الأحزاب الإسلامية الجزائرية تسوّق خطابا إيديولوجيا وثقافيا متخلفا يرى أعلية علاني، الباحث التونسي المختص في الإسلام السياسي بالمغرب العربي، أن نتائج الانتخابات التشريعية في الجزائر تشكل إضافة نوعية من حيث ارتفاع نسبة مشاركة ودخول حزب مقاطع وموجود في المعارضة هو جبهة القوى الاشتراكية السباق الانتخابي، لكنها لا تمثل تغييرا عميقا باعتبار أن "الكتلة الرئاسية القادمة ربما تكون نفس الكتلة القديمة وهو ما قد يجعل المواطنين لا يحسون بالتغيير، رغم إقرار الملاحظين الدوليين بنزاهة الانتخابات". ويرجع الأستاذ بجامعة منوبةالتونسية في حديثه ل"الفجر"، فشل الأحزاب الإسلامية في تحصيل نتائج إيجابية في الانتخابات التشريعية، خاصة بالنسبة لحركة مجتمع السلم، إلى عدة عوامل، بينها أن تجربة مشاركة حمس في الحكم قلص نسبيا من مردوديتها لدى الرأي العام، باعتبار أن تواجدها في الحكم لم يعط نتائج كبيرة وملموسة يحس بها الشعب، إلى جانب أن الحركة تعيش انشقاقات داخلية أثرت على شعبيتها. وأوضح أعلية علاني في هذا السياق أن منطق الخسارة والربح في الانتخابات هو عامل متغير وليس ثابتا، فبإمكان الأحزاب الإسلامية، وحتى بقية الأحزاب التي لم تحقق الفوز في السباق التشريعي، أن تطور نفسها على مستوى الخطاب والبرامج ، إلى جانب تطوير أساليبها في الدعاية التي لم توفق فيها الأحزاب الإسلامية أثناء الحملة الانتخابية. ويعتقد الباحث التونسي أن الأحزاب الإسلامية في المغرب العربي، سواء التي وصلت إلى الحكم مثل النهضة في تونس، أو تلك التي هي في طريقها إلى الحكم، كحزب العدالة والتنمية في المغرب، أو التي تحاول الوصول إلى السلطة مثل حركة مجتمع السلم وحليفيها أو جبهة العدالة والتنمية أو حركة التغيير، تعاني في الوقت الراهن من مشكل رئيس، يتمثل في افتقادها إلى برامج واضحة، فرغم أنها تملك خطابا سياسيا متقدما، إلا أنها تسوق خطابا إيديولوجيا وثقافيا متخلفا، خاصة ما تعلق بمسائل كحرية الفكر والمرأة. ويضيف المختص في الشأن السياسي الإسلامي بدول المغرب أن الأحزاب الإسلامية في الجزائر، بما فيها أحزاب تكتل "الجزائر الخضراء"، ليس لها برامج اقتصادية مقنعة، بل مجرد شعارات، كما أن أغلب البرامج التي عرضتها في الحملة الانتخابية للتشريعيات كانت متقاربة، إضافة إلى كون عملها الميداني خلالها كان مركزا في المدن بدلا من القرى والأرياف، التي تمثل ثقلا انتخابيا كبيرا، ونصح المتحدث هذه الأحزاب بتطوير مشروعها وخطاباتها. وعلق الباحث التونسي على رد فعل الأحزاب الإسلامية على نتائج الانتخابات، التي تميزت بعضها بالتهديد بتجنيد الشارع واستنساخ تجربة الثورة التونسية، كما جاء على لسان عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، بالقول: "إن هذه التصريحات تدخل في خانة الغضب، ولن تكون لها تداعيات على أرض الواقع، فالمعطيات السوسيولوجية في الجزائر تفيد بعدم قدرة الشيخ على دخول تجربة الثورة الشعبية الكبيرة"، ومرد ذلك في نظره، أن الشعب الجزائري غير قادر على الدخول في تجربة جديدة، تحيله إلى حالة الااستقرار مجددا، ومن جهة أن جاب الله ليس له القدرة على التعبئة وتهييج الشارع الجزائري. ويتوقع أعلية علاني أن لا يكون نظام الحكم القادم برلمانيا كما ينادي به الإسلاميون شرقا وغربا، فنتائج الانتخابات التشريعية لن تغير من طبيعة النظام الرئاسي القائم، لكن سيحدث تخفيف فيه من خلال تعزيز صلاحيات رئيس الحكومة الذي سيخلف الوزير الأول وإقرار توازن بين صلاحياته وصلاحيات رئيس الجمهورية، أي أن النظام المقبل سيكون "نظاما رئاسيا معدلا وليس نظاما رئاسويا"، كما أن رئيس الحكومة سيختار – حسبه بالتوافق - بين حزب الأغلبية الأفلان والأرندي.