“اتهام السلطات الليبية بتكرار سيناريو العقيد وتشويه صورة ليبيا الجديدة” دعت منظمة العفو الدولية، في تقرير جديد تحصلت “الفجر” على نسخة منه، المجلس الانتقالي الليبي للكف عن الاعتقال التعسفي وممارسة مختلف ألوان التعذيب والتنكيل ضد المعتقلين المحسوبين على العقيد معمر القذافي، الذين يوجد ضمنهم أطفال قصر، معتبرة ذلك إساءة جديدة لليبيا، وإعادة لسيناريو الانتهاكات التي ميزت عهد حكم معمر القذافي. واستنكرت المنظمة الحقوقية الطريقة التي يعتمدها المجلس الانتقالي الليبي في تعامله مع المعتقلين، الذين أوقف أغلبيتهم دون أحكام قضائية واضحة، وتم اقتيادهم إلى مراكز التعذيب من بيوتهم بطريقة تسيء لليبيا الجديدة. وعنونت المنظمة الحقوقية تقريرها الذي أعدته، يوم الخميس الموافق ل13 أكتوبر، ب”انتهاكات حقوق المعتقلين إساءة لليبيا الجديدة”. وذكرت الوثيقة أن السلطات الليبية تعتمد على نمط مطرد من “الاعتداءات بالضرب وسوء المعاملة التي يتجرعها الأسرى من جنود القذافي، والمعتقلين المشتبه في ولائهم له”، فضلا عن معاملة قاسية لمن تعتقد أنهم كانوا ضمن فريق المرتزقة المزعومين في غرب ليبيا. كما سجلت المنظمة، بعد الزيارة الميدانية التي قادت مندوبيها ل11 مركز اعتقال خلال الفترة الممتدة من 18 أوت إلى 21 سبتمبر، أدلة على ممارسة التعذيب بغرض انتزاع الاعترافات عنوة، والانتقام منهم. وأكدت حسيبة حاج صحراوي، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، أن هناك خطرا للاعتقال التعسفي والانتهاكات واسعة النطاق لحقوق المعتقلين في ليبيا، محذرة من تكرار بعض أنماط الماضي، ما لم يتم اتخاذ إجراء حازم وفوري. مذكرة في هذا الصدد بأن الاعتقالات التعسفية والتعذيب سمة مميزة لحكم العقيد القذافي. وقد سجلت المنظمة منذ أواخر شهر أوت المنصرم أن الميليشيات المسلحة اعتقلت نحو 2500 شخص في طرابلس والزاوية وحدها، حيث تم احتجاز المعتقلين خارج أية أوامر قضائية، وقام بتنفيذ هذه المهمة المجالس المحلية، أو المجلس العسكري المحلي، أو الكتائب المسلحة بمنأى عن أي قرار صادر من وزارة العدل. واستنادا إلى المقابلات التي أجرتها أمنستي، مع نحو 300 سجين، شهري أوت وسبتمبر، فقد اختطفوا من بيوتهم على يد أشخاص مجهولي الهوية، داهموا منازل من يُشتبه في أنهم من المقاتلين في صفوف القذافي، أو الموالين له، وقد تبين أن الأفارقة من دول جنوب الصحراء الكبرى، المشتبه في أنهم من المرتزقة، يشكلون ما يتراوح بين ثلث ونصف المعتقلين، وأطلق سراح بعضهم لعدم وجود أي أدلة تشير إلى صلتهم بالقتال. وسجلت المنظمة أن العديد من المعتقلين اضطروا للإدلاء بتصريحات كاذبة والاعتراف بالتهم التي وجهت إليهم كأنهم مرتزقة مثلا دون أن يكونوا كذلك، حتى يرفع عنهم التعذيب الذي تواصل لأيام عديدة. وأشار التقرير أن الليبيين السود هم الآخرون يتعرضون للانتهاكات بوجه خاص، ولا سيما مواطنو منطقة توارغة التي كانت قاعدة لقوات القذافي، حيث اقتيد العشرات من أبناء منطقة توارغة من منازلهم، ومن نقاط التفتيش، بل حتى من المستشفيات نحو المعتقلات. وتأسفت المنظمة للزج بأطفال مع البالغين، كما سجلت وضع نساء بالمعتقلات تحت إشراف حراس ذكور، الأمر الذي اعتبرته أمنستي غير مقبول. وخلص تقرير المنظمة لتوجيه دعوة للمجلس الوطني الانتقالي، للكف عن الاعتقالات خارج الأوامر القضائية، مع ضرورة إخضاع مراكز الاعتقال لإشراف وزارة العدل. وخيرت المنظمة الانتقالي الليبي بين السماح للمعتقلين بالطعن في قانونية اعتقالهم، أو الإفراج عنهم فورا.