لاتزال ظاهرة البيع العشوائي للأدوية في صيدليات جيجل تتفاقم من سنة لأخرى، وهناك بعض الباعة العديمي الضمير والإنسانية من يبيعون أدوية خطيرة دون وصفة طبية وهمهم الوحيد هو الربح السريع، في ظل النمو الفطري للصيدليات في كل بلديات الولاية، ما نتج عنه مضاعفات خطيرة لدى مرضى يجهلون أن سبب أمراضهم المزمنة هي تناولهم لأدوية بدون وصفة طبية. وقد دق أطباء ولاية جيجل ناقوس الخطر الذي يهدد صحة المواطنين الذين يقتنون مختلف الأدوية من الصيدليات بدون وصفة طبية، أوما يسمى بالعلاج الذاتي “أوطومديكاسيو”، والذي غالبا ما يؤدي إلى مضاعفات عكسية وخطيرة على الصحة. وأشار الأطباء الذين التقت بهم “الفجر” من مختلف التخصصات “أن هناك المئات من النساء تعرضن لتشوهات جلدية وهشاشة في العظام، بسبب بحثهن عن السمنة والجمال والأناقة، باستعمال دواء “الديكزاميتازون” وحصولهن عليه مباشرة من الصيدليات دون استشارة طبية، وهي التشوهات الجلدية التي تكون دائمة ومزمنة وغير قابلة للعلاج. وقد دخل بعض أصحاب صيدليات الأعشاب على الخط في بيع هذا الدواء بأسعار مضاعفة ضاربين بأخلاقيات المهنة عرض الحائط، ولا علاقة لهم بالطب التقليدي، ما زاد من انتشار الظاهرة التي راح ضحيتها العديد من النساء والرجال. كما أشار الأطباء إلى “أن هناك استهلاكا عشوائيا وغير منظم، مثلا، لدواء “فولتاران”، وهو عبارة عن دواء مضاد للالتهابات يمكن أن يؤدي إلى داء القرحة المعدية بسسب الإفراط، كما حدث للشاب “عادل” الذي كلفه صرف الدواء من إحدى الصيدليات بدون وصفة المكوث بمستشفى جيجل لأزيد من 15 يوما وعلاج لأزيد من 03 أشهر بعد إصابته بنزيف حاد. وقد اتبع عادل هذه الطريقة حتى يتقشف في مصاريف العلاج، إلا أنه ضاعفها فيما بعد مئات المرات وندم على ذلك. وهو ما حدث لسعاد.. التي تناولت مضادا حيويا ولم تكمله وأصبحت تكرر العملية، ما ضاعف درجة مقاومة البكتيريا لمختلف المضادات الحيوية، الأمر الذي صعب على الأطباء معالجتها والتكفل الإيجابي بها. أما أحمد، فقد أدى استعماله المفرط لدواء الكورتيكويد للإصابة بداء السكري وارتفاع الضغط الدموي. وهناك العديد من الحالات التي ترقد في المستشفيات بسبب مضاعفات غير متوقعة لتناول أدوية بطريقة غير منظمة، وبدون استشارة المختصين. صيادلة يؤكدون بيعهم للأدوية دون وصفات في الحالات الاستعجالية وفي حديث “الفجر” مع عدة صيادلة بكل من الطاهير وجيجل، أكد لنا الجميع “أنهم يبيعون أدوية معينة بدون وصفات، وهي الأدوية التي يقرها القانون مع وجود بعض الحالات الاستثنائية التي تخص الحالات الاستعجالية”، وأشارت صيدلية بالطاهير إلى “أن هناك بعض الباعة بدون تكوين متخصص يبيعون الأدوية كالسلع، ما يؤدي في العديد من لمرات إلى مضاعفات خطيرة لدى مستعمليها، أي يغلبون الطابع التجاري على الضمير المهني. وقالت أخرى “إن لم أبع الدواء للزبون فإن صيدلية أخرى ستبيعه وبذلك تضيع فرصة للربح”، وهو ما يعني أن قطاع الصيدلة يسير بفوضوية ولا يتحكم فيه أصحاب الاختصاص، وهي ظاهرة خطيرة تستدعي إعادة النظر فيه من قبل وزارة الصحة حفاظا على سلامة المواطنين، كما تستدعي تنظيم أيام تحسيسية من مخاطر ظاهرة البيع بدون وصفة الذي تهدد الصحة العمومية في الجزائر!