كشفت نتائج التحقيق الذي قامت به النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية حول "ندرة الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية" بمؤسسات الصحة الجوارية والاستشفائية على مدار شهرين كاملين وعبر 21 ولاية على المستوى الوطني عن غياب كلي وندرة حادة ل 48 دواء ضروريا لا يمكن الاستغناء عنه في التكفل بصحة وعلاج المرضى والحالات الاستعجالية، لأسباب تبقى "مجهولة"، حسب النقابة، التي طالبت السلطات العمومية ورئيس الجمهورية بالتدخل العاجل للوقوف على حقيقة ما يجري في قطاع الصحة. التحقيق الذي قامت به النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية يعد الثاني من نوعه بعد الأول المتعلق بندرة اللقاحات، وقد مس 21 ولاية من 48 على مدار شهرين كاملين في الفترة الممتدة من 20 مارس إلى 20 ماي من العام الجاري على المستوى الوطني ويتعلق بالمناطق الشمالية الأكثر كثافة سكانية، والمناطق الداخلية والجنوبية. وخلصت نتائج التحقيق "إلى انعدام وفقدان وندرة حادة ل 48 دواء أساسيا بما فيها مستلزمات طبية تدخل في الاستعجالات الطبية والتي بينت نتائج تقارير مندوبي النقابة في الولايات التي شملها التحقيق أنها غائبة في مؤسسات الصحة الجوارية والمؤسسات الاستشفائية". وتظهر نسخة من التحقيق تسلمتها "الفجر" أمس أن 5 مواد من ضمن المستلزمات الطبية غير متوفرة منها حقن تستعمل للكشف عن مرض السل (tuberculine pour idr)، إضافة إلى نقص كبير فيها بمؤسسات الصحة الجوارية حتى وإن كان الأمر يتعلق ببرنامج وطني لمكافحة داء السل، كما شملت الندرة أيضا الورق الخاص بإجراء الأشعة على مستوى المصالح المعنية ومن كل الأحجام في المؤسسات الاستشفائية، إضافة إلى ندرة (الجيوب) أو أكياس التبرع بالدم ومواد تحليل (التحاليل البكتريولوجية) بالنسبة للمياه غير الصالحة للشرب والمأكولات، والمثلجات وهي كلها مواد يتم اقتناؤها من معهد باستور والصيدلية المركزية، ولظروف مجهولة تبقى هذه المواد غير متوفرة. أما بالنسبة للأدوية الأساسية المفقودة والتي توصل إليها التحقيق، حسب رئيس النقابة، الدكتور مرابط الياس، فيتعلق الأمر ب 43 دواء أساسيا، وفي مقدمتها دواء السل وهو واسع الاستعمال ويدخل في إطار البرنامج الوطني للسل كونه برنامج قائم بذاته، حيث تحول الى وباء واسع الانتشار بسبب ندرة الأدوية المضادة له، ويتعلق الأمر بصنفين من الأدوية مفقودين منذ أكثر من عام. وحذرت النقابة من هذه الندرة، مبينة أنه لما تتوفر الأدوية تكون بكميات قليلة وفي حال عدم حقنها في آجالها تجعل الجرثوم المسبب للمرض يكتسب مقاومة وبعدها لا يحقق الدواء مفعوله. كما طالت الندرة أيضا مختلف أصناف مواد التخدير ومنها 6 أنواع تستعمل في العمليات الجراحية والختان والجروح التي تسببها الآلات الحادة وحوادث المرور وعمليات التوليد وحتى العمليات القيصرية للنساء الحوامل. أما بالنسبة لمرضى القلب فخلص التحقيق إلى تسجيل ندرة حادة في 6 أنواع من الأدوية تتعلق بالضغط الدموي والأزمات القلبية الحادة والاستعجالات القلبية. وبشأن الأدوية المضادة للالتهابات، نجد 3 أنواع غائبة تماما وإن وجدت بكميات قليلة وهي الأكثر استعمالا. أما بالنسبة لأمراض الجهاز الهضمي فعددها 3 أنواع تستعمل لعلاج القرحة المعدية وآلام الجهاز الهضمي والنزيف الدموي للجهاز الهضمي. ولم تسلم الأدوية الموجهة لأمراض النساء والتوليد من الندرة وهي 3 أنواع تتعلق بحبوب منع الحمل بمختلف أشكالها وغير موجودة على مستوى المصالح، ولعلاج الأمراض التنفسية نجد غياب 3 أدوية خاصة بمرض الربو والمعروف بالأزمة التي يسببها للمريض المصاب تستدعي التدخل في مصالح الاستعجالات. كما سجل التحقيق، حسب المتحدث، ندرة في المضادات الحيوية وعددها 4، وهي كثيرة الاستعمال خاصة في مصالح الأمراض المعدية، كما تم تسجيل ندرة في الأمصال ومختلف أصناف "السيروم" المفتقدة وبلغ عددها 4. وبين التحقيق ندرة حادة في أدوية طب العيون وعددها 3 أدوية منها ما يستعمل للتشخيص ومنها الموجه للعلاج مباشرة وفي الأمصال الموجهة ل"التيتانوس"، واللسعات العقربية وهي مواد تستعمل خلال اللحظات الأولى بعد الإصابة، كما تستخدم لدى المصابين بجروح بآلات حادة صدئة، أو عضات حيوانات مفترسة، إضافة إلى تسجيل ندرة في الأدوية الخاصة بعلاج السرطان وتضم القائمة 5 أدوية وغيابها يطرح العديد من التساؤلات. وفي تعليقه على التحقيق، قال رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، الدكتور مرابط الياس، إن وزير الصحة "أغلق أبواب الحوار والاتصال ويريد باستمرار أن يعطي الانطباع بأن كل شيء إيجابي في قطاعه ويرفض التطرق وكشف السلبيات. وعليه نناشد رئيس الجمهورية التدخل والوقوف على ما يجري في المنظومة الصحية وإيجاد حلول مستعجلة حتى نخرج من دائرة العلاقة المتأزمة تجاه المريض وأمام أخلاقيات المهنة التي تستدعي حسب قانونها 276/92 الصادر في مرسوم تنفيذي في مادتيه 13، 14، والمادة 17 أن يمارس الطبيب مهما كان اختصاصه مهامه في ظروف جيدة، لكن نحن نجد العكس ونأمل في أن تكون الحلول التي ستقدمها السلطات العمومية وفق آجال محترمة".