة وجمهوري، يجعلني أكثر تواجدا في الساحة الفنية. وما رأيك في مستوى الأصوات الفنية النسائية الموجودة اليوم في الساحة الجزائرية؟ هناك أصوات لا بأس بها، ولكن هناك بعض الأصوات لا أعرف من أي باب دخلت إلى هذا العالم، وشخصيا أتأسف لحال الأغنية الجزائرية التي تؤديها الأصوات النسائية، فربما بعد سنوات لن يبقى في هذا الوسط إلا الأسماء التي لا علاقة لها بالفن. فهذه الأصوات لم تكتف باجترار أغاني غيرها، بل أصبحت تبدو صورة طبق الأصل للأصوات التي سبقتها، ولكنها صورة رديئة شوهت الوسط الفني والصوت النسوي فيه. كما أنني لا أعترف بهذه الأصوات التي تؤدي الأغنية الجزائرية وتختفي صاحباتها خلف آلة الروبوتيك وتقدم لهم أغاني بصوت مصطنع. لكن من يتحمّل مسؤولية هذا الوضع المأساوي الذي آلت إليه الأغنية الجزائرية النسوية؟ المسؤولية يتحمّلها بعض المنتجين الذين أصبحوا يبحثون عن الربح السريع على حساب البعد الفني والجمالي والأخلاقي، حيث أصبحت بعض الأصوات الفنية الدخيلة على الوسط، تقوم بتسديد نفقات تسجيل الأعمال التي هي في الغالب مسروقة كلمة ولحناً، غياب قانون أساسي للفن ونقابة حقيقة تدافع عن الفنان وفنه في الجزائر.. هي السبب وراء تنامي هذه الظاهرة. لأي الأصوات النسائية تميلين أكثر، وتفضلين التعامل معها في المستقبل لو أتيحت لك الفرصة؟ أنا أعشق صوت الشابة خيرة، فهي من أفضل وأهم الأصوات الفنية التي أنجبتها الجزائر، ورغم الشهرة الكبيرة التي نالتها هذه الفنانة إلا أنها كلما اشتهرت أكثر بقيت متواضعة، وإنسانية في علاقاتها مع الآخرين. ولو أتيحت لي الفرصة للتعامل معها لما ترددت للحظة، بل سأكون سعيدة بتعاون يجمعني بهذه النجمة التي لازالت سيدة الأغنية الجزائرية الرايوية بامتياز. هناك من يقول إن الفن في الجزائر لا يمكنه أن يفتح بيتا، أنت كيف ترين الفن؟ أنا قبل أن أتخذ من الفن مهنة، كانت بيني وبينه علاقة مودة ومحبة، هوس منذ الصغر، لهذا أنا لا يعنيني إن كان الفن سيفتح لي بيتا ويؤمن لي مستقبلي ومستقبل عائلتي أم لا، لكني من خلال نظرتي الشخصية لهذه القضية، للأسف الفن في الجزائر ليس كما في الغرب أو المشرق العربي، هو”ما يوكلش عيش”، مثلما يقولون، لأنه مرتبط بتسجيل أعمال فنية وإنتاجها ثم تسويقها، وهذا ليس بالأمر السهل، وبالتالي لا يمكن للفنان أن يعتمد عليها كمصدر وحيد للعيش. كيف تقضي الشابة سهام أيامها الرمضانية؟ ككل السيدات الجزائريات، أحاول قدر الإمكان التقليل من الحفلات والعمل خلال هذا الشهر، من أجل التفرغ لبيتي وأولادي، فأقضي أوقاتي كلها في المطبخ الذي أكون قد غبت عنه كثيراً خلال الشهور الماضية. أما في السهرة فأنا أميل أكثر للاستمتاع مع عائلتي وفي بيتي، أشاهد التلفزيون الجزائري وعدد من برامجه التي تعرض خصيصا للمشاهد الجزائري في رمضان، عدا ذلك فأحاول الاستفادة من هذا الشهر مع الأقارب والأهل إلى أقصى الحدود. وجديدك الفني ما هو؟ بعد انقضاء شهر رمضان الكريم، بحول الله، سأطرح ألبومي الجديد الذي سيضم 10 أغاني جديدة، في ذات الطابع الغنائي الذي اعتادني عليه الجمهور، سيكون فيه مواضيع اجتماعية، وعاطفية متنوعة. الألبوم سيكون موسوما ب”رجعت الماضي”، تعاملت فيه مع ذات الأسماء الموسيقية التي سبق أن قدمت معها أعمالي الأخيرة.